]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺩ .ﻣﻌﺘﺼﻢ ﲬﻴﺲ ﻣﺸﻌﺸﻊ
)(
*
ﺍﺛﺒﺎﺕ ﺍﳉﺮﳝﺔ ﺑﺎﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ
ﻣن
ovfÖ]“~×Ú
ﻣن ﻏﻳر اﻟﻣﻣﻛن إﻧﻛﺎر آﺛﺎر اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ ،وﻋﻠﻰ
وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﻧظرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ .واﻟﺣق أن ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت
اﻟذي ﻫو اﻟرﻛﻳزة اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻫذﻩ اﻟﻧظرﻳﺔ ﻋﻠﻳﻬﺎ ،ﻳﺳﻣﺢ ﺑﺎﺳﺗﺧدام واﺳﻊ ﻟﻸدﻟﺔ
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ؛ ﺑﻳد أن ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻻﺳﺗﺧدام ﻳﻣﺛﻝ أﻳﺿﺎً ﺗﺣدﻳﺎً ﻣﻬﻣﺎً ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗرﺗب
ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺑﻌض اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻹﺟراﺋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن ﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ .ﻓﺎﻟﺗوازن
ﺑﻳن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻔرد ﺑﺄن ﺗﺑﻘﻰ ﺣﻘوﻗﻪ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ
ﻣﺻﺎﻧﺔ ﻳﻣﺛﻝ ﺟوﻫر اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ .ﻓﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗﺗﻧﺎوﻝ ﺗطﺑﻳق ﻣﺑدأ
ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،وﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ أﺧرى ﺗﺗﻧﺎوﻝ اﻟﺗﺿﻳﻳق اﻟواﺟب ﻓﻲ ﺗطﺑﻳق
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻧطوي اﻟدﻟﻳﻝ ﻋﻠﻰ إﻫدار ﺣق ﻣن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،ﺣﻳث ﻻﻳﻛون ﻣﻣﻛﻧﺎً
اﺳﺗﺑﻌﺎد ﻫذﻩ اﻟدﻟﻳﻝ ﺑﺻورة آﻟﻳﺔ وﺑﺷﻛﻝ ﻣطﻠق ﺗﺣت ذرﻳﻌﺔ ﺻﻳﺎﻧﺔ ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن؛ وذﻟك ﻷن
ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻻﺳﺗﺑﻌﺎد ﺳﻳؤدي ﻹﻫدار ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟراﺋم ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ
اﻟﺧﺻوص اﻟﺧطﻳرة ﻣﻧﻬﺎ ،أي ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻣﺛﻝ ﺗﻠك ﺧط ارً ﺷﺎﻣﻼً ﻳﻬدد ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﺄﺳرﻩ.
) (أﺳﺗﺎذ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ اﻟﻣﺷﺎرك–ﺟﺎﻣﻌﺔ آﻝ اﻟﺑﻳت -ﻛﻠﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧون -اﻟﻣﻣﻠﻛﺔ اﻷردﻧﻳﺔ اﻟﻬﺎﺷﻣﻳﺔ
* أﺟﻳز ﻟﻠﻧﺷر ﺑﺗﺎرﻳﺦ .٢٠١٢/٦/٣
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٢١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
]VíڂϹ
ﻣوﺿــوع اﻷدﻟــﺔ اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ ﻣــن اﻟﻣواﺿــﻳﻊ اﻟﺗــﻲ ﻫــﻲ ﻓــﻲ ﺗطــور ﻣﺳــﺗﻣر .وﻳظﻬــر ﺻــدق ﻫــذﻩ
اﻟﻣﻼﺣظﺔ ﺳواء أﺗﻌﻠﻘت ﺑﺎﻟدﻟﻳﻝ ﻧﻔﺳﻪ ،أم ﺑوﺳﺎﺋﻝ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟدﻟﻳﻝ.
واﻟﺣق أن رﻏﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ ﺣق ،ﺗﻣﺛﻼ ﻳﻌﺗورﻫﺎ ﺷك ﻫــﻲ اﻟﺳــﺑب اﻷﻫــم اﻟــذي
أﺑﻘﻰ ﻣوﺿوع اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ ﺣراك ﻣﺳﺗﻣر؛ﻓﺎﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ ﻛﺎﻧــت دوﻣـﺎً اﻟﻐﺎﻳــﺔ
اﻟﻘﺻوى اﻟﺗﻲ ﻳراد ﻣن اﻷدﻟﺔ ﺗﺣﻘﻳﻘﻬﺎ.
وﻳﻌﻠﻣﻧﺎ ﺗــﺎرﻳﺦ اﻹﺟـراءات اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ أن ﺗﺑــدﻝ أدﻟــﺔ اﻹﺛﺑــﺎت اﻟﺗــﻲ ﺳــﻌت اﻟﻣﺟﺗﻣﻌــﺎت اﻹﻧﺳــﺎﻧﻳﺔ
ﻛﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻋﺗﻣﺎدﻫﺎ ﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ﻳﻌود إﻟﻰ اﻟﺗﻐﻳﻳر ﻓﻲ ﻣﻌﺗﻘدات ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺣــوﻝ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ
واﻟوﺻــوﻝ إﻟﻳﻬــﺎ) .(١ﻓﻘــدﻳﻣﺎً ﻋﻧــدﻣﺎ طﺑــﻊ اﻟــدﻟﻳﻝ طﺎﺑﻌ ـﺎً دﻳﻧﻳ ـﺎً ،ﺗﻣﺛــﻝ اﻟــدﻟﻳﻝ ﻓــﻲ ﺣﻛــم اﻵﻟﻬــﺔ اﻟﺗــﻲ
ﻳطﻠب ﻣﻧﻬﺎ أن ﺗظﻬر ﻣن اﻹﺷﺎرات اﻟﺗﻲ ﺗدﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺟــﺎﻧﻲ ﻣرﺗﻛــب اﻟﺟرﻳﻣــﺔ وﺗﺳــﻣﺢ ﺑﺈداﻧﺗــﻪ .ﺛــم
ﻣــﻊ ظﻬــور ﻧظــﺎم اﻹﺛﺑــﺎت اﻟﻘــﺎﻧوﻧﻲ ،اﻟــذي ﺑــرز ﻓــﻲ ظــﻝ اﻹﻣﺑراطورﻳــﺔ اﻟروﻣﺎﻧﻳــﺔ ,ﻏــدا اﻻﻋﺗـراف
ﺳ ــﻳد اﻷدﻟ ــﺔ .وﻛﺎﻧ ــت اﻹﺟـ ـراءات اﻟﺗ ــﻲ ﻗﺎﻣ ــت ﻓ ــﻲ ذﻟ ــك اﻟﻌﺻ ــر ﻋﻠ ــﻰ اﻟﻧظ ــﺎم اﻟﺗﻔﺗﻳﺷ ــﻲ ،ﺗﺷ ــرع
اﺳــﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺗﻌــذﻳب ﻣــن أﺟــﻝ اﺳــﺗﺧراج ﻫــذا اﻻﻋﺗـراف ﻣﻣــن ﻳﻌﺗﻘــد ﺑﺄﻧــﻪ ﻣرﺗﻛــب اﻟﺟرﻳﻣــﺔ .ودﻓﻌــت
ردة اﻟﻔﻌﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺳوة اﻟﺗﻲ ﺳﺎدت اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﻳﻣــﺔ إﻟــﻰ ظﻬــور ﻋﺻــور ﺳــﺎدﺗﻬﺎ اﺗﺟﺎﻫــﺎت أﻛﺛــر
إﻧﺳﺎﻧﻳﺔ ،ﻓﺷﻬدت ﻫذﻩ اﻟﻌﺻــور ﺗﻛرﻳﺳـ ًﺎ ﻟﻠﺣﻛــم اﻟﺟ ازﺋــﻲ اﻟﻣﺑﻧــﻲ ﻋﻠــﻰ اﻟﻘﻧﺎﻋــﺔ اﻟوﺟداﻧﻳــﺔ ﻟﻠﻘﺎﺿــﻲ.
وأﻣــﺎ آﺧــر ﻣ ارﺣــﻝ ﺗطــور اﻟــدﻟﻳﻝ ﻓﺗﻣﺛﻠــت ﺑﻣــﺎ ﻳﻣﻛــن أن ﻳطﻠــق ﻋﻠﻳــﻪ ﻣرﺣﻠــﺔ اﻟــدﻟﻳﻝ اﻟﻌﻠﻣــﻲ ،ﻫــذﻩ
اﻟﻣرﺣﻠــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻳﺷــﻬد ﺑــداﻳﺎﺗﻬﺎ ﻋﺻـرﻧﺎ اﻟﺣــﺎﻟﻲ ،وﺳــﺗﺣﻛم ﻋﻠــﻰ ﻣــﺎ ﻳﻌﺗﻘــد ﻛﺛﻳــرون ،ﻣﺳــﺗﻘﺑﻝ ﻧظرﻳــﺔ
اﻹﺛﺑﺎت.
BOUZAT P. , ” La loyaute dans la recherche des preuves, Melanges Hugueney, Sirey 1964, p.
157, no. 3
٢٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(1
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻗــد ارﺗــﺑط ،ﻛﻣــﺎ أﺳــﻠﻔﻧﺎ ،ﺗطــور اﻟﺑﺣــث ﻋــن اﻟوﺳــﺎﺋﻝ اﻟﺗــﻲ ﺗﺻــﻠﺢ ﻟﻺﺛﺑــﺎت اﻟﺟ ازﺋــﻲ ارﺗﺑﺎطـﺎً
وﺛﻳﻘ ـﺎً ﻓــﻲ اﻟﺣﺎﺟــﺔ ﻟﻠوﻗــوف ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘــﺔ ﺑﺎﻟﺟرﻳﻣــﺔ واﻟﻣﺟــرم .وﻋﻠــﻰ اﻟــرﻏم ﻣــن أن ﻣﺑــدأ
ﺣرﻳــﺔ اﻹﺛﺑــﺎت اﻟــذي ﻳﻌــد ﺣﺟــر اﻟزاوﻳــﺔ ﻓــﻲ اﻟﺑﻧــﺎء اﻟــذي ﺗﻘــوم ﻋﻠﻳــﻪ ﻧظرﻳــﺔ اﻹﺛﺑــﺎت اﻟﺟ ازﺋــﻲ ،ﻫــذا
اﻟﻣﺑدأ اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻟﻳس ﻟدﻟﻳﻝ ﻗوة ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت أﻛﺑر ﻣن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻟﻐﻳرﻩ ﻣن اﻷدﻟﺔ ،ﻓــﺈن
ﺿرورة اﻟوﻗوف ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ ﻛﺎﻧــت ﺗﺳﺗﺣﺿــر ﻋﻠــﻰ اﻟــدوام ،ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺳــﺗوى اﻟﻧظــري أو اﻟﻔﻠﺳــﻔﻲ
ﻋﻠــﻰ أﻗــﻝ ﺗﻘــدﻳر ،ﺗﺳــﺎؤﻻ ﻣﺷــروﻋﺎً :أﻻ ﻳﻣﻛــن اﻻﻋﺗﻘــﺎد ﺑــﺄن ﻟــدﻟﻳﻝ أن ﻳﺗﻣﻳــز ﻋﻠــﻰ ﻏﻳ ـرﻩ ﺑﻣﻘــدرة
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ؟ وﻋﻧد إﺟﺎﺑﺔ ﻫــذا اﻟﺗﺳــﺂوﻝ ﺑﺎﻹﻳﺟــﺎب ﻳظﻬــر اﻟﺗﺳــﺎؤﻝ اﻟﻣﻧطﻘــﻲ اﻵﺧــر:
ﻣﺎ ﻫو ﻫذا اﻟدﻟﻳﻝ؟
واﻟﺣــق أﻧــﻪ ﺑﺎﻹﻣﻛــﺎن ،ﻣــن ﻣﻧظــور ﺗــﺎرﻳﺧﻲ ﻋﻠــﻰ اﻷﻗــﻝ إﺟﺎﺑــﺔ ﺗﺳــﺎؤﻟﻧﺎ ﺑﺎﻹﻳﺟــﺎب .ﻓﻘــدﻳﻣﺎً
ﺳــﻳدت اﻷﻧظﻣــﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳــﺔ اﻻﻋﺗ ـراف ﻋﻠــﻰ اﻷدﻟــﺔ ﻛﺎﻓــﺔ .وﻳﺷــﻬد واﻗــﻊ اﻟــدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ ﻓــﻲ وﻗﺗﻧــﺎ
اﻟراﻫن أﻫﻣﻳﺔ اﻻﻋﺗﻣﺎد ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻬﺎدة ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت .وﺑﺳﺑب اﻟﺗطــور اﻟﻌﻠﻣــﻲ ﻓــﺈن اﻟﻘـراﺋن ﻫــﻲ اﻟﺗــﻲ
ﺳﺗﺣوز ﻋﻠﻰ ﺟﻝ اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻣﺳﺗﻘﺑﻼً ).(٢
ﺑﻳد أن ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﻌض ﺗدﻗﻳق.
ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺻﺣﻳﺣﺎً اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن اﻻﻋﺗراف اﺣﺗﻝ ﻓﻲ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣﻛﺎن اﻟﺳﻳﺎدة ﻓــﻲ ﻣواﺟﻬــﺔ اﻷدﻟــﺔ
اﻷﺧــرى ،ﻏﻳــر أن اﻟﺷــك ﺑﺻــدق اﻻﻋﺗـراف ﺷــﻛﻝ ﻋﻠــﻰ اﻟــدوام ﻫﺎﺟﺳـﺎً ،وﻟــم ﻳﻛــن ﻣﺳــﺗﺑﻌداً ﺑﺷــﻛﻝ
ﻣطﻠق اﻟﺗوﺟس ﻓﻲ أن ﻳﻛون اﻻﻋﺗراف وﻟﻳد ﺿﻐط أو إﻛراﻩ).(٣
وﺻـ ــﺣﻳﺢ أﻳﺿ ـ ـﺎً أن اﻟﺷـ ــﻬﺎدة ﺗﺣﺗـ ــﻝ ﺣﺎﻟﻳ ـ ـﺎً اﻟﺣﻳـ ــز اﻷﻫـ ــم ﻣـ ــن اﻟﺗﻧظـ ــﻳم اﻹﺟ ارﺋـ ــﻲ اﻟﺟ ازﺋـ ــﻲ
ﻟﻺﺛﺑ ــﺎت) ،(٤وأن ﺧﺷ ــﻳﺔ اﻟﻠﺟ ــوء إﻟ ــﻰ اﻹﻛـ ـراﻩ ﻣ ــن أﺟ ــﻝ اﻟﺣﺻ ــوﻝ ﻋﻠ ــﻰ اﻟﺷ ــﻬﺎدة أﻗ ــﻝ ﻣﻧﻬ ــﺎ ﻓ ــﻲ
PRADEL J. ,Procedure penale,CUJAS, 10 eme ed. ,2001, p. 332,no. 387
)(2
) (٣وﻫذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺳر ﻟﻧﺎ ﺳﺑب ﺗرك اﻟﻣﺷرع ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻛﺎﻣﻝ ﺳﻠطﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻻﻗﺗﻧﺎع ﺑﺎﻻﻋﺗرافٕ ” ،واذا ﻟم
ﺗﻘﻧﻊ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺑﺎﻻﻋﺗراف ﺗﺷرع ﻓﻲ اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ ﺷﻬود اﻹﺛﺑﺎت” اﻟﻣﺎدة ) (٤/٢١٦ﻣن ق .إ .ج .أ.
) (٤ﻣن ﺑﻳن ﺛﻣﺎﻧﻲ ﻋﺷرة ﻣﺎدة وردت ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻟﺑﻳﻧﺎت )اﻟﻣواد ﻣن ١٤٧إﻟﻰ (١٦٥ﺧص اﻟﻣﺷرع اﻟﺷﻬﺎدة
ﺑﺗﺳﻊ ﻣواد ﺗﻧظم أﺣﻛﺎﻣﻬﺎ.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٢٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
اﻟوﺻــوﻝ إﻟــﻰ اﻻﻋﺗـراف .وﻟرﺑﻣــﺎ ﻛﺎﻧــت ﻫــذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ وراء اﻟــﻧص ﻋﻠــﻰ أﻧــﻪ ﻳﺗﻌــﻳن ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺣﻛﻣــﺔ
)(٥
اﻟﺗﻲ ﻟم “ﺗﻘﻧــﻊ ﺑــﺎﻋﺗراف اﻟﻣــﺗﻬم”
أن ﺗﺷــرع ﻓــﻲ اﻻﺳــﺗﻣﺎع إﻟــﻰ ﺷــﻬود اﻹﺛﺑــﺎت) .(٦ﻟﻛــن ﺑﺎﻹﻣﻛــﺎن
اﻟﺷك أﻳﺿﺎً ﺑﺻدق اﻟﺷﻬﺎدة .وﻳﻌود ﺳﺑب ذﻟك إﻟﻰ ﺟﻣﻠــﺔ ﻋواﻣــﻝ ﻗــد ﻳﻣﺛــﻝ ﺿــﻌف إدراك اﻟﺷــﺎﻫد
أو ﺗﻌﻣدﻩ اﻟﻛذب أﻫﻣﻬﺎ.
وﻟﻛــﻝ ﻣــﺎ ﺗﻘــدم ﻣــن أﺳــﺑﺎب وﺣﻘــﺎﺋق أﺻــﺑﺢ اﻟــﺑﻌض ﻳﻌﺑــر ﻋــن اﻷﻣــﻝ ﻓــﻲ أن ﺗﺻــﺑﺢ اﻟﻘ ـراﺋن
اﻟﻣﺳﺗﺧﻠﺻــﺔ ﺑــﺎﻟطرق اﻟﻌﻠﻣﻳــﺔ وﺳــﻳﻠﺔ اﻹﺛﺑــﺎت اﻟﺗــﻲ ﺗﺑﻧــﻰ ﻋﻠﻳﻬــﺎ اﻷﺣﻛــﺎم اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ .ﻓﻳﺳــﺗﻧد ﻫــؤﻻء إﻟــﻰ
اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن ﻣﺎ ﻳﻣﻳز ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻘراﺋن ﻋن أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻷﺧرى ﻫو ﻋدم إﻣﻛﺎﻧﻳــﺔ ﻛــذب ﻫــذا اﻟﻧــوع
ﻣن اﻷدﻟﺔ .ﻏﻳر أن ﻫذا اﻟرأي ﻻ ﻳﺧﻠو ﻣن ﻣﺑﺎﻟﻐﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟدور اﻟذي ﻳﻣﻛن أن ﺗؤدﻳﻪ اﻟﻘراﺋن ﻓﻲ
اﻹﺛﺑﺎت .ﻓﻳﺗﻌﻳن اﻟﺗﺄﻛﻳد ﻋﻠﻰ أن اﻷﻣر ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻘراﺋن ،واﻟﻘرﻳﻧﺔ دﻟﻳﻝ ﻏﻳر ﻣﺑﺎﺷرٕ .واذا ﻛﺎﻧت اﻟﻘرﻳﻧــﺔ
ﻻ ﺗﻛذب ﻓﻬــذا ﻷﻧﻬــﺎ ﻓــﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘــﺔ ﻻ ﺗﻔﺻــﺢ ﺑــذاﺗﻬﺎ ﻋــن ﺷــﻲء) ،(٧وﻣــن أﺟـﻝ اﺳــﺗﻧطﺎق اﻟﻘرﻳﻧــﺔ ﻳﺗﻌــﻳن
اﻻﺳــﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑــﺎﻟﺧﺑراء أو إﻋﻣــﺎﻝ اﻻﺳــﺗﻧﺑﺎط اﻟﻌﻘﻠــﻲ ،وﻛﻠﺗــﺎ اﻟوﺳــﻳﻠﺗﻳن ﻻ ﺗﻘــدم ﺿــﻣﺎﻧﺔ أﻛﻳــدة ﺑــﺄن اﻟﺣﻛــم
اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻘرﻳﻧﺔ ﻳﺗﺿﻣن ﺣﻘﻳﻘﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻻ ﻳﻣﻛن أن ﻳﻌﺗورﻫﺎ ﺷك.
وﺗﺗﺟﻠﻰ أﻫﻣﻳﺔ اﻟﺟدﻝ اﻟﺳﺎﺑق ﻓﻲ أﻧﻪ ﻳﺟﺳد ﺑﻌﺿﺎً ﻣن أوﺟﻪ ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣــﻲ واﻟﺗﻛﻧوﻟــوﺟﻲ
ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ ،وﻳظﻬر ﻋدﻳد اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن أن ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ذﻟك.
ﻓﻳطرح اﻟﺗﻘدم اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ ﺗﺣدﻳﺎت ﻛﺑﻳرة وﻳﺛﻳر ﺗﺳﺎؤﻻت ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﺟزاﺋﻲ ﺑﺷﻘﻳﻪ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ واﻹﺟراﺋﻲ.
ﻓﻣن ﺟﻬﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻳﺑﻘﻰ داﺋﻣﺎً اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ﺣوﻝ ﻣدى ﻗﺎﺑﻠﻳﺔ ﻧص اﻟﺗﺟرﻳم
ﻟﻠﺗطﺑﻳق -دون إﺧﻼﻝ ﺑﻣﺑدأ ﺷرﻋﻳﺔ اﻟﺟراﺋم واﻟﻌﻘوﺑﺎت -ﻋﻠﻰ ﻓﻌﻝ اﺳﺗﺧدم اﻟﺟﺎﻧﻲ ﻓﻲ ارﺗﻛﺎﺑﻪ
وﺳﻳﻠﺔ ﺗﻘﻧﻳﺔ ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌروﻓﺔ ﺣﻳﻧﻣﺎ ﺷرع ﻫذا اﻟﻧص وأﺻﺑﺢ ﻧﺎﻓذاً.
) (٥اﻟﻣﺎدة ) (٢١٦ق .إ .ج .أ
) (٦اﻟﻣﺎدة ) (٤/١٧١ق .إ .ج .أ
(7) RASSAT M-L, Procedure penale, PUF,2eme ed. ,1995,p. 325,no. 206.
٢٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ اﻹﺟراﺋﻲ ﻳﺛور اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ﺣوﻝ إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟرﻛون داﺋﻣﺎً إﻟﻰ ﻣﺑدأ
ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻟﻘﺑوﻝ أي دﻟﻳﻝ ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف ﻋﻠﻣﻲ أو ﺗﻘﻧﻲ ﻣﺳﺗﺣدث .ﻓﺈﻟﻰ أي ﻣدى
ﺗﺟﻳز ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﺣﺗﻰ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ اﻋﺗداء
ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق أﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن).(٨
وﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻣراﻗب أن ﻳﻠﺣظ اﻟﺗﻧﺎﻣﻲ ﺣﺎﻟﻳﺎً ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻛﺛﻳر ﻣن اﻟدوﻝ ﻧﺣو اﻟرﻓﻊ ﻣن ﺷﺄن
ﺿرورة إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔٕ ،وان ﺗﺗطﻠب ذﻟك اﻟﺗﺟﺎوز ﻋن ﺑﻌض اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺣﻛﻣت ﺗﻘﻠﻳدﻳﺎً اﻟﺑﺣث
اﻋﺗداء ﺷﺎﻣﻼً ﻋﻠﻰ
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ .ﻓﺎزدﻳﺎد ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺟراﺋم ،وارﺗﻔﺎع ﺣﺟم ﺧطورﺗﻬﺎ ،ﻛﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻝ
ً
ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻣﺛﻝ اﻹرﻫﺎب أو اﻻﺗﺟﺎر ﺑﺎﻟﻣﺧدرات أو ﻏﻳرﻫﺎ ﻣن اﻟﺟراﺋم اﻟﻌﺎﺑرة ﻟﺣدود
اﻟدوﻝ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻝ ﻋﺎﻣﻼً ﺣﺎﺳﻣﺎً ،دﻓﻊ ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﺗﻧﺎﻣﻲ اﻟﻔﻛرة اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ :ﺿرورة اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﺗﺟﺎوز ﻋن ﺑﻌض اﻟﻣﺑﺎدئ اﻹﺟراﺋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﺑر ﺿﻣن اﻟﻣﻌﺎﻳﻳر اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم
ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣﻔﻬوم اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ).(٩
وﻗد ﻳﻌﺗﻘد اﻟﺑﻌض أن ﻫذﻩ اﻟظﺎﻫرة ﻟﻳﺳت ﻓﻲ ﺣﻘﻳﻘﺗﻬﺎ ﺣدﻳﺛﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻫﻲ ﻣﺟرد ﺗطﺑﻳق
ﻟﻠﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺑدأﻳن اﻷﺳﺎﺳﻳﻳن اﻟﻠذﻳن ﻳﺣﻛﻣﺎن ﺗﻘﻠﻳدﻳﺎً ﻧظرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ :ﻗرﻳﻧﺔ
اﻟﺑراءة وﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت؛ ﺣﻳث ﻳﺿطﻠﻊ اﻟﻣﺑدأ اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﺗﺻﺣﻳﺢ ﺻﻌوﺑﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻧﺟم ﻋن
ﺗطﺑﻳق اﻟﻣﺑدأ اﻷوﻝ)(١٠؛ ﻟذا ﻛﻠﻣﺎ زادت ﺻﻌوﺑﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﺗطﻠب اﻷﻣر ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ﺗﺳﺎﻫﻼ أﻛﺑر ﻓﻲ
اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ).(١١
(8) AMBROISE-CASTEROT. Recherch et administration des preuves en procedure penale:
la quete de la verite,A. J. pen. 2005,no. 7-8, p261.
) (٩ﻧﻘﺻد اﻟﻣﻔﻬوم اﻟواﺳﻊ ﻟﻠﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ،ﺣﻳث ﻳﺗﺳﻊ ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ وﻓﻘًﺎ ﻟﻬذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻟﻛﻲ ﻳﺷﻣﻝ ﺟﻣﻳﻊ
ﻣراﺣﻝ اﻟدﻋوى ﺑﻣﺎ ﻓﻳﻬﺎ ﺗﻠك اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ.
) (١٠ﺗﻌﻧﻲ ﻗرﻳﻧﺔ اﻟﺑراءة ﺗﺣﻣﻝ اﻟﻣدﻋﻲ ﻋبء إﺛﺑﺎت اﻹداﻧﺔ .ﻓﻼ ﻳﻧﺣﺻر إذن -ﺿﻣن ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم -ﺗطﺑﻳﻘﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ ٕواﻧﻣﺎ ﻳﻣﺗد اﻟﺗطﺑﻳق ﻟﻠﻘواﻧﻳن اﻷﺧرى طﺎﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﻣدﻋﻲ إﺛﺑﺎت ادﻋﺎﺋﻪ.
ﻏﻳر أن ﻋبء إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻳﺑدو ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻣوم أﻛﺛر ﺛﻘﻼً ﻣن ﻋبء إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻷﺧرى ،وذﻟك
ﺑﺳﺑب ﺗطﺑﻳق ﻗﺎﻋدة أن اﻟﺷك ﻳﻔﺳر ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺗﻬم.
AMBROISE-CASTEROT,op. cit.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(11
٢٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻏﻳر أن ﻫذﻩ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟطردﻳﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺑدأﻳن ،واﻟﺟدﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﺗطﺑﻳﻘﻬﻣﺎ ،ﻟﻳﺳت ﻣﻧﻔﻠﺗﺔ ﻣن
أي ﻋﻘﺎﻝٕ ،واﻧﻣﺎ ﻻ ﺑد أن ﻳﺣﻛﻣﻬﺎ ﺗﺣﻘﻳق اﻟﺗوازن ﺑﻳن طرﻓﻲ اﻟدﻋوى :اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟذي ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻳﻪ ﻋبء
اﻹﺛﺑﺎت ،واﻟﻔرد اﻟذي ﺗﺟري ﻣﻼﺣﻘﺗﻪ؛ ﺣﻳث ﻳؤدي اﻟﻘوﻝ ﺑﺣرﻳﺔ إﺛﺑﺎت ﻣطﻠﻘﺔ إﻟﻰ إﻫدار ،أو
اﻧﺗﻘﺎص ،ﻣن ﺿرورة أن ﺗﻛون اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ﻋﺎدﻟﺔ ،وذﻟك ﺑﺳﺑب اﻻﺧﺗﻼﻝ اﻟواﺿﺢ ﻓﻲ ﻣﻳزان اﻟﻘوة ﺑﻳن
اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻠﻛﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻟﻺﺛﺑﺎت ،وﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﺣوزة اﻟﻔرد ﻟدﻓﻊ اﻟﺗﻬﻣﺔ.
وﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﻫذا اﻟﺗﺳﺎؤﻝ اﻟﻣﺣوري اﻟذي ﻳدور ﺣوﻝ ﺟواز اﻟﺗﺿﺣﻳﺔ ﺑﺣﻘوق اﻷﻓراد ﺗﺣت
ذرﻳﻌﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،ﺗطرح ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺗﺳﺎؤﻻت اﻷﺧرى؛ أﻫﻣﻬﺎ :ﻫﻝ ﻳﺳﺎﻫم ﻓﻌﻼً اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻣن ﺧﻼﻝ وﺳﺎﺋﻝ ﺗﻔﺗﻘر ﻟﻠﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ؟ ٕواذا ﻛﺎن ﻟﻠﺗﻘدم اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻷﺛر
اﻷﻛﺑر ﻓﻲ دﻋم اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻧﺣو اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻳﻌﺗورﻫﺎ اﻟﺷك ،أﻓﻼ ﺗوﺟد ﻣﺧﺎطر
ﻗد ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺳﻳﺎدة اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺎﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ؟
ﻫﻣﺎ:
وﺗرﻣﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ إﻟﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت ،وﺳﻧﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ذﻟك اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻓرﺿﻳن،
اﻟﻔرض اﻷوﻟﻰ :اﻟﺗطور اﻟﺣﺎﺻﻝ ﻓﻲ أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت ،ﺣﻳث ﻳﻧﺟم ﻋن ﻫذا اﻟﺗطور أوﻻً اﺗﺳﺎع
ﺣﺟم اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻏدت ﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ .وﻣﻌﻠوم أن اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﻳﺳﻲ وراء ﻫذﻩ اﻟﺻورة
ﻣن اﻟﺗطور ﻫو اﻟﺗﻘدم اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻘﻧﻲ .وﻻﻧرﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﻔرض ،إﻟﻰ دراﺳﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻟذاﺗﻬﺎ ،ﻓﻘد ﺗﻧﺎوﻟت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟدراﺳﺎت واﻷﺑﺣﺎث واﻟﻣؤﺗﻣ ارت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔٕ ،واﻧﻣﺎ
ﻧرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻧﺎوﻝ وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣﺳﺎﺳﻬﺎ ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻛﺎﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة
اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد .وﺳﻳﺗم ذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ اﻓﺗراض ﻗﺑوﻝ اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت
اﺳﺗﻧﺎداً ﻟﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت.
اﻟﻔرض اﻟﺛﺎﻧﻲ :اﻟﺗﻐﻳﻳر ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ .ﻓﺎﻟﺗطور ﻓﻲ اﺗﺳﺎع
ﺣﺟم أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت واﻛﺑﻪ ﺗﻐﻳﻳر طﺎﻝ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ .وﻧرﻣﻲ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ
٢٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
إﻟﻰ ﺑﻳﺎن اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟوﻗوف ﻋﻧدﻫﺎ ﻛﻲ ﻻ ﺗﻐدو ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ
ﺳﺑﺑﺎً ﻳﺑﻳﺢ إﻫدار اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ اﻷﻓراد.
وﻧرى ﺗﺣﻘﻳﻘﺎً ﻟﻠﻐﺎﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﺧﺎﻫﺎ اﻟدراﺳﺔ ،ﺗﻘﺳﻳﻣﻬﺎ إﻟﻰ ﻗﺳﻣﻳن .ﻳﺗﻧﺎوﻝ أوﻟﻬﻣﺎ اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ
اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ وﺣدود ﻣﻘﺑوﻟﻳﺗﻬﺎ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ دراﺳﺔ ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت )اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ( .وﻳدرس ﺛﺎﻧﻳﻬﻣﺎ
اﻟﻘﻳد اﻷﻫم اﻟذي ﻳﺗﻌﻳن ﻣراﻋﺎﺗﻪ ﻟﻠﺣد ﻣن ﺳﻠﺑﻳﺎت ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ،
وﻧﻘﺻد ﻫﻧﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ )اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻷﻭﻝ
ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ
ﺟرت اﻟﻌﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﻘوﻝ دوﻣﺎً أن اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﺣر .ﻏﻳر أﻧﻪ ﻟﻳس ﻣﺗوﻗﻌﺎً
أن ﻳﺟري ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻋﻠﻰ إطﻼﻗﻪ .ﻓﻼ ﻳﺗﺻور ،ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻋدم إﺧﺿﺎع اﻟدﻟﻳﻝ ﻟﻠﻘﺎﻧون؛
ﻟذا ﻻﺑد أن ﺗﺗﺳق ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻣﻊ ﻣﺑدأ آﺧر ﻻ ﻳﻘﻝ أﻫﻣﻳﺔ ،ﻫو ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟدﻟﻳﻝ).(١٢
ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻟﻘوﻝ إﻧﻪ ﻳﻣﻛن اﻟرﻛون ﻷي دﻟﻳﻝ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ )اﻟﻣطﻠب
اﻷوﻝ( ،ﻓﺈن ذﻟك ﻻ ﻳﻌﻧﻲ أﻧﻪ ﻳﻣﻛن اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﺑﺄﻳﺔ طرﻳﻘﺔ ﻛﺎﻧت )اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ
ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﺣﺮ
ﻳﻘوم ،ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﻳﺔ) ،(١٣إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻟﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ ،ﺑﺣﺳب
اﻷﺻﻝ) ،(١٤ﺑطرق اﻹﺛﺑﺎت ﻛﺎﻓﺔ .ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﺻﻳﺎﻏﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻗﺎطﻌﺔ ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (٢/١٤٧ﻣن
ق .أ .م .ج .ﻋﻠﻰ أن اﻟﺑﻳﻧﺔ ” :ﺗﻘﺎم ﻓﻲ اﻟﺟﻧﺎﻳﺎت واﻟﺟﻧﺢ واﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺎت ﺑﺟﻣﻳﻊ طرق اﻹﺛﺑﺎت”.
) (١٢ﻳﺟري أﻳﺿﺎً ،ﺑﺻورة ﻋﺎﻣﺔ ،ﻓﻲ ﻣﻧﺎﺳﺑﺔ دراﺳﺔ اﻟﻘﻳود اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ﻣن ﻣﺑدأ اﻟﻘﻧﺎﻋﺔ اﻟوﺟداﻧﻳﺔ ،اﻟذي ﻳﻬﻳﻣن ﻋﻠﻰ
ﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻓﻲ ﺗﻘدﻳر اﻷدﻟﺔ ،اﻟﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻘﻊ ﺿﻣن ﻫذﻩ اﻟﻘﻳود ﺿرورة أن ﻳﻛون اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻟدﻟﻳﻝ ﺑوﺳﺎﺋﻝ ﺗﺣﺗرم ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع.
اﻧظرPRADEL J. , op. cite,p. 681,no,785:
) (١٣ﺗﻘف ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻋﻧد ﺣدود اﻟدﻋوى اﻟﻌﻣوﻣﻳﺔ .أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼدﻋﺎء اﻟﺷﺧﺻﻲ اﻟﻣﻘﺎم أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺟزاﺋﻲ
ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻘواﻋد اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ) .اﻟﻣﺎدة ١٤٩ق .أ .م .ج.( .
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٢٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻓﺎﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﺻﻠﺢ ﻟﻺﺛﺑﺎت ﺟﺎز إذن اﺳﺗﺧداﻣﻪ) .(١٥اﻷﻣر اﻟذي
ﻳﻌﻧﻲ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻧظرﻳﺔ ،أن أي ﺗﻌداد ﻟﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳﻌد ﺿﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺻﻠﺢ اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ
ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻟن ﻳﺗﺿﻣن ﺳوى أﻫم اﻷدﻟﺔ؛ وﻣﺎ ﻗﻳﺎم اﻟﻣﺷرع ﺑﺎﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ ،وﺗﻧﺎوﻝ ﻓﻘﻪ اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﺑﺎﻟﺷرح ﻷﺣﻛﺎﻣﻬﺎ ،ﺳوى ﺗﻧﺎوﻝ ﺟزﺋﻲ ﻻ ﻳطﺎﻝ
ﺳوى اﻷدﻟﺔ اﻷﻛﺛر اﺳﺗﺧداﻣﺎً ﻓﻲ زﻣن ﻣﻌﻳن.
وﺗﻌﻧﻲ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻛذﻟك أﻧﻪ ﻟﻳس ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻟﺣﻛم ﻣﺳﺑﻘﺎً ﻋﻠﻰ دﻟﻳﻝ ﺑﺎﻻﺳﺗﺑﻌﺎد ،أو ﻣﻧﺢ
أي دﻟﻳﻝ ﻗوة ﺗﺿﻔﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن أن ﻳﺳﻣو ﻋﻠﻰ ﺑﺎﻗﻲ اﻷدﻟﺔ.
وﻳﺳﺗﻧد ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣﺑررات ﻳﺻﻌب ﻣﻌﻬﺎ ﺗﺻور إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟﺗﺧﻠﻲ ﻋن اﻟﻣﺑدأ.
ﻓﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ،ﻻ ﺗﺗﺳق طﺑﻳﻌﺔ اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻣوﺿوع اﻹﺛﺑﺎت ﻣﻊ إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ إﻋداد اﻟدﻟﻳﻝ
اﻟﻣﺳﺑق ،وذﻟك اﺧﺗﻼﻓﺎً ﻋن إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣدﻧﻳﺔ) .(١٦ﻓﺎﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ أن اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻓﻲ
ﺣﻘﻳﻘﺗﻬﺎ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺧﺻوﻣﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻓرد ،ﻓﻘد ظﻬر ﻣﺑدآن إﺟراﺋﻳﺎن طﺑﻌﺎ ﺗﻘﻠﻳدﻳﺎً اﻹﺛﺑﺎت
اﻟﺟزاﺋﻲ وﻣﻳزاﻩ ﻋن اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣدﻧﻲ ،وﻫﻣﺎ :ﻗرﻳﻧﺔ اﻟﺑراءة اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ،وﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت).(١٧
وﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ أﺧرى ،ﻓﺈن ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻳﺣﻘق ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ ،ﺣﻳث ﻳﺗﻳﺢ ﻟﻪ
إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟدﻓﺎع ﻋن ﻧﻔﺳﻪ ﺑﺎﻟطرق ﻛﺎﻓﺔ.
ﻏﻳر أن اﻷﻫم ﻣن ﻫذﻳن اﻟﻣﺑررﻳن ذﻟك اﻟذي ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ) .(١٨ﻓﺳﺗﻔﻘد
ﻫذﻩ اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﺎﻋﻠﻳﺗﻬﺎ ،وﺳﺗﺗﺟرد ﻣن أﺳﻠﺣﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣﺟرﻣﻳن ﻳرﺗﻛﺑون ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب
) (١٤ﺗﻧص اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (١٤٧ﻣن ق .أ .م .ج .ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ” إذا ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ طرﻳﻘﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ
ﻟﻺﺛﺑﺎت وﺟب اﻟﺗﻘﻳد ﺑﻬذﻩ اﻟطرﻳﻘﺔ” .وﻗد ﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻳﺧﺿﻊ إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ ﻟﻣﺑدأ اﻹﺛﺑﺎت
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ.
(15) RASSAT M-L, op. cit. p. 324,no. 206
) (١٦ﻳﻣﻛن أن ﻳﻌد ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب ،دﻟﻳﻝ إﺛﺑﺎت اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣدﻧﻳﺔ ﻗﺑﻝ وﻗوع ﻧزاع ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ.
BOUZAT P. op. cit. , p. 157
GUINCHARD S. & BUISSON J. , Procedure penale, Litec, 2eme ed. , 2002, p. 458, no. 441.
٢٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(17
)(18
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺟراﺋﻣﻬم ﺑﻌﻳداً ﻋن أﻋﻳن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻳﺳﻌون إﻟﻰ اﺳﺗﺧدام ﺟﻣﻳﻊ اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﻣﻛﻧﺔ ﻣن أﺟﻝ
طﻣس ﻣﺎ ﻳﻣﻛن ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻰ إداﻧﺗﻬم ،إذا اﻧﻌدﻣت إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ
إﻟﻰ ﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ ﺑﺟﻣﻳﻊ طرق اﻹﺛﺑﺎت) .(١٩وﺳﺗﻐدو ﻋﻣﻠﻳﺔ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻋﻣﻠﻳﺎً ﻣﻬﻣﺔ
)(٢٠
ﻣﺳﺗﺣﻳﻠﺔ
إذا ﺧﺿﻌت اﻷدﻟﺔ ﻟﻧظﺎم ﺻﺎرم ﻳﺣدد ﻣﺳﺑﻘﺎً اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن اﻷﺧذ ﺑﻬﺎ.
وﻳﺗرﺗب ﻋن ﻛون اﻹﺛﺑﺎت ﺣ اًر ﻧﺗﻳﺟﺗﺎن :أوﻟﻬﻣﺎ ،ﺣظر ﻓرض أدﻟﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ )اﻟﻔرع اﻷوﻝ(،
وﺛﺎﻧﻳﺗﻬﻣﺎ ،ﺣظر اﺳﺗﺑﻌﺎد أدﻟﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ
ﺣﻈﺮ ﻓﺮﺽ ﺃﺩﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ
ﺗﺗﻣﺛﻝ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ ﻣﻘﺑوﻟﻳﺔ اﻷدﻟﺔ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت .اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ ﺣظر
ﻓرض أدﻟﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ وﺗﻘﻳﻳد اﻹﺛﺑﺎت ﺑﻬذﻩ اﻷدﻟﺔ؛ ﺣﻳث ﻻ ﻳﺗﺳق ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﻔرض ﻣﻊ ﻛون اﻹﺛﺑﺎت
ﺣر ،ﻏﻳر أن ﻋدم ﺟواز ﻓرض أدﻟﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻫو ﻣﻧﻊ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ وﻻ ﻳﻘﻳد اﻟﻣﺷرع.
وﻣﻛﺎن ﺗطﺑﻳق ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت أﺳﺎﺳﺎً ﻫو ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ،ﻓﺎﻟﻧص ﻋﻠﻳﻪ ﻗد ورد ﻓﻲ
اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ اﻟﻣﺧﺻص ﻟﻠﻣﺣﺎﻛﻣﺎت .ﻏﻳر أن ﺗطﺑﻳق
اﻟﻣﺑدأ ﻻ ﻳﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن ﻣراﺣﻝ اﻟدﻋوى ٕواﻧﻣﺎ ﻳﻣﺗد اﻟﺗطﺑﻳق إﻟﻰ ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﻗﺑﻝ
اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ .وﻳﻌود ﺳﺑب ذﻟك إﻟﻰ أن ﻧظرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت واﺣدة ﻓﻲ ﻣراﺣﻝ اﻟدﻋوى ﻛﺎﻓﺔ) .(٢١وﻳﺗرﺗب
ﻋﻠﻰ ذﻟك أﻧﻪ ﻳﺣظر ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ وﻛذﻟك ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻣﺄﻣوري اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻓرض
أدﻟﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ.
وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺷرع ﻓﻠﻪ اﻟﺧروج ﻋن ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻘﻳﻳد إﺛﺑﺎت ﺟراﺋم ﻣﻌﻳﻧﺔ
ﺑﺄدﻟﺔ ﻳﺣددﻫﺎ .ﻓﺎﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (١٤٧ﻣن ق .أ .م .ج .ﺗﻧص ﻋﻠﻰ أﻧﻪ” :إذا ﻧص
PRADEL J. , op cit. , p. 332, no. 387. ; RASSAT M-L, op. cit. , p. 324, no. 205.
MERLE R. & VITU A. , Traite de droit criminel, T. 2, Procedure penale, CUJAS, 6eme
ed. , 1984, p. 161, no. 128.
GUINCHARD S. & BUISSON J. , op. cit. , p. 459, no. 443.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(19
)(20
)(21
٢٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
اﻟﻘﺎﻧون ﻋﻠﻰ طرﻳﻘﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﻟﻺﺛﺑﺎت وﺟب اﻟﺗﻘﻳد ﺑﻬذﻩ اﻟطرﻳﻘﺔ” .وﻗد ﺗﺿﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت
اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﻧﺻوص اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻳد ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ،ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎﻝ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻹﺛﺑﺎت ﺟرﻳﻣﺔ اﻟزﻧﺎ ﻋﻠﻰ
ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ).(٢٢
وﺑﻣﺎ أن ﺗﻘﻳﻳد اﻟﻣﺷرع ﻟﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻫو ﺧروج ﻋن اﻷﺻﻝ اﻟﻘﺎﺿﻲ ﺑﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻓﻲ
اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻓﻳﺗﻌﻳن –إذن -ﺗﻔﺳﻳر اﻟﻘﻳد ﺗﻔﺳﻳ ًار ﻣﺿﻳﻘﺎً ،واﻣﺗﻧﺎع ﺗﻔﺳﻳرﻩ أﻳﻧﻣﺎ ورد ﺗﻔﺳﻳ اًر
ﻣوﺳﻌﺎً.
واﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻓﺈن ﻗﺿﺎء ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ ﻳذﻫب إﻟﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻰ
ﺗﻌﻳﻳن اﻟﻣﺷرع أدﻟﺔ ﻣﺣددة ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﺟرﻳﻣﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﺳﺗﺧدام أدﻟﺔ أﺧرى ﻓﻲ إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ،
إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻧﻊ ﻧص اﻟﻘﺎﻧون ذﻟك ﺻراﺣﺔً) .(٢٣وﻗد طﺑق اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻫذا
اﻻﺟﺗﻬﺎد ﻓﻲ اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﻘﺿﺎﻳﺎ) .(٢٤وذﻫب ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻘﺿﺎﻳﺎ إﻟﻰ اﺳﺗﻧﺑﺎط اﻟﻧﺗﻳﺟﺔ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ :إن
ﻧص اﻟﻣﺷرع ﻋﻠﻰ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑواﺳطﺔ اﻟﺿﺑوط اﻟﺗﻲ ﻳﻌدﻫﺎ اﻟﻣوظﻔون اﻟﻣﺧوﻟون ﺻﻼﺣﻳﺎت
اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻛﻠﻔوا ﺑﺈﺛﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑﻣوﺟب أﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻧﻳن اﻟﺧﺎﺻﺔ
)اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ( ،ﻻ ﻳﻣﻧﻊ ﻣن إﺛﺑﺎت ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺿﺑوط اﻟﺗﻲ ﺗﻧظﻣﻬﺎ
اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ).(٢٥
وﺻﻔوة اﻟﻘوﻝ ،أن ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻘوة ﺗﺟﻌﻝ اﻟﻧص اﻟﺗﺷرﻳﻌﻲ اﻟذي ﻳﻘﻳد ﻣن ﻫذا
اﻟﻣﺑدأ ،ﻣن ﺧﻼﻝ ﺣﺻر اﻷدﻟﺔ اﻟﻣﻘﺑوﻟﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﺟرﻳﻣﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ ،ﻣﺟرد ﻧص اﺳﺗرﺷﺎدي).(٢٦
) (٢٢اﻟﻣﺎدة ) (٢٨٢ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت.
Cass. Crim. 28 nov. 2001, Juris-Data no. 012603
)(23
) (٢٤ﻣن اﻟﻘﺿﺎﻳﺎ اﻟﺗﻲ طﺑﻘت ﻓﻳﻬﺎ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﺿﻳق ﻟﻠﻘﻳد ﻋﻠﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﺑﻘﻳﺎدة اﻟﻣرﻛﺑﺔ
ﺗﺣت ﺗﺄﺛﻳر اﻟﻣﺳﻛرات .ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻗﺎﻧون اﻟﺳﻳر ﻳﺗطﻠب ﻓﺣص اﻟﺳﺎﺋق ﺛم اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺳﻛر =
= ﻹﺛﺑﺎت ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ،ﻓﺈن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض ﺗرى أن “ﻋدم ﻣراﻋﺎة ﻣﺎ ﻳﺗطﻠﺑﻪ اﻟﻘﺎﻧون ﻻ ﻳﺣوﻝ دون اﻋﺗﻣﺎد
اﻟﻘﺎﺿﻲ وﺳﺎﺋﻝ أﺧرى ﻹﺛﺑﺎت ﻣﺎ إذا ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إداﻧﺔ اﻟﻣﺗﻬم ﺑﺟﻧﺣﺔ اﻟﻘﻳﺎدة ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻛر”
Cass. crim. 24 Janv. 1973, D. 1973, 240; 6 Oct. 1987, Inf. rap. 228.
(25) Cass. Crim. 25Fev. 1986, B. C. , 73.
(26) GUINCHARD S. & BUISSON J. , op. cit. , p. 460, no. 444.
٣٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺣﻈﺮ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺃﺩﻟﺔ ﻣﻌﻴﻨﺔ
ﺗﻌﻧﻲ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻗﺑوﻝ ﻛﻝ دﻟﻳﻝ ﻳﺣﺗﻣﻝ أن ﻳﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻟﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ،
أي ﻳﺟب أن ﺗُﺗﺎح إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﺗﻘدﻳم اﻷدﻟﺔ ﻛﺎﻓﺔ أﻣﺎم اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ .وﻟﻳس ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﻳﺳﺗﺑﻌد
أي دﻟﻳﻝ ﻣﺳﺑﻘﺎً ﻗﺑﻝ ﻓﺣﺻﻪ ،ﻣﺎ دام أن ﻫذا اﻟدﻟﻳﻝ ﻗد ﻳﺳﺎﻫم ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟدﻋوى اﻟﻣﻘﺎﻣﺔ أﻣﺎﻣﻪ.
وﺣظر اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ ﻟﻸدﻟﺔ اﻟﻣﻘدﻣﺔ أﻣﺎﻣﻪ ﻳطﺎﻝ ،ﺑﺣﺳب أﺣﻛﺎم ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض
اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ ،اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻘدﻣﻬﺎ اﻷﻓراد ﺣﺗﻰ إن ﻛﺎﻧت وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ ﻏﻳر
ﻣﺷروﻋﺔ ،أو ﺷﺎﺑﻬﺎ ﻋدم اﻟﻧزاﻫﺔ) ،(٢٧ﻓﻣﺎ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ –إذن -ﻫو ﺗﻘدﻳر اﻟﻘﻳﻣﺔ
اﻟﺛﺑوﺗﻳﺔ ﻟﻬذﻩ اﻷدﻟﺔ).(٢٨
)(٢٩
ﻏﻳر أن ﺑﻌض اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
ﻳذﻫب ،وﻳؤﻳدﻩ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻌض ﺷراح اﻟﻘﺎﻧون إﻟﻰ
اﻟﻘوﻝ ﺑﻌدم ﻗﺑوﻝ ،و اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻗﺳم ﻣﻣﺎ ﻳطﻠق ﻋﻠﻳﻪ )وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺣدﻳﺛﺔ أو اﻷدﻟﺔ
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ().(٣٠
وﻳﺳﺗﻧد اﻟﻘﺿﺎء واﻟﻔﻘﻪ اﻟراﻓﺿﺎن ﻟﻬذﻩ اﻷدﻟﺔ إﻟﻰ أﺳﺑﺎب ﻋدﻳدة ﺗدور إﻣﺎ ﺣوﻝ أن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ
اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻣﺷﻛوك ﻓﻲ دﻻﻟﺗﻬﺎ ،أو أن اﺳﺗﺧدام ﻗﺳم ﻣﻧﻬﺎ ﻳﻧﺗﻘص ﻣن
اﻻﺣﺗرام اﻟواﺟب ﻟﻛﻳﺎن اﻹﻧﺳﺎن ،أو ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب ﻻﺟﺗﻣﺎع اﻟﺳﺑﺑﻳن ﻓﻳﻬﺎ.
وﻧرى أن ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻳﺧﻠط ﺑﻳن وﺿﻌﻳن ﻣﺧﺗﻠﻔﻳن دون اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ .ﻓﻬو ﻳطﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﻣﻛن
أن ﻳﻌد دﻟﻳﻼً ،وﻳطﺎﻝ أﻳﺿﺎً ﻣﺎ ﻳﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﺣﻘﻳﻘﺗﻪ ﺣﻛﻣﺎً ﻋﻠﻰ ﺻدق دﻟﻳﻝ إﺛﺑﺎت.
) (٢٧اﻧظر ﻻﺣﻘﺎً ص ) (٢٧وﻣﺎ ﻳﻠﻳﻬﺎ.
Cass. Crim. , 6 Avril 1994, B. C. , no. 136; 9 Janv. 1999, B. C. , no. 9.
Cass. Crim. 12 dec. 2000, J. C. P. , 2001. 10495, note PUIGELIER; 28 nov. 2001,
B. C. , 248
RASSAT M-L. , op. cit. , p. 327, no. 207.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(28
)(29
)(30
٣١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻓﻼﺳﺗﺧدام ﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب ﻓﺎﺋدة ﻻ ﺗﻧﻛر ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗزوﻳد اﻟﻣﺣﻘق ﺑﻣﻘدﻣﺎت ﻣﻬﻣﺔ
ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﺗوﺟﻳﻪ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻟوﺟﻬﺔ اﻷﻣﺛﻝ إذا ﺟرى إﺧﺿﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ ،ﺧﻼﻝ اﻻﺳﺗﺟواب أو
اﻻﺳﺗﻣﺎع إﻟﻰ اﻹﻓﺎدة ،ﻟﻠﻔﺣص ﺑواﺳطﺔ ﻫذا اﻟﺟﻬﺎز) .(٣١ﻟﻛن ﻣﺎ ﻳﻌﺗرض ،ﺑﺻورة أﺳﺎﺳﻳﺔ ،ﻋﻠﻰ
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺟﻬﺎز ﺧﻼﻝ اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻫو ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ).(٣٢
وذﻟك أن وظﻳﻔﺔ ﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب ﺗﺗﻣﺛﻝ ﺑﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﻣؤﺷرات اﻟﻔﺳﻳوﻟوﺟﻳﺔ ﻟﻠﺷﺧص
اﻟﺧﺎﺿﻊ ﻟﻠﻔﺣص .وﺑﻣﺎ أﻧﻪ ﺗراﻓق اﻟﻛذب ﻋﺎدةً اﺿطراﺑﺎت ﻓﺳﻳوﻟوﺟﻳﺔ ﺗﺣدث ﻋﻧد اﻟﺷﺧص
اﻟذي ﻳﺗﻌﻣد اﻹدﻻء ﺑﻘوﻝ ﻛﺎذب ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻐدو ﻣﻣﻛﻧﺎً ،ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﻘﺑﺎﻝ ﻫذﻩ اﻟﺗﻐﻳرات اﻟﻔﺳﻳوﻟوﺟﻳﺔ
ورﺻدﻫﺎ ،ﺗﻘرﻳر ﻛذب أو ﺻدق ﻫذﻩ اﻷﻗواﻝ .ﺑﻳد أﻧﻪ إذا ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن ﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب
ﻛﺷف اﻻﻧﻔﻌﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺣدث ﻟدى اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﻳن ﻳﺟري إﺧﺿﺎﻋﻬم ﻟﻠﻔﺣص ﻓﺈن اﻟﺟﻬﺎز ﻻ
ﻳﺻﻠﺢ ﻟﻛﺷف اﻟﻛذب).(٣٣
وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﻘدم ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺻﻌب اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﻳﺗم اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ
ً
ﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب ﺗﺻﻠﺢ ﻷن ﺗﻛون دﻟﻳﻼً أو ﻗرﻳﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻛذب .ﻓﻳﺧﺗﻠف اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ
اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﺣﺳب طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺗﻛوﻳن اﻟﻧﻔﺳﻲ ﻟﻠﺷﺧص اﻟذي ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻔﺣص اﻟﺟﻬﺎز .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻫذا
اﻟﺷﺧص ذا طﺑﻳﻌﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﻳﺔ أﻣﻛن ﻟﻠﺟﻬﺎز أن ﻳﺳﺟﻝ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻪ دون أن ﻳدﻟﻲ ﺑﺄﻗواﻝ ﻛﺎذﺑﺔ.
وﻛذﻟك إذا ﻛﺎن ﻫذا اﻟﺷﺧص ﻣﻣن ﻳوﺻﻔون ﺑﺎﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻳطرة ﻋﻠﻰ اﻧﻔﻌﺎﻻﺗﻬم ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻳﻛون
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ اﻟﻛذب دون أن ﻳﺗﻣﻛن اﻟﺟﻬﺎز ﻣن ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻧﻔﻌﺎﻻت ﺧﺎﺻﺔ ﻟدﻳﻪ.
ٕواﺿﺎﻓﺔً إﻟﻰ ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﺑﺎﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﻳؤدي إﻟﻳﻬﺎ اﺳﺗﺧدام ﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب ﻓﺈن اﻟﺑﻌض
ﻳﻌﺗرض ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ أن ﻋﻣﻝ اﻟﺟﻬﺎز ﻳﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ
PRADEL J. , op. cit. , p. 371, no. 430.
SUSINI J. , Place et porte du polygraphe dans la recherche judiciaire de la verite, R. I. D. P. ,
1972, p. 255.
AMBROISE-CASTEROT C. , La prevue: Une question de loyaute?, A. J. Pen. , 2005, no.
7-8, p. 261.
٣٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(31
)(32
)(33
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻧﻔﻌﺎﻻت ﺗﺧرج ﻋن ﺳﻳطرة إرادة ﺻﺎﺣﺑﻬﺎ اﻟذي ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻼﺳﺗﺟواب ،اﻷﻣر اﻟذي
ﻳﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع).(٣٤
وﻳﻌﺗرض ﻫذا اﻟرأي اﻷﺧﻳر أﻳﺿﺎً اﻹﺛﺑﺎت ﺑواﺳطﺔ اﻋﺗراف اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ اﻟذي ﻳؤدﻳﻪ ﺗﺣت
ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺗﻧوﻳم ﺑﺎﻹﻳﺣﺎء ،أو ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﻣواد اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑب ﻧوﻣﺎً اﺻطﻧﺎﻋﻳﺎ وﺗﺿﻌف
اﻹرادة ،أي ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻣﺎ ﻳﺗﻌﺎرف ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﻳﺗﻪ “ﻣﺻﻝ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ” .ﻓﻠﻳس ﻣﻘﺑوﻻً اﻟﺣﺻوﻝ
ﻋﻠﻰ اﻋﺗراف ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ إﺿﻌﺎف ﻗدرات اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ ﺑواﺳطﺔ ﺣﻘﻧﻪ ﺑﻣواد ﻣﺧدرة
أو اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ طرق ﻋﻠﻣﻳﺔ أﺧرى ﻣن ﻗﺑﻝ رﺟﺎﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻻ ﻳﻐﻳر ﻓﻲ اﻷﻣر أن ﻳﻘﻊ
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻫذﻩ اﻟطرق ﺑﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ ،ﻓﻼ ﺗﺄﺛﻳر ﻟﻠﻘﺑوﻝ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺗﻧﺎزﻝ ﻋن ﺣﻘوق
أﺳﺎﺳﻳﺔ) .(٣٥وﻳﺿﺎف إﻟﻰ ذﻟك اﻟﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻳس دﻗﻳﻘﺎً اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳدﻟﻲ ﺑﻪ
ﺷﺧص وﻫو ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺗﺧدﻳر أو ﻓﺎﻗداً اﻟﺳﻳطرة ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﻓﺎﺗﻪ ﻳطﺎﺑق اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،ﻓﺎﺣﺗﻣﺎﻝ أﻻ ﻳﺗطﺎﺑق
ﻣﺎ ﻳدﻟﻲ ﺑﻪ اﻟﺷﺧص اﻟذي ﻳﻛون ﻓﻲ ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻻت ﻣﻊ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻳﺑﻘﻰ ﻗﺎﺋﻣﺎً).(٣٦
وﻳﺗﻌﻳن أﻻ ﻧﺳﺗﻧﺗﺞ ﻣن اﻟﺣﻘﺎﺋق اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ أن اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ
ﻫو ﻣﺎ ﻳﻠﻘﻰ اﻋﺗراﺿﺎً ﻣن ﺣﻳث اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﺑﻝ إن اﻟﻌﻛس ﻫو اﻟﺻﺣﻳﺢ،
ﻓﺎﻹﺛﺑﺎت ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﻳﻠﻘﻰ ﻗﺑوﻻً واﺳﻌﺎً ﻓﻲ اﻟﻧطﺎق اﻟﺟزاﺋﻲ ،ﺣﺗﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻧﺗﻘص ﻣن
ﻗﻳﻣﺔ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻌﻠﻣﻲ أن ﺗﻛون وﺳﺎﺋﻝ ﻗﺳرﻳﺔ ﻗد اﺳﺗﺧدﻣت ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ).(٣٧
ﻓﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺗﺻوﻳر أو اﻟرادار ﻹﺛﺑﺎت ﺑﻌض ﺟراﺋم اﻟﺳﻳر ،وﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟدم أو اﻟﺑﺻﻣﺔ أو
اﻟﺗﺻوﻳر وﻏﻳرﻫﺎ ﻣن اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ أو اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ﻟﻳس ﻣﺣﻝ اﻋﺗراض).(٣٨
(34) RASSAT M-L. , op. cit. , p. 328, no. 20.
(35) AMBROISE-CASTEROT C. , op. cit. , p. 263
(36) RASSAT M-L. , op. cit. , p. 328, no. 207.
) (٣٧اﻧظر ﻻﺣﻘﺎً ص ) (١١وﻣﺎ ﻳﻠﻳﻬﺎ.
) (٣٨اﻧظر ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ اﻟﻣﺎدﺗﻳن ١٠٩و ١١٠ﻣن ق .أ .م .ج .اﻟﻠﺗﻳن ﺗﺟﻳزان أن ﻳﺗم إﺛﺑﺎت ﻫوﻳﺔ اﻟﺳﺟﻧﺎء،
وﻫوﻳﺔ ﻣن “اﺗﻬم ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرم” ﺑﺎﺳﺗﺧدام ﺑﺻﻣﺎت اﻷﺻﺎﺑﻊ أو اﻟﺗﺻوﻳر أو ﺑﺄﻳﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ أﺧرى ﻗد ﺗﻌﻳن
ﻟﺗﺄﻣﻳن إﺛﺑﺎت اﻟﻬوﻳﺔ.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٣٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وﺑﻘﻲ أن ﻧﻘوﻝ إن اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻟﻠدﻟﻳﻝ ﻟﻳﺳت ﻫﻲ اﻟﺳﺑب اﻟذي ﻳﺑرر اﺳﺗﺑﻌﺎدﻩ ﻣن وﺳﺎﺋﻝ
اﻹﺛﺑﺎت ،ﺣﻳث ﻳﺗﻌﺎرض ﺣﺗﻣﺎً ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻻﺳﺗﺑﻌﺎد ﻣﻊ ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎتٕ .واﻧﻣﺎ اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﻳﺳﻲ
وراء اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻫو ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗؤدي إﻟﻳﻬﺎ ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ،
أي ﻋدم اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟدﻟﻳﻝ ﻫو اﻟذي ﻳﺟﻳز رﻓض اﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت .وﻋﻠﻰ اﻟﻌﻛس ﻣن ذﻟك
ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻛون اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﺣﻝ ﺛﻘﺔ ﻓﻠﻳس ﺛﻣﺔ ﻣﺎ ﻳﻣﻧﻊ ﻣن اﺳﺗﺧداﻣﻪ ٕوان ﺗﺿﻣن ﻣﺳﺎﺳﺎً
ﺑﺣﻘوق أﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن.
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﲝﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ
إن اﻟﺗﻧﺻ ــت ﻋﻠ ــﻰ اﻷﺣﺎدﻳ ــث اﻟﺧﺎﺻ ــﺔ وﺗﺳ ــﺟﻳﻠﻬﺎ ،أو اﻟﺗﻘ ــﺎط اﻟﺻ ــورة دون ﻋﻠ ــم اﻟﺷ ــﺧص
ـداء ﻋﻠــﻰ اﻟﺣﻳــﺎة اﻟﺧﺎﺻ ــﺔ .وﻛــذﻟك اﻷﻣ ــر ﺑﺎﻟﻧﺳــﺑﺔ ﻟﺗﺣﻠﻳــﻝ
اﻟﻣﻌﻧــﻲ ،ﻳﻣﺛــﻝ دون أدﻧ ــﻰ ﺷــك ،اﻋﺗ ـ ً
اﻟﺟﻳﻧﺎت ) (D. N. A.اﻟذي ﻗد ﻳﻣس ﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد .ﻟﻛن ذﻟك ﻛﻠﻪ ﻟم ﻳﺣــﻝ دون دﺧــوﻝ ﻫــذﻩ اﻷدﻟــﺔ
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ.
ﻏﻳــر أن ذﻟــك ﻻ ﻳﻧﻔــﻲ ﺣﻘﻳﻘــﺔ أن اﻻﻧﺗﻘــﺎد اﻷﻫــم اﻟــذي ﻳوﺟــﻪ ﻻﺳــﺗﺧدام اﻷدﻟــﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳــﺔ ﻳﻘــوم
ﻋﻠﻰ ﺿرورة اﺣﺗرام ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن) ،(٣٩وﻋﻠﻰ وﺟــﻪ اﻟﺗﺣدﻳــد اﻟﺣــق ﺑﺣرﻣــﺔ اﻟﺟﺳــد واﻟﺣــق ﺑﺣرﻣــﺔ
اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ) .(٤٠ﺑﻝ إن اﻟرأي اﻟﻣﻧﺎﻫض ﻻﺳﺗﺧدام اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓــﻲ اﻹﺛﺑــﺎت اﻟﺟ ازﺋــﻲ ﻳﺳــﺗﻧد
إﻟﻰ ﺿرورة ﺻﻳﺎﻧﺔ ﺣﻘــوق اﻹﻧﺳــﺎن وﻣراﻋﺎﺗﻬــﺎ وﻋــدم ﺟـواز اﻻﻋﺗــداء ﻋﻠﻳﻬــﺎ ﻟـرﻓض اﺳــﺗﺧدام ﻫــذا
اﻟﻧــوع ﻣــن اﻷدﻟــﺔ .ﻏﻳــر أن ﻫــذا اﻻﺗﺟــﺎﻩ ﻳﺗﺟــﺎوز ﻋــن أﻫﻣﻳــﺔ اﻟــدور اﻟــذي ﻳؤدﻳــﻪ اﻟﻘﺿــﺎء اﻟﺟ ازﺋــﻲ
ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ.
(39) PRADEL J. , op. cit. , p. 371,no. 430.
) (٤٠ﻳرى اﻟﺑﻌض أن ﻫﻧﺎك ﺣﻘﺎً ﺛﺎﻟﺛﺎً ﺗﻣس ﺑﻪ اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،ﻫو اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ،وﺑوﺟﻪ ﺧﺎص ﺣق
اﻟﻣﺗﻬم ﺑﺎﻟﺻﻣت .ﻟﻛن ،ﺑﻣﺎ أن ﺟوﻫر ﻫذا اﻟﺣق ﻳﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﻋدم إرﻏﺎم اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﺑﺈداﻧﺔ
ﻧﻔﺳﻪ ،ﻓﺈن دراﺳﺗﻪ ﺗدﺧﻝ ﺣﺗﻣﺎً ﺿﻣن اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺈرادة اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ ﻓﻲ اﻟﺧﺿوع ﻟﻺﺟراء
اﻟﻣراد ﻣﻧﻪ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ،وﺳﺗﺗﻧﺎوﻝ اﻟدراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻻﺣﻘﺎً.
٣٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻳﺿــطﻠﻊ اﻟﻘﺿــﺎء اﻟﺟ ازﺋــﻲ ﺑﺣﻣﺎﻳــﺔ اﻟﻣﺻــﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﻳــﺎ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣــﻊ ،وﻟﻛــﻲ ﻳــﺗﻣﻛن ﻣــن ﺗﺄدﻳــﺔ ﻫــذﻩ
اﻟوظﻳﻔــﺔ ﻓــﻼ ﺑــد ﻟــﻪ أن ﻳﺗﺳــﻠﺢ ﺑــﺄدوات ﻓﻌﺎﻟــﺔ .وﻛﻠﻣــﺎ ازداد ﺗﻌــرض اﻟﻣﺻــﺎﻟﺢ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳــﺔ ﻟﻠﺧطــر
ازدادت اﻟﺣﺎﺟــﺔ إﻟــﻰ وﺳــﺎﺋﻝ ﺗــؤﻣن ﻟﻬــﺎ اﻟﺣﻣﺎﻳــﺔ .وﻋﻧــدﻣﺎ ﻳــؤدي اﻟﻠﺟــوء إﻟــﻰ ﻫــذﻩ اﻟوﺳــﺎﺋﻝ إﻟــﻰ
إﻫدار ﻟﺑﻌض ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈن ذﻟك ﺳﻳﻛون ﺿﻣن اﺧﺗﻳﺎر أﻗﻝ اﻟﺿررﻳن).(٤١
ﻓﻳﺻــﺑﺢ اﻟﺣــﻝ اﻷﻣﺛــﻝ –إذن -ﺑــدﻝ اﻟﻣﻧــﺎداة ﺑـرﻓض اﺳــﺗﻌﻣﺎﻝ وﺳــﺎﺋﻝ ذات ﻓﺎﻋﻠﻳــﺔ ﻓــﻲ إﺛﺑــﺎت
اﻟﺟرﻳﻣــﺔ ،وﺑﺎﻟﻧﺗﻳﺟــﺔ ﺣﻣﺎﻳــﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ ،ﻫــو اﻟﻘــوﻝ ﺑﺗﻧظــﻳم اﺳــﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ،وﺑﺈﺣﺎطــﺔ ﻫــذا اﻻﺳــﺗﻌﻣﺎﻝ
ﺑﺿــﻣﺎﻧﺎت ﻏﺎﻳﺗﻬــﺎ ﺣﻣﺎﻳــﺔ ﺣﻘــوق اﻹﻧﺳــﺎن .وﻫــذﻩ اﻟﻔﻛ ـرة ﻫــﻲ اﻟﺗــﻲ ﺳــﻧﺣﺎوﻝ د ارﺳــﺗﻬﺎ ﻣــن ﺧــﻼﻝ
ﺗﻧــﺎوﻝ ﻣﺳ ــﺎس اﻟ ــدﻟﻳﻝ ﺑﺣرﻣ ــﺔ اﻟﺣﻳ ــﺎة اﻟﺧﺎﺻ ــﺔ أوﻻً )اﻟﻔ ــرع اﻷوﻝ( ،ﺛ ــم اﻟﺗﻌ ــرض ﻟﻣﺳ ــﺎس اﻟ ــدﻟﻳﻝ
ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد )اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ(.
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ
ﻣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﲝﺮﻣﺔ ﺍﳊﻴﺎﺓ ﺍﳋﺎﺻﺔ
)(٤٢
ﻳﻧدرج اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﺿﻣن ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،وﻳﺣظﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﺑﺣﻣﺎﻳﺔ ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ واﺳﻌﺔ.
ﻓﻌﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﺷرﻋﺔ اﻟدوﻟﻳﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻫﻧﺎك ﻧﺻوص ﻋدﻳدة ﺗﺿﻣن ﺣﻣﺎﻳﺔ ﻫذا اﻟﺣق ﻓﻲ
ﻣواﺟﻬﺔ أي ﺗدﺧﻝ ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺻورة ﺗﻌﺳﻔﻳﺔ أو ﻏﻳر ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ).(٤٣
)(٤٢
)(٤٣
(41) PRADEL J. , op. cit. , p. 371,no. 430
ﻣن اﻟﺻﻌب ،إن ﻟم ﻳﻛن ﻣن اﻟﻣﺳﺗﺣﻳﻝ ،وﺿﻊ ﺗﻌرﻳف ﺟﺎﻣﻊ ﻣﺎﻧﻊ ﻟﻠﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ؛ وذﻟك أن
ﻣﻔﻬوم اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﻔﻬوﻣﺎً ﻣﺗﻐﻳ اًر ﺑﺣﺳب اﻟﺷﺧص ،وﻛﻣﺎ أﻧﻪ ﻳﺗطور ﻋﺑر اﻟزﻣﺎن ﻓﻛذﻟك
ﻳﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب اﻟﻣﻛﺎن.
ﻣﺣﻣود ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﺣﻣد ,ﻧطﺎق اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ
)اﻷﻣرﻳﻛﻲ -اﻟﻔرﻧﺳﻲ -اﻟﻣﺻري( واﻟﺷرﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،د .ط، .
ص ٩٤ .وﻣﺎ ﻳﻠﻳﻬﺎ.
وﻳﻧﺑﺊ ﻟﻔظ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋن ﻣﻌﺎن ﻣﺗﻌددة اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌﻝ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻣﺳﻣﻳﺎت
ﻣﺗﻌددة ،وﺳﻧﺳﺗﺧدم ﻣن ﺑﻳن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﻣﻳﺎت ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﺣق ﻓﻲ
اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ؛ ﺣﻳث ﻧﻌﺗﻘدﻫﻣﺎ اﻷﻗرب إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻣراد إﻋطﺎؤﻩ ﻟﻬذا اﻟﺣق.
اﻧظر ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ :اﻟﻣﺎدة ) (١٧ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻟدوﻟﻳﺔ ﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﻳﺔ واﻟﺳﻳﺎﺳﻳﺔ؛
اﻟﻣﺎدة ) (١١ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻷﻣرﻳﻛﻳﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن؛ اﻟﻣﺎدة ) (٨ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻷورﺑﻳﺔ ﻟﺣﻘوق
اﻹﻧﺳﺎن؛ اﻟﻣﺎدة ) (١٢ﻣن اﻹﻋﻼن اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،اﻟﻣﺎدة ) (٢١ﻣن اﻟﻣﻳﺛﺎق اﻟﻌرﺑﻲ
ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٣٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وﻳﻌﻧﻲ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ) ،(٤٤ﺑﺎﻟﻣﻔﻬوم اﻟواﺳﻊ” ،اﻟﻌﻳش ﺑﻣﻧﺄى ﻋن ﺗﻠﺻص
اﻟﻐﻳر”) .(٤٥وﻳﺣظﻰ ﻫذا اﻟﻣﻔﻬوم ﻟﻠﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺄﻫﻣﻳﺔ ﻛﺑﻳرة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﺣﻘﻳق
اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠﻛﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ)(٤٦؛ ﺣﻳث ﻳﺳﺎﻫم اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻘﻧﻲ ﻓﻲ ظﻬور
أﺷﻛﺎﻝ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ .ﻓﻬﻧﺎك أﺟﻬزة وﻣﻌدات ﻋدﻳدة أﺻﺑﺣت
ﺗﺳﺗﻌﻣﻝ ﻓﻲ اﻧﺗﻬﺎك اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،وﻓﻲ اﻗﺗﺣﺎم ﺣﺻوﻧﻬﺎ .ﻓﻠم ﻳﻌد ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻌواﺋق اﻟطﺑﻳﻌﻳﺔ ،ﻣن
ﻣﺳﺎﻓﺔ أو ﺳواﺗر أو ﻧﺣوﻫﻣﺎ ،أن ﺗﻘف ﺣﺎﺋﻼً دون اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ)(٤٧؛ ﻟذا ﺗظﻬر،
ﺑﺻورة أﻛﺑر ﻣن أي وﻗت ﻣﺿﻰ ،أﻫﻣﻳﺔ اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﺗﺣﺎط ﺑﻬﺎ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺗﻲ
ﺗﻣﺎرس ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻓﻠﻛﻝ إﻧﺳﺎن ﺣق ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟﻣﺳﻛن ﻳﺗﻌﻳن اﺣﺗراﻣﻪ ،وﻛذﻟك اﻟﺣق
ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺳرﻳﺔ اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﺳواء ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻛﺎﻟﻣﺎت
اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ أو أي ﺗﻧﺻت آﺧر ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وأﻳﺿﺎ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺳرﻳﺔ اﻟﻣراﺳﻼت).(٤٨
وﻳﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم أن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺣق ﻣرﻛب) ،(٤٩ﻳﺷﻣﻝ ﻋددا اﻟﻣﻛوﻧﺎت،
ﻛﺄﺳرار اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،وﺳرﻳﺔ اﻟﻣراﺳﻼت ،وﺣرﻣﺔ اﻟﻣﺳﻛن.
)(٤٤
ﻳﺻﻌب ﺗﻌرﻳف اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﺗﻌرﻳﻔﺎً ﻳﺻﻠﺢ ﺗطﺑﻳﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﻘﺎﻧون ،ﺣﻳث ﺗﻌد اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ
ﻧطﺎﻗﺎً واﺳﻌﺎً ﻳﺻﻌب وﺿﻊ ﺣدود وﻣﻌﺎﻟم واﺿﺣﺔ ﻟﻪ.
ﺣﺳﺎم اﻟدﻳن اﻷﻫواﻧﻲ ،اﻟﺣق ﻓﻲ اﺣﺗرام اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ،
دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،د .ط ، .ص ،٤٧ .ﻓﻘرة .٢٨
)(٤٧
)(٤٨
ﻣﺣﻣود ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﺣﻣد ,ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.٧ .
ﻟﻠﻣزﻳد ﻣن اﻟﺗﻔﺻﻳﻝ ﺣوﻝ ﻣوﻗف اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﻳﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻣن ﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة
اﻟﺧﺎﺻﺔ ،أﻧظر.SURDE F. , op. cit. , loc. cit:
Vivre a l abri des regards des etrangers.
SURDE F. , Droit international et europeen des droits de l homme, P. U. F. , 4
eme ed. , 1999, p. 248, no. 150 bis.
PRADEL J. & DANTI-JUAN M. , Droit penal special, CUJAS, 3eme ed. , 2004, p.
176, no. 171.
)(45
)(46
)(49
ﻣﺣﻣد ﻳوﺳف ﻋﻠوان ،وﻣﺣﻣد ﺧﻠﻳﻝ اﻟﻣوﺳﻰ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ،
اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺣﻣﻳﺔ ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﻳﻊ ،ﻋﻣﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ،٢٠٠٧ ،ص.٢٨٩ .
٣٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻣﺷرع ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻷردﻧﻲ ﻓﻘد أﺿﻔﻰ ﺣدﻳﺛﺎً اﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺣق
)(٥٠
ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻛﺣق ﻣﺳﺗﻘﻝ؛ ﺣﻳث ﺗﻌﺎﻗب اﻟﻣﺎدة ) (٣٤٨ﻣﻛررة
ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون ” ﻛﻝ
ﻣن ﺧرق اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻶﺧرﻳن” .وﺗﺿﺎف ﻫذﻩ اﻟﺣﻣﺎﻳﺔ ﻟﺗﻠك اﻟﺗﻘﻠﻳدﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺑﻌض
ﻋﻧﺎﺻر اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،وذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ دﺧوﻝ اﻟﻣﺳﺎﻛن أو اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﻓﻲ ﻏﻳر اﻷﺣواﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﺟﻳزﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون إذا ﻛﺎن ﻣرﺗﻛﺑﻪ ﻣوظﻔﺎً ﻋﺎﻣﺎً) ،(٥١أو ﻛﺎن ﻣن آﺣﺎد
اﻟﻧﺎس) ،(٥٢واﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﺋﻝ أواﻟﺑرﻗﻳﺎت أو إﻓﺷﺎء اﻟﻣﺧﺎﺑرات اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ).(٥٣
وﻗد ﺗوﺳﻊ اﻟﻣﺷرع اﻷردﻧﻲ ﻓﻲ ﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،و ﻳظﻬر ذﻟك ﻣن
ﺧﻼﻝ ﺗﺟرﻳم اﻟﻣﺎدة ) (٣٤٨ﻣﻛررة ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﻟذي ﻳﻘﻊ ” ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ ﻛﺎﻧت” .ﻓﻳﺗﺳﻊ ﻫذا اﻟﻧص ﻟﻳﺷﻣﻝ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺣق ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻝ
وﺳﻳﻠﺔ ﻣن وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺣدﻳﺛﺔ .ﻓﻣﻧذ ﻋﺎم ٢٠١٠ﻟم ﺗﻌد ﺗﻘﺗﺻر اﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﻌﺎﻗﺑﺔ اﻟﺗﻘﺎط وﺗﺳﺟﻳﻝ و ﻧﺷر اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون وﺳﻳﻠﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﻬﺎ اﻟﻣﺧﺎﺑرات
اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ،و أﺻﺑﺢ ﻣﺟرﻣًﺎ اﻟﺗﻘﺎط ﺻور اﻷﺷﺧﺎص وﻧﺷرﻫﺎ ﻋﻧد وﺟودﻫم ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﺧﺎﺻﺔ،
دون ﻋﻠﻣﻬم أو رﺿﺎﻫم).(٥٤
وﺗﻐدو اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ أﻛﺛر أﻫﻣﻳﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﺎﻧﺗﻬﺎك ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔٕ ،وان وﻗﻊ ذﻟك ﺑداﻓﻊ ﻛﺷف اﻟﺟراﺋم
وﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ وﺟﻣﻊ أدﻟﺗﻬﺎ .ﻓﻬﻝ ﻳﻌد ﻣﺷروﻋﺎً ،وﺿﻣن أي اﻟﺣدود ،ﻗﻳﺎم أﺟﻬزة اﻟﺗﺣﻘﻳق أو اﻟﺗﺣري
)(٥٠
)(٥١
)(٥٢
)(٥٣
)(٥٤
أﺿﻳﻔت اﻟﻣﺎدة ) (٣٤٨ﻣﻛررة إﻟﻰ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻷردﻧﻲ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (١٢ﻟﺳﻧﺔ .٢٠١٠
اﻟﻣﺎدة ) (١٨١ق .ع.
اﻟﻣﺎدة ) (٣٤٧ق .ع.
اﻟﻣﺎدﺗﺎن ) (٣٠٧و) (٣٥٦ق .ع.
ﺗدﺧﻝ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﺟﻝ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻲ إطﺎر ﺟﻧﺣﺔ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﻟﻣﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد ﻣن ٢٢٦-١إﻟﻰ ٢٢٧-٧ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت.
ﻓﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺗﻌرﻳف ﺟﻧﺣﺔ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻛﻣﺎ أﺧذ ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،ﻋﻠﻰ
أﻧﻬﺎ ” :اﺳﺗﺧدام ﻏﻳر ﻣﺷروع ،ﻷي وﺳﻳﻠﺔ ﻛﺎﻧت ،ﺗﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﺗﻘﺎط وﻧﻘﻝ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت واﻟﺻور اﻟداﺋرة
ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﺧﺎﺻﺔ ،أو ذات اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺧﺎص أو اﻟﺳري “.
PRADEL J. & DANTI-JUAN M. , op. cit. , p. 219, no. 243.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٣٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
)(٥٥
ﺑﺎﻟﺗﻘﺎط اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت ذات اﻟطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ
وﺗﺳﺟﻳﻠﻬﺎ وﻧﻘﻠﻬﺎ ،وﻛذﻟك اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور ﻷﺷﺧﺎص
ﻓﻲ أﻣﺎﻛن ﺧﺎﺻﺔ دون ﻣواﻓﻘﺔ ﻣن ﻫؤﻻء؟.
ﺗﺟﻳز اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ اﻟواردة ﺗﺣت ﻋﻧوان اﻟﺗﻔﺗﻳش
وﺿﺑط اﻟﻣواد اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم أن ﻳﺿﺑط ﻟدى ﻣﻛﺎﺗب اﻟﺑرﻳد ﺟﻣﻳﻊ اﻟﺧطﺎﺑﺎت
واﻟرﺳﺎﺋﻝ ،وﻟدى ﻣﻛﺎﺗب اﻟﺑرق ﺟﻣﻳﻊ اﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑرﻗﻳﺔ ،وأن ﻳراﻗب اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ” ،ﻣﺗﻰ
ﻛﺎن ﻟذﻟك ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ” .ﺑﻳد أن اﻹﺟﺎزة اﻟواردة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﺗﺳﺗدﻋﻲ ﺗﺳﺎؤﻟﻳن:
ﻳﺗﻌﻠق أوﻟﻬﻣﺎ ﺑﺈﻏﻔﺎﻝ اﻟﻧص ﺑﻳﺎن اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﺗﻘف ﻋﻧدﻫﺎ اﻹﺟﺎزة اﻟﺗﻲ ﻳﺗﺿﻣﻧﻬﺎ ،وﻳﺗﺻﻝ
ﺛﺎﻧﻳﻬﻣﺎ ﺑﻐﻳﺎب اﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن إﺣﺎطﺔ ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻧﺗﻬك
ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ).(٥٦
ﺻﺣﻳﺢ اﻟﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻳس ﺑﻣﻘدور ﻗﺎﻧون إﺟراﺋﻲ أن ﻳﻧظم ﺑﺎﻟﺗﻔﺻﻳﻝ اﻷﺣﻛﺎم اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺈﺟراءات
اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻛﺎﻓﺔ ،ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻘوم اﻹﺟراء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ ﻳﻌد ﻣﺷروﻋًﺎ إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ
ﻳﻧظﻣﻪ اﻟﻘﺎﻧون)(٥٧؛ وﻟﻬذا اﻟﺳﺑب اﻋﺗﻧﻰ اﻟﻣﺷرع ﺑﺗﻧظﻳم اﻟﺗﻔﺗﻳش واﻟﺿﺑط ،وﻓﺻﻝ أﺣﻛﺎم اﻟﺗوﻗﻳف
واﻟﻘﺑض…إﻟﺦ ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﻐﻳب ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﺗﻧظﻳم ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻺﺟراءات اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ.
)(٥٥
)(٥٦
-
ﻣن اﻟﻣﻔﻳد اﻟﺗﺄﻛﻳد ﻋﻠﻰ أن اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﻣﺣﺎدﺛﺎت ذات طﺑﻳﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ أن
اﻟﻌﺑرة ﺑطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺣدﻳث ﻻ ﺑﻣﻛﺎن وﻗوﻋﻪ .ﺣﻳث ﻳظﻝ اﻟﺣدﻳث ذا طﺑﻳﻌﺔ ﺧﺎﺻﺔ ٕوان دار ﻓﻲ ﻣﻛﺎن
ﻋﺎم ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﺗﺗﺟﻪ إرادة اﻟﻣﺗﺣﺎدﺛﻳن إﻟﻰ اﻟﺳﻣﺎح ﻟﻠﻐﻳر ﺑﺎﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻪ.
اﻧظر ﻟﻣزﻳد ﻣن اﻟﺗوﺿﻳﺢ ،ﻣوﻗف اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣﺻري .ﺣﻳث ﺗﺟﻳز اﻟﻣﺎدة ) (٢٠٦ﻣن ﻗﺎﻧون
اﻹﺟراءات اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ ﻟﻠﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺿﺑط اﻟﺧطﺎﺑﺎت واﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت ،وﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﺳﻠﻛﻳﺔ
واﻟﻼﺳﻠﻛﻳﺔٕ ،واﺟﺎزة ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص ،وذﻟك ﻛﻠﻪ ﺷرﻳطﺔ:
أن ﺗﻛون اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟري اﻟﺗﺣﻘﻳق ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﺟﻧﺎﻳﺔ أو ﺟﻧﺣﺔ ﻳﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ﺗزﻳد ﻋن
ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر.
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ أﻣر ﻣن اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزﺋﻲ ﺑﻌد اطﻼﻋﻪ ﻋﻠﻰ اﻷوراق ،ﻻﺗﺧﺎذ أي ﻣن ﻫذﻩ
اﻹﺟراءات.
أن ﺗﺗﺣدد ﻣدة اﻷﻣر ﺑﺛﻼﺛﻳن ﻳوﻣﺎً ،ﻣﻊ اﻹﺟﺎزة ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزﺋﻲ ﺑﺗﻣدﻳد ﻫذﻩ اﻟﻣدة إﻟﻰ ﻣدد أﺧرى
ﻣﻣﺎﺛﻠﺔ.
(57) CONTE Ph. & DU CHAMBON P. , Procedure penale, Armand Colin, 4 eme ed. ,
2002, p. 42,no. 67 .
٣٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﻟذا ﻓﺈﻧﻧﺎ ﺳﻧﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ ﺑﻳﺎن ﺣدود اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ )أوﻻً( ،ﺛم ﻋﻠﻰ ﺗﻧﺎوﻝ أﻫم
اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﺣﺎط ﺑﻬﺎ ﻫذا اﻟﻣﺳﺎس )ﺛﺎﻧﻳﺎً( ،وﻛﻝ ذﻟك ﺿﻣن اﻓﺗ ارض أن ﻳﻛون
اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺿرورﻳﺎً ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ.
أوﻻً :ﺣدود اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ.
ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺣﺻر أﻫم اﻹﺟراءات اﻟﻣﺎﺳﺔ ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ
اﻛﺗﺷﺎف اﻟﺟراﺋم وﺗﺣدﻳد ﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺗﻬﺎ ،ﺑﺎﻹﺟراءات اﻟﺛﻼث اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ:
اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور، واﻟﺗﻘﺎط اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﺧﺎﺻﺔ، واﻟﺗﻧﺻت اﻟﻬﺎﺗﻔﻲ واﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺳﻼت.ٕواذا ﻛﺎن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻗد أﺟﺎز ﺻراﺣﺔً اﻹﺟراء اﻟﺛﺎﻟث ،ﻓﺈﻧﻪ ﻗد أﻏﻔﻝ
اﻟﻧص ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة اﻹﺟراءﻳن اﻵﺧرﻳن.
أ( اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟذي ﻟم ﻳﺟزﻩ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔً.
\ -١اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور:
إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺗﺻوﻳر وﺳﻳﻠﺔ ﻣﺳﺗﻌﻣﻠﺔ ﺧﺻوﺻﺎً ﻓﻲ ﺿﺑط ﻣﺧﺎﻟﻔﺎت اﻟﺳﻳر
ﻋﻠﻰ اﻟطرق ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻟدوﻝ) ،(٥٨وﻟم ﻳﻌد ﻳﺛﻳر ﻗﺑوﻝ اﻹﺛﺑﺎت ﺑﻬذﻩ اﻟوﺳﻳﻠﺔ ﻧﻘﺎﺷﺎً ﻣن ﺣﻳث
اﻟﻣﺑدأ).(٥٩
)(٥٩
(58) GREEN-WALD R. ,Scientific evidence in traffic cases, Journal of criminal law,
criminology and police science, 1968, p. 57
ﺣﺎوﻝ اﻟﺑﻌض اﻟدﻓﻊ ﺑﺄن أﺧذ ﺻورة ﻟﻠﻣرﻛﺑﺔ اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻳﻌد اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ
اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ أن اﻟﻣرﻛﺑﺔ ﺗﺷﻛﻝ ﻣﻛﺎﻧﺎً ﺧﺎﺻﺎً ،ﺑﻳد أن ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟدﻓﻊ ﻟم ﻳﻠق ﻗﺑوﻻً ،وﻟم ﻳؤﺛر ﻓﻲ
اﻟﻧﺗﻳﺟﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺷروﻋﻳﺔ إﺛﺑﺎت ﻣﺧﺎﻟﻔﺎت اﻟﺳﻳر ﺑواﺳطﺔ ﺗﺻوﻳر اﻟﺳﻳﺎرة اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ،واﻋﺗﺑﺎر اﻟﺻورة
ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻣﺣﺿر اﻟﻣﻧظم ﺑﺣق اﻟﻣﺧﺎﻟف.
Cass. Crim. , 8 dec. 1983,B. C. 333.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٣٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻛذﻟك ﻻ ﻳﻣﺗﻧﻊ اﻹﺛﺑﺎت ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗﻘطﻬﺎ اﻷﺟﻬزة اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم ﺟﻬﺔ
أو ﺷﺧص ﺑوﺿﻌﻬﺎ ﻣن أﺟﻝ رﺻد ﻣﺎ ﻗد ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﻌﻳن .ﻓﺎﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺗﻘطﻬﺎ اﻷﺟﻬزة
اﻟﺗﻲ ﺗﺿﻌﻬﺎ ﺟﻬﺎت ﻛﺎﻟﺑﻧوك ،أو ﺑﻌض اﻟﻣﺣﺎﻝ اﻟﺗﺟﺎرﻳﺔ ﻛﻣﺣﻼت ﺗﺟﺎرة اﻟﻌﻣﻠﺔ أو اﻟﻣﺟوﻫرات
أو اﻟﺑﻳﻊ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺧدﻣﺔ اﻟذاﺗﻳﺔ ….إﻟﺦ ،ﻳﻣﻛن اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺷف ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣرﺗﻛب
اﻻﻋﺗداء ﻓﻲ ﺣﺎﻝ وﻗوﻋﻪ ،وﺗﻌد اﻟﺻورة ﻗرﻳﻧﺔ ﺗﺻﻠﺢ ﻹﺛﺑﺎت وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻟﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ،
إذا روﻋﻳت ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع).(٦٠
وﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﺳﺑﺑﻳن ﻓﻲ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﺳﺗﺧدام اﻟﺻورة ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت:
اﻟﺳﺑب اﻷوﻝ ﻫو ﻋدم ﺧﺷﻳﺔ وﺻف وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﺑﻌدم اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ،وذﻟك
ﻷن أﺟﻬزة اﻟﺗﺻوﻳر ﻻ ﺗﺿطﻠﻊ إﻻ ﺑدور ﺳﻠﺑﻲ ﻻ ﻳرﻗﻰ إﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب
اﻟﺟرﻳﻣﺔ؛ أي أن ﻫذا اﻻﻋﺗراض اﻟذي ﻳﺛور ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﻌﻣﻝ ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎط
اﻟﺣدﻳث ،إذا ﻣﺎ أﺳﻳﺊ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻬﺎ) ،(٦١ﻻ ﻳﻘوم ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﺻوﻳر.
واﻟﺳﺑب اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻷﻫم ،ﻫو أن اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ أﺟﻬزة اﻟﺗﺻوﻳر ﻓﻲ اﻟﺷﻛﻝ اﻟذي ﺳﺑق ﺑﻳﺎﻧﻪ ،ﻳﺟري
ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳرﻓﻊ ﻋﻧﻪ ﺻﻔﺔ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ).(٦٢
واﻟﺣق أن ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﺗرﺻدﻩ اﻟﻌﻳن ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم ﻳﻣﻛن ﻟﻠﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ ﺣﻔظ اﻟﻧظﺎم
رﺻدﻩ ﻣن ﺧﻼﻝ أﺟﻬزة اﻟﺗﺻوﻳر ،وﻣﺎ ﺗﺣﻔظﻪ اﻟذاﻛرة ﻳﻣﻛن ﻟﻸﺟﻬزة اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺣﻔظﻪ ،ﺑﻝ إن
اﻟﺣﻔظ ﺑواﺳطﺔ اﻷﺟﻬزة ﻳﻛون أﻛﺛر دﻗﺔ ﻣن اﻟذاﻛرة اﻟﺗﻲ ﻗد ﻳدﺧﻝ ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺧﻳﺎﻝ اﻟﺷﺧﺻﻲ).(٦٣
)(٦٠
)(٦١
اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺣق اﻟدﻓﺎع ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧطﺎق إﺧﺿﺎع اﻟدﻟﻳﻝ ﻟﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ ،أي :ﺗﻣﻛﻳن اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ
ﻣن اﻹطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ واﻟﺳﻣﺎح ﻟﻪ ﺑﻣﻧﺎﻗﺷﺗﻪ ﻋﻠﻰ ﻗدم اﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻊ اﻻدﻋﺎء.
اﻧظر ﻻﺣﻘﺎً ص ).(١٦
(62) PRADEL J. & VARINARD A. , Les grands arret du droit criminel, T. 2, SIREY, 1988, p. 98.
) (٦٣ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﻌوﺟﻲ ،ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻣؤﺳﺳﺔ ﻧوﻓﻝ ،ﺑﻳروت ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ،
،١٩٨٩ص.٥٩٥ .
٤٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻟﻛن اﻷﻣر ﻳﺻﺑﺢ ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ذﻟك إذا ﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن اﻟﺻور اﻟﺗﻲ ﻳﺟري
اﻟﺗﻘﺎطﻬﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺧﺎﺻﺔ .ﻓﻼ ﻳﻛﻔﻲ اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻟﻠﻘوﻝ ﺑﺻﻼﺣﻳﺔ ﻫذا اﻟدﻟﻳﻝ
ﻟﻛﻲ ﻳﺑﻧﻰ ﻋﻠﻳﻪ ﺣﻛم ﺑﺎﻹداﻧﺔ .ﻓﻣﺎ ﻻ ﺷك ﻓﻳﻪ أن ﺗﺻوﻳر اﻷﺷﺧﺎص ﻓﻲ اﻷﻣﺎﻛن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻳﻣﺛﻝ
اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ) ،(٦٤وﻳﻌد اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻫذا اﻹﺟراء
ً
ﻏﻳر ﻣﺷروع ﻻﺳﺗﻧﺎدﻩ إﻟﻰ وﺳﻳﻠﺔ ﻏﻳر ﻣﺷروﻋﺔ ،ﻓﻣﺎ دام أن اﻟﻘﺎﻧون ﻟم ﻳﺟز ﺻراﺣﺔ ﻫذا
اﻹﺟراء ﻓﺈﻧﻪ ﻳوﺳم ﺑﻌدم اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ،وذﻟك ﻷن اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻹﺟراءات اﻟﻣﺎﺳﺔ
ﺑﺎﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ أن ﻛﻝ إﺟراء ﻟم ﻳﺟزﻩ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔً ﻓﻬو ﻣﻣﻧوع).(٦٥
-٢اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﺧﺎﺻﺔ.
إﺑﺗداء إﻟﻰ أن وﺻف اﻷﺣﺎدﻳث ﺑﺎﻟﺧﺎﺻﺔ ﻻ ﻳﺗوﻗف ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻣﺎ ﻫو
ﻳﺗﻌﻳن أن ﻧﺷﻳر
ً
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺻورة ،ﻋﻠﻰ طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻳﺟري ﻓﻳﻪ اﻟﺣدﻳث)ٕ ،(٦٦واﻧﻣﺎ ﻳﻛﺷف ﻋن ﺧﺻوﺻﻳﺔ
) (٦٤وﻻ ﻳﻐﻳر ﻓﻲ ذﻟك اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻷردﻧﻲ ،ﺑﺧﻼف اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻟﻘواﻧﻳن ،ﻛﻘﺎﻧوﻧﻲ
اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﺻري )اﻟﻣﺎدة ٣٠٩ﻣﻛرر( واﻟﻔرﻧﺳﻲ )اﻟﻣﺎدة ،(١-٢٢٦ﻟم ﻳﻌﺗﺑر ﺟرﻳﻣﺔ ﻳﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻘﺎط ﺻورة ﺷﺧص ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص ﺑﻐﻳر رﺿﺎﻩ.
(65) CONTE Ph. & DU CHAMBON P. , op. cit. , p. 42, no. 67.
) (٦٦ﻳذﻫب ﺑﻌض أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء ،وﻳؤﻳدﻩ ﻓﻲ ذﻟك ﺑﻌض اﻟﻔﻘﻪ ،إﻟﻰ رﺑط ﺻﻔﺔ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﻓﻲ
اﻷﺣﺎدﻳث ﺑﻣﻛﺎن إﺟراء اﻟﺣدﻳث ،ﻓﻠﻛﻲ ﻳﻌد اﻟﺣدﻳث ﺧﺎﺻﺎً ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻣﻌﻧﻰ
اﻟﺿﻳق )اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻻ ﻳﺳﻣﺢ ﻟﻠﺟﻣﻬور ﺑدﺧوﻟﻪ دون إذن ذوي اﻟﺷﺄن( ،وﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ﻻ ﺗﺗﺣﻘق ﺻﻔﺔ
اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﻟﻠﺣدﻳث اﻟذي ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم )اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻣﺗﺎح دﺧوﻟﻪ ﻟﻠﺟﻣﻬور ﺳواء أﻛﺎن ذﻟك
ﺑﺷرط أم ﺑدون ﺷرط( ،ﻓﺎﻟﻣﻌوﻝ ﻋﻠﻳﻪ إذن ﻫو طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي ﻳﺟري ﻓﻳﻪ اﻟﺣدﻳث وﻟﻳس ﺣﺎﻟﺔ
اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻛون ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻷﻓراد .أي :ﻻ ﻳرى ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﺣدﻳث واﻟﺻورة ﻣن
ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺧﺻوﺻﻳﺔ أي ﻣﻧﻬﻣﺎ ،ﻓﻬذﻩ ﺗرﺗﺑط ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻣﻛﺎن اﻟذي وﻗﻊ ﻓﻳﻪ اﻟﻔﻌﻝ.
وﻳﺳﺗﻧد ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ إﻟﻰ ﻧص اﻟﻣﺎدة )اﻟﻣﺎدة ٣٠٩ﻣﻛرر( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻣﺻري ،اﻟﺗﻲ
ﺗﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﻣﺎدة ) (٣٦٨ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻟﻔرﻧﺳﻲ؛ ﺣﻳث ﺗﺟرم ﻛﻝ ﻣن ﻫﺎﺗﻳن اﻟﻣﺎدﺗﻳن
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ “ﻣﺣﺎدﺛﺎت ﺗﺟري ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص” .ﻓﻳﺻﺑﺢ ﺗﻘرﻳر ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ً
طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺣﺎﻟﺔ ٕوان وﻗﻊ اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم اﻗﺣﺎم ﺣﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻧص اﻟﺗﺟرﻳم ﻟم ﻳﻘﺗﺿﻳﻬﺎ ،أي
اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﻳر ﻧص اﻟﺗﺟرﻳم ﺧﻼﻓﺎً ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻧﻊ ﻗﺑوﻝ اﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﻣوﺳﻊ ﻟﻠﻧﺻوص اﻟﺟزاﺋﻳﺔ.
CHAVANNE A. , La protection de la vie privee dans la loi du 17 juillet 1970, R. S. C. , 1971, p.
;631
BADINTER R. , La protection de la vie privee contre l ecoute electronique clandestine, J. C. P. – 12435.
ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣود ﻣﺻطﻔﻰ ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ط،٧
,١٩٧٥ص ٤٣٤ .؛
ﻣﺣﻣود ﻧﺟﻳب ﺣﺳﻧﻲ ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،ط،١٩٧٨ ,٢
ص.٧٧١ .
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٤١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
اﻟﺣدﻳث ﺣرص ﻣن ﻳﺻدر ﻋﻧﻪ ﻋﻠﻰ ﺳرﻳﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ اﻟﺗﻲ ﺗدور ﺑﻳﻧﻪ وﺑﻳن اﻟﻐﻳر .وﻣﻔﺎد ذﻟك أﻻ
ﻳﻣﺗﻧﻊ وﺻف اﻟﺣدﻳث ﺑﺎﻟﺳري ٕوان ﺟرى ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم ،واﻟﻌﻛس ﺻﺣﻳﺢ ﻓﻘد ﻳﻔﻘد اﻟﺣدﻳث ﻫذﻩ
اﻟﺻﻔﺔ ٕوان وﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص)” .(٦٧إذن اﻟﻌﺑرة ﺑطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺣدﻳث ﻻ ﺑطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن ،ﻓﺎﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ
ﻳﻣﻛن أن ﺗﻛون ﺧﺎﺻﺔ ٕوان وﻗﻌت ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم”) .(٦٨ﻓطﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
ﻟﻠﻣﺣﺎدﺛﺎت ﻟﻳﺳت ﺳوى ﻗرﻳﻧﺔ ﺑﺳﻳطﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺳرﻳﺔ ،وﻟﻳﺳت ﻣﻌﻳﺎ اًر ﻟﻬﺎ.
ﻳﻌد اﺳﺗﺧدام أﺟﻬزة اﻟﺗﻧﺻت ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺣدﻳث وﺗﺳﺟﻳﻠﻪ وﻧﻘﻠﻪ وﺳﻳﻠﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ
)(٦٩
ﺑﻌض اﻟﺟراﺋم اﻟﺧطﻳرة ،ﻛﺎﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ .ﻟﻛن ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﺟﻳز اﻟﻣﺷرع اﻷردﻧﻲ ﺻراﺣﺔً
ﻣراﻗﺑﺔ اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻐﻔﻝ اﻟﻧص ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة اﻻطﻼع اﻟﻣﺑﺎﺷر ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻻ ﻳﻛون اﻻﺗﺻﺎﻝ اﻟﻬﺎﺗﻔﻲ وﺳﻳﻠﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﻬﺎ) ،(٧٠وﻫو ﺑذﻟك ﻳﺗرك ﺗﻘرﻳر اﻹﺟﺎزة أو
ﻋدﻣﻪ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﻏﻳر أن اﻟرأي اﻟﻘﺎﺋﻝ ﺑﺎﺷﺗراط وﻗوع اﻟﺣدﻳث ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺧﺎص ﻟﻛﻲ ﻳدﺧﻝ ﺿﻣن اﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ
ﻟﻠﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﻻ ﻳﺟب اﻷﺧذ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﺿرورة ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ ،وذﻟك ﻷن اﻻﻋﺗﺑﺎرات
اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻫذا اﻟرأي ﻻ ﺗﺟد ﻟﻬﺎ ﻣﻛﺎﻧﺎً ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ.
ﺣﺳﺎم اﻟدﻳن ﻛﺎﻣﻝ اﻷﻫواﻧﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ،١٢٦ .ﻓﻘرة ٨١؛ ﻣﺣﻣود ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﺣﻣد،
ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.١٩٨ .
ﻛﻣﺎ ﻧرى ﻋدم ﺿرورة اﻷﺧذ ﺑﺎﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﺿﻳق ﻟﻠﺣدﻳث اﻟﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ اﻷردﻧﻲ ﺣﻳث ﻟم
ﻳﺗﺿﻣن اﻟﻘﺎﻧون ﻧﺻوﺻﺎً ﺗﺟرم اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ.
) (٦٧ﺗﺳﺗﻧد اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳن ﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻟﺻورة وﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻳﺎر طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن إﻟﻰ
أﺳﺑﺎب ﻣﻧطﻘﻳﺔ .ﻓﻳﺗﺿﻣن وﺟود اﻟﺷﺧص ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم ﻣواﻓﻘﺗﻪ اﻟﺿﻣﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ أن ﻳﻛون ﻣرﺋﻳﺎً ﻣن
اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ= .
اﻟﺟﻣﻬور؛ ﻟذا ﻓﺈن اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻورة ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺎن اﻟﻌﺎم ﻻ ﻳﺣﻣﻝ
ً
=ﺑﻳﻧﻣﺎ وﻗوع ﺣدﻳث ﺧﺎص ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻋﺎم أﻣر ﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﺣدث ،ﻟذا ﻻ ﻳﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻛﺎن
اﻟﻣﻌﻳﺎر اﻟذي ﻳﺗﺣدد ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻳﻪ ﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻟﺣدﻳث.
ﺣﺳﺎم اﻟدﻳن اﻷﻫواﻧﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق.
BECOURT D. , Reflexions sur le projet de loi relatif a la protection de la vie privee, G. P.Doc. ,
201.
(68) PRADEL J. , Les dispositions de la loi no. 70-643 du 17 juillet 1970 sur la protection de la vie
privee, Dalloz, 1971-1-111.
(69) PRADEL J. , op. cit. , p. 373, no. 432.
) (٧٠اﻧظر اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ق .أ .م .ج.
٤٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
واﻟﺣق أن اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام أﺟﻬزة اﻟﺗﻧﺻت ﻳﺗﻘﺎﺑﻝ ﻓﻲ اﻟﺟوﻫر
ﻣﻊ اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ،ﻓﻛﻼﻫﻣﺎ اﻧﺗﻬﺎك ﻟﻠﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،وﻳﻧﺣﺻر
اﻻﺧﺗﻼف ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ .اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ ،ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﻌﺗﻘد ،إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ
اﻟﻘوﻝ ﺑﺈﺟﺎزة اﻷوﻟﻰ ﻗﻳﺎﺳﺎً ﻋﻠﻰ إﺟﺎزة اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺻرﻳﺣﺔ ﻟﻸﺧرى.
ﺑﻳد أن ﺗدﺧﻝ اﻟﻣﺷرع ﻹﺟﺎزة اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ أﺟﻬزة اﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت ﺻراﺣﺔً ﻣن ﺷﺄﻧﻪ
ﻗطﻊ داﺑر أي ﺧﻼف ﻗد ﻳﺛور ﺑﺷﺄن إﺟﺎزة ﻫذا اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ .وﻳﺑرر ﻫذا اﻟﻘوﻝ أﻧﻪ ﻳﺗﻌﻠق
ﺑﻣﺷروﻋﻳﺔ إﺟراء ﻳﻣس اﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ،وﺗدﺧﻝ اﻟﻘﺎﻧون ﻹﺟﺎزة ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻹﺟراءات وﺗﻧظﻳﻣﻬﺎ
ﺿروري ،ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔﻧﺎ اﻟﻘوﻝ ،ﻛﻲ ﺗﻌد ﻣﺷروﻋﺔ.
ب(
اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟذي ﻳﺟﻳزﻩ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣ ًﺔ:
ﻳﺟﻳز اﻟﻘﺎﻧون ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﻘرر ﺿﺑطﻬﺎ ﻟدى
ﻣﻛﺎﺗب اﻟﺑرﻳد واﻟﺑرق ،وﻳﺟﻳز ﻟﻪ أﻳﺿﺎً ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ).(٧١
واﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ أن ﺳﺑب ﺣﺻر اﻟﻣﺷرع إﺟﺎزة ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻓﻘطٕ ،واﻏﻔﺎﻝ اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻝ
اﻋﺗداءات ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،ﻳﻌود إﻟﻰ أن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻛﺎن ،ﻗﺑﻝ ،(٧٢)٢٠١٠
ﻳﺟرم ﻓﻘط ﻫذﻩ اﻟﺻور ﻣن اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﺣت ﻋﻧوان ﺟراﺋم إﻓﺷﺎء
اﻷﺳرار ،ﻓﻳﻌﺎﻗب ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻛﻝ ﺷﺧص ﻣﻠﺣق ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺑرق واﻟﺑرﻳد ﻳطﻠﻊ ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ
ﻣظروﻓﺔ أو ﻳﻔﺿﻲ ﺑﻣﺿﻣوﻧﻬﺎ إﻟﻰ ﻏﻳر اﻟﻣرﺳﻝ إﻟﻳﻪ ،وﻳﻌﺎﻗب ﻛذﻟك ﻣن ﻛﺎن ﻣﻠﺣﻘﺎً ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ
اﻟﻬﺎﺗف إذا أﻓﺷﻰ ﻣﺧﺎﺑرة ﻫﺎﺗﻔﻳﺔ) ،(٧٣اﻷﻣر اﻟذي ﻳؤدي ،ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻋدم وﺟود اﻹﺟﺎزة
اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،إﻟﻰ ﻗﻳﺎم ﻣﺳﺋوﻟﻳﺔ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،،ﻋن
) (٧١اﻟﻣﺎدﺗﺎن ) (٨٨و ) (٨٩ق .أ .م .ج.
) (٧٢ﻓﺑﺻدور اﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (١٢ﻟﺳﻧﺔ ٢٠١٠اﻟذي أﺿﺎف ﻣﺎدةً ﺟدﻳدةً ﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،ﻫﻲ اﻟﻣﺎدة )٣٤٨
ﻣﻛر اًر( ،أﺻﺑﺢ ﺟرﻳﻣﺔ ﻳﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ﺗﺻﻝ إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬر ﻛﻝ اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣﻳﺎة اﻟﻐﻳر
اﻟﺧﺎﺻﺔ “ﺑﺎﺳﺗراق اﻟﺳﻣﻊ أو اﻟﺑﺻر ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ ﻛﺎﻧت”.
) (٧٣اﻟﻣﺎدة ) (٣٥٦ق .ع.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٤٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ﺟرم إﻓﺷﺎء اﻷﺳرار إن ﻗﺎم ﺑدﻓﻊ ﻣن ﻫو ﻣﻠﺣق ﺑﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺑرﻳد واﻟﺑرق واﻟﻬﺎﺗف
ﻋﻠﻰ إﻓﺷﺎء اﻟﺳر اﻟﻣﺗﻌﻠق ﺑﻣﺿﻣون رﺳﺎﻟﺔ أو ﺑرﻗﻳﺔ أو ﻣﺧﺎﺑرة ﻫﺎﺗﻔﻳﺔ .وﻻ ﻳﻛﻔﻲ اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻰ
أﺳﺑﺎب اﻟﺗﺑرﻳر اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻣﻧﺻوص ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣواد ﻣن ) (٥٩إﻟﻰ ) (٦٢ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت
ﻟﺗﺑرﻳر أﻓﻌﺎﻝ اﻟﻣدﻋﻳﻳن اﻟﻌﺎﻣﻳن؛ وذﻟك ﻟﻌدم ﺗواﻓر ﺷروط أي ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ.
ﻟﻛن ﺑﻌد ﺗﻌدﻳﻝ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت أﺻﺑﺢ ،ﺑﺣﺳب ﻧص اﻟﻣﺎدة ) ٣٤٨ﻣﻛررة( ،ﻛﻝ اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻳﺎة
اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻣن ﺧﻼﻝ “اﺳﺗراق اﻟﺳﻣﻊ أو اﻟﺑﺻر” ﺟرﻳﻣﺔ ،ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ،ﺑﻣﺎ ﻓﻲ ذﻟك “
اﻟﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﺻوﺗﻲ أو اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور أو اﺳﺗﺧدام اﻟﻣﻧظﺎر” ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺳﺗدﻋﻲ ،ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﻌﺗﻘد،
ﺿرورة ﺗﻌدﻳﻝ ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻟﻛﻲ ﻳﺟﻳز اﻟﻘﺎﻧون أﻓﻌﺎﻝ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺛﻝ
اﻋﺗداء ﻣﺟرﻣﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎﻝ ﻟدواﻋﻲ اﻟﺗﺣﻘﻳق ،ﻓﻼ ﺑد أن ﻳﻘﺎﺑﻝ
ً
اﻟﺗﻌدﻳﻝ اﻟﻣطﻠوب ذﻟك اﻟذي طﺎﻝ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗوﺳﻳﻊ ﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ.
ﺛﺎﻧﻳﺎً :اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﺣﺎط ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ:
وﻳﺣﻳط ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﺋﻝ
واﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت واﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻳراد ﻟﻬﺎ ﺗﺄﻣﻳن اﻻﺣﺗرام اﻟذي ﻳﻘﺗﺿﻳﻪ اﻟﺣق
ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ .ﻟﻛن اﻟﺗﺳﺎؤﻝ اﻟذي ﻳﺛور ﺑﺷﺄن ﻫذﻩ اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ﻳظﻝ اﻵﺗﻲ :ﻣﺎ ﻣدى ﻛﻔﺎﻳﺔ
اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻟﻠﻘوﻝ ﺑﺄن إﺟﺎزة اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺗﻘﻊ ﻓﻲ ﺣدود ﺿرورة
اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ؟ .وﻹﺟﺎﺑﺔ ﻫذا اﻟﺳؤاﻝ ﻳﺗﻌﻳن ﺑداﻳﺔ ﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﻳﻬﺎ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﺛم ﺑﻳﺎن ﺗﻠك اﻟﺗﻲ أﻏﻔﻝ اﻟﻧص ﻋﻠﻳﻬﺎ.
)أ( اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﻧص ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون.
oاﻟﺿﻣﺎﻧﺔ اﻷوﻟﻰ:
ﺗﺣﺻر اﻟﻔﻘرة ) (٣ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (٨٩ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم
دون ﻏﻳرﻩ ﺻﻼﺣﻳﺔ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت اﻟﻣﺿﺑوطﺔ .وﻳﺗﺿﺢ ﻣن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻳن ﻣﺎ
٤٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ورد ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻔﻘرة واﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ ﻣن اﻟﻧص ذاﺗﻪ ،ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺟوز أن ﻳﻧﻳب اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم أﺣد
ﻣوظﻔﻲ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻟﻠﻘﻳﺎم ﺑﺎﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت اﻟﻣﺿﺑوطﺔ ) .(٧٤ﻓﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﺟﻳز
اﻟﻣﺷرع ﻟﻣوظف اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﻧﺎب اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻷوراق ﻗﺑﻝ ﺿﺑطﻬﺎ )اﻟﻔﻘرة اﻷوﻟﻰ
ﻣن اﻟﻧص( ،ﻓﻘد ﺧﻼ اﻟﻧص اﻟذي ﻳﻧظم ﺳﻠطﺔ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻷوراق اﻟﻣﺿﺑوطﺔ ﻣن ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ
اﻹﺟﺎزة )اﻟﻔﻘرة اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻧص(.
وﺣﺳﻧﺎً ﻓﻌﻝ اﻟﻣﺷرع ﻋﻧدﻣﺎ ﺣﺻر اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻣن ﺧﻼﻝ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ
اﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت ،ﻓﻲ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻓﻬذا ﻳﻣﺛﻝ إﺣدى اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﻣﻬﻣﺔ اﻟﺗﻲ أرادﻫﺎ اﻟﻣﺷرع ﺣﻣﺎﻳﺔ
ﻟﻠﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ .ﻟﻛﻧﻪ أﻏﻔﻝ اﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﺿﻣﺎﻧﺔ ذاﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ،ﻓﻬﻝ ﻳﻌﻧﻲ ذﻟك
ﺟواز إﻧﺎﺑﺔ ﻣوظﻔﻲ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻓﻲ اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﺣﺗوى ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت؟
ﻧﻌﺗﻘد ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذا اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ﺑﺎﻟﻧﻔﻲ؛ ﺣﻳث ﻻ ﻳﻘوم ﻋﻠﻰ ﻣﻧطق ﻣﻘﺑوﻝ إﺣﺎطﺔ
اﻟﻣراﺳﻼت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺿﻣﺎﻧﺔ ﺗﺗﺄﺗﻰ ﻣن أن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﻳﺣق ﻟﻬﺎ اﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻬﺎ،
واﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺔ ذاﺗﻬﺎ .ﻓﺑﻣﺎ أن اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﻫو
ﺗدﺧﻝ ﻣن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻸﻓراد ،ﻓﻳﺗﻌﻳن ﻋدم اﻟﺳﻣﺎح ﺑﻣﺑﺎﺷرة ذﻟك إﻻ ﻣن
ﺧﻼﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ).(٧٥
oاﻟﺿﻣﺎﻧﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ :
ﺣدد اﻟﻣﺷرع اﻟﻐرض ﻣن اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺳﻼت اﻟﺧﺎﺻﺔ أو اﻷﺣﺎدﻳث اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ
ﺑﺎﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ .ﻓﺗﺑﻳن اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ اﻟﻣراﺳﻼت
واﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن اﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻟﻬﺎ ” ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ”.
) (٧٤وﻻﻳﻐﻳر ﻓﻲ ذﻟك ﻣﺎ ورد ﻓﻲ اﻟﻔﻘرة ) (١ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (٩٢ق .أ .م .ج .ﻣن أن “ . . .وﻟﻪ )اﻟﻣدﻋﻲ
اﻟﻌﺎم( أن ﻳﻧﻳب أﺣد ﻣوظﻔﻲ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻷﻳﺔ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﻣن ﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻋدا اﺳﺗﺟواب
اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ “.
(75) PRADEL J. , Un control tres strict des ecoutes telephoniques par la Cour de
Strasbourg, D. 2005, no. 26, juris. , p. 1755.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٤٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وﻳﺗطﻠب ﺗطﺑﻳق ﻫذا اﻟﻧص ،ﺑﺣﺳب اﻋﺗﻘﺎدﻧﺎ ،ﻗﻳﺎم اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻳﻘرر ﺿﺑط
اﻟﻣراﺳﻼت أو ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت ﺗﺿﻣﻳن ﻗ اررﻩ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﻣوﺿوﻋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻳﻬﺎ ،وذﻟك ﻛﻲ
ﻳﺗﺳﻧﻰ ﻣراﻗﺑﺔ ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻫذا اﻟﻘرار ،ﻓﺎﻟﺗﻔﺳﻳر اﻟﺳﻠﻳم ﻟﺻﻳﺎﻏﺔ اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ﻻ ﻳﺳﻣﺢ ﺑﺄن ﻳﺗرك
ﺗﻘدﻳر “اﻟﻔﺎﺋدة ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ” ﻟﻣطﻠق ﻗﻧﺎﻋﺎت اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺷﺧﺻﻳﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻳﺗﻌﻳن أن
ﻳﺳﺗﻧد ذﻟك اﻟﺗﻘدﻳر إﻟﻰ أﺳﺑﺎب ﻣوﺿوﻋﻳﺔ).(٧٦
)ب( اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ أﻏﻔﻝ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻧص ﻋﻠﻳﻬﺎ.
أﻏﻔﻝ اﻟﻣﺷرع ﺑﻳﺎن اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﻘﻊ ﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ :ﻣن
ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻷﺷﺧﺎص ،أو اﻟﺟراﺋم ،أو ﻣدة اﻹﺟراء.
oﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻷﺷﺧﺎص :
ﻳﺑﻳن اﻟﻘﺎﻧون ﻣﺎ ﻳﺟوز ﺿﺑطﻪ واﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻪ وﻣراﻗﺑﺗﻪ ،ﻟﻛن دون ﺗﺣدﻳد اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﻳن
ﻳﺟوز ﺿﺑط ﻣراﺳﻼﺗﻬم واﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻬﺎ أو ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺣﺎدﺛﺎﺗﻬم اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ،ﻓﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم
إذن أن ﻳﻘرر ذﻟك ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ أي ﺷﺧص ،ﺳواء أﻛﺎن ﻣﺷﺗﺑﻬﺎً ﻓﻳﻪ ،أم ﺷﺎﻫداً ،أم ﻣﺷﺗﻛﻳﺎً ،أم
ﻣدﻋﻳﺎً ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻟﻣدﻧﻳﺔ …إﻟﺦ.
واﻟﺣق أن اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ إﺟﺎزة اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻳﺧرج اﻹﺟﺎزة ﻋن ﺣدود
اﻟﺿرورة .وﻛﺎن اﻷﺟدر ﺑﺎﻟﻣﺷرع ﺣﺻر اﻷﺷﺧﺎص اﻟذﻳن ﻳﻣﻛن ﺿﺑط ﻣراﺳﻼﺗﻬم واﻻطﻼع
) (٧٦ﻟزﻳﺎدة ﻓﻲ اﻟﺗوﺿﻳﺢ ﻳﻣﻛن اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻳن ﺻﻳﺎﻏﺔ ﻧص اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ق .أ .م .ج .و ﺻﻳﺎﻏﺔ اﻟﻔﻘرة
اﻟﺛﺎﻟﺛﺔ ﻣن اﻟﻣﺎدة ) (٨٩ﻣن اﻟﻘﺎﻧون ذاﺗﻪ ،ﺣﻳث ﺗﺟﻳز اﻷﺧﻳرة ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟرﺳﺎﺋﻝ
واﻟﺑرﻗﻳﺎت اﻟﺗﻲ ” ﻳراﻫﺎ ﻻزﻣﺔ ﻹظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ” ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﺟﺎءت ﺻﻳﺎﻏﺔ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
”ﻣﺗﻰ ﻛﺎن ﻟذﻟك ﻓﺎﺋدة ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ “ ،وﻳدﻝ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﻳن ﻫﺎﺗﻳن اﻟﺻﻳﺎﻏﺗﻳن ﻋﻠﻰ أن ﺗﻘدﻳر
”اﻟﻔﺎﺋدة ﻓﻲ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ” ﻳﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺑﺎب ﻣوﺿوﻋﻳﺔ ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﻛون ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم أن ﻳﻘرر
اﻻﺣﺗﻔﺎظ ﺑﺎﻟرﺳﺎﺋﻝ واﻟﺑرﻗﻳﺎت اﻟﻣﺿﺑوطﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ،ﺑﺣﺳب ﺗﻘدﻳرﻩ ،ﻻزﻣﺔ ﻹظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،أي
ﻳﻛون اﻟﺗﻘدﻳر ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷﺧﻳرة ﻣﺑﻧﻳﺎً ﻋﻠﻰ ﻗﻧﺎﻋﺔ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم.
٤٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﻋﻠﻳﻬﺎ أو ﻣراﻗﺑﺔ ﻣﺣﺎدﺛﺎﺗﻬم اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﺑﺎﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻬم ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟراﺋم ،ﻋﻠﻰ ﻏرار إﺟﺎزة دﺧوﻝ
اﻟﻣﻧﺎزﻝ وﺗﻔﺗﻳﺷﻬﺎ).(٧٧
وﻻﺑد ﻣن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن ﻣراﻋﺎة ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع ﺗﻣﺛﻝ ﻗﻳداً ﻋﻠﻰ ﺳﻠطﺔ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﺗﺣدﻳد
اﻷﺷﺧﺎص .ﻓﻠﻳس ﻟﻠﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺳﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﺑﻳن اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ وﻣﺣﺎﻣﻳﻪ ﻟﻣﺎ
ﻳﻧطوي ﻋﻠﻳﻪ ذﻟك ﻣن إﻫدار ﻟﺣق اﻟدﻓﺎع .وﻫذا اﻟﺳﺑب اﻟذي ﺟﻌﻝ اﻟﻣﺷرع ﻳﻘرر ﺑﺄﻧﻪ ﻻ ﻳﺟوز
اﻹﺛﺑﺎت “ﺑﺎﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﺗﺑﺎدﻟﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺗﻬم أو اﻟظﻧﻳن أو اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ وﻣﺣﺎﻣﻳﻪ”).(٧٨
وﻳدﺧﻝ ﺿﻣن اﻹطﺎر ذاﺗﻪ ﺣظر اﻻطﻼع ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺟري ﺑﻳن اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ
وﻣﺣﺎﻣﻳﻪ .ﻓﻳﻣﺗﻧﻊ ،ﺗطﺑﻳﻘﺎً ﻋﻠﻰ ذﻟك ،وﺿﻊ ﻫﺎﺗف ﻣﻛﺗب اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﺗﺣت اﻟﻣراﻗﺑﺔ ،إﻻ ﻓﻲ
اﻷﺣواﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﻛون اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﻓﻳﻬﺎ ﻣﺷﺗﺑﻬﺎً ﻓﻳﻪ ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ أو اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻳﻬﺎ)(٧٩؛ ﺣﻳث
ﻳﻘﺗﺿﻲ ﺣق اﻟدﻓﺎع إﺣﺎطﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ و اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﺑﺎﻟﺳرﻳﺔ؛ ﻟذا ﻓﺈن اﻟﻣﺷرع
ﻳﻘرر وﺟوب ﺗﻣﻛﻳن اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ﻣن اﻻﺗﺻﺎﻝ ﺑﺎﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﻣوﻗوف ﻓﻲ أي وﻗت و” ﺑﻣﻌزﻝ
ﻋن أي رﻗﻳب”).(٨٠
وﻣن أﺟﻝ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺔ إﺟراءات ﺿﺑط اﻟﻣراﺳﻼت واﻻطﻼع ﻋﻠﻳﻬﺎ ،وﻟﻠﺣﻳﻠوﻟﺔ
دون اﻟطﻌون اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗطﺎﻝ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﻳق ،ﻓﻘد اﺷﺗرط اﻟﻣﺷرع أن ﻳﻘﻊ ﻓض اﻷﺧﺗﺎم وﻓرز
اﻷوراق اﻟﺗﻲ ﺗﻘرر ﺿﺑطﻬﺎ ،ﻓﻲ ﺣﺿور اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ أو وﻛﻳﻠﻪ) ،(٨١وﻳﺟوز أن ﻳﻘﻊ ذﻟك ﻓﻲ
ﻏﻳﺎﺑﻬﻣﺎ إذا دﻋﻳﺎ وﻟم ﻳﺣﺿ ار ،أو ﻋﻧد وﺟود ﺣﺎﻟﺔ ﺿرورة ﺗﺳﺗدﻋﻲ ذﻟك).(٨٢
) (٧٧اﻟﻣﺎدة ) (٨١وﻣﺎ ﻳﻠﻳﻬﺎ ق .أ .م .ج.
) (٧٨اﻟﻣﺎدة ) (١٥٢ق .أ .م .ج.
(79) PRADEL J. & VARINARD A. , p. 187.
) (٨٠اﻟﻣﺎدة ) (٦٦ق .أ .م .ج .اﻟﻣﻌدﻟﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون رﻗم ) (١٦ﻟﺳﻧﺔ .٢٠٠١
ﻛﺎن ﻫذا اﻟﻧص ﻗﺑﻝ اﻟﺗﻌدﻳﻝ ﻳﻣﻛن اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ” إذا رأى ذﻟك “ ،ﻣﻧﻊ اﺗﺻﺎﻝ اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ
ﺑﺎﻟﻣﺣﺎﻣﻲ.
) (٨١ﻳﺗﻌﻳن اﻟﺗﺄﻛﻳد ﻋﻠﻰ أن ﻫذﻩ اﻟﺿﻣﺎﻧﺔ ﻻ ﺗﻘﻊ ﺿﻣن ﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﻏﺎﻳﺗﻬﺎ
اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﻣن اﻟﺑطﻼن.
) (٨٢اﻟﻣﺎدة ) (٨٩ﻓﻘرة ) (٢ق .أ .م .ج.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٤٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
oﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﺟراﺋم :
ﻟم ﻳﺣدد اﻟﻣﺷرع اﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن ﻋﻧد اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻓﻳﻬﺎ ،أن ﻳﺗم ﺿﺑط اﻟﻣراﺳﻼت واﻻطﻼع
ﻋﻠﻳﻬﺎ وﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ .وﻓﻲ ظﻝ اﻟﻛﺎﺋن ﻣن اﻟﻧﺻوص ،ﻳﻣﻛن إذن ،أن ﻳﻘﻊ ذﻟك ﻓﻲ
ﻣواﺟﻬﺔ أي ﺟرﻳﻣﺔ ﻣﻬﻣﺎ ﻛﺎﻧت درﺟﺔ ﺟﺳﺎﻣﺗﻬﺎ .وﻳﺧرج ﻋن ﺣدود اﻟﺿرورة ،اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن
ﻳﺗﺣدد ﺑﺣدودﻫﺎ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،ﻋﻧد وﻗوع ﻫذا اﻟﻣﺳﺎس ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺟراﺋم
اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻣﺛﻝ ﺧطورة ذات أﻫﻣﻳﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ .وﺑﻣﺎ أن اﻟﺿرورة ﺗﺗﺣدد ﺑﺣدودﻫﺎ ،ﻓﺈﻧﻪ
ﻳﺗﻌﻳن ﻋدم اﻟﻘﺑوﻝ ﺑﺈﻫدار ﺣق ﺑﺄﻫﻣﻳﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،إﻻ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗدﻋﻲ
ﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ذﻟك ،أو ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗطﻠب طﺑﻳﻌﺗﻬﺎ إﺟراءات ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻣﻛﺎﻓﺣﺗﻬﺎ.
وﻧرى ﺿرورة ﺗﻌدﻳﻝ اﻟﻣﺎدة ) (٨٨ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﺑﺣﻳث ﻳﺗم اﻟرﺑط
ﺑﻳن إﺟﺎزة اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﺿرورة ،ﺧﺻوﺻﺎً وأن ﻓﻛرة اﻟرﺑط ﺑﻳن
طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ أو ﺟﺳﺎﻣﺗﻬﺎ و اﻟﺗﻘﻳﻳد ﻣن اﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻟم ﺗﻛن ﺑﻌﻳدة ﻋن ﺟوﻫر ﺑﻌض
اﻟﺗﻌدﻳﻼت اﻟﺗﻲ طﺎﻟت ﻫذا اﻟﻘﺎﻧون).(٨٣
oﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻣدة :
ﻟم ﻳﺣدد اﻟﻣﺷرع اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣراﺳﻼت ،أو ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص،
اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ؛ ﻟذا ﻳﺗﻌﻳن اﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﻣدة اﻟﺗﻲ ﻳﺟوز أن ﺗﻘﻊ ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣراﻗﺑﺔ وأﻻ
ﺗﺗﺟﺎوزﻫﺎ .ﺳواء أﻛﺎن ذﻟك ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣدة اﻷﺻﻠﻳﺔ ،أم ﻣدة أو ﻣدد ﺗﺟدﻳدﻫﺎ إذا اﺳﺗدﻋت
إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﻳق ذﻟكٕ .واﺧﺿﺎع ﻣدد اﻟﺗﺟدﻳد ،إذا ﺗﺟﺎوزت ﺣدود ﻣﻌﻳﻧﺔ ،ﻟﻘرار ﻳﺻدر ﻋن ﺟﻬﺔ
) (٨٣ﻣن ﺑﻳن ﻫذﻩ اﻟﺗﻌدﻳﻼت ﺗﻠك اﻟﺗﻲ طﺎﻟت اﻟﻣﺎدة ) (١١٤ق .أ .م .ج .اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗوﻗﻳف )ﺑﺎﻟﻘﺎﻧون
رﻗم ) (١٦ﻟﺳﻧﺔ .(٢٠٠١ﻓﻣﻧذ ﻫذا اﻟﺗﻌدﻳﻝ أﺻﺑﺢ ﺗﻘﻳﻳد اﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗوﻗﻳف
اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ ،ﻏﻳر ﺟﺎﺋز إﻻ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺟﻧﺎﻳﺔ ،أوﺟﻧﺣﺔ ﻳﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﻟﻣدة ﺗزﻳد
ﻋن ﺳﻧﺗﻳن ،أو ﻛﺎﻧت طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺗﻘﺗﺿﻲ ذﻟك ،أو ﻛﺎﻧت ﻫﻧﺎك ﺣﺎﻟﺔ ﺗﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺗوﻗﻳف ،وﻗد
ﺣدد اﻟﻘﺎﻧون ﻫذﻩ اﻟﺟراﺋم وﺗﻠك اﻟﺣﺎﻻت.
٤٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﻗﺿﺎﺋﻳﺔ أﺧرى ﻏﻳر اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻋﻠﻰ ﻏرار ﻣﺎ ﻫو ﻣطﺑق ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗوﻗﻳف) .(٨٤واﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣن
ذﻟك ،ﻫﻲ ﺿﻣﺎن أﻻ ﻳﺗﺟﺎوز اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﺣدود اﻟﺿرورة).(٨٥
وﺻﻔوة اﻟﻘوﻝ أﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع إﻋﺎدة ﺗﻧظﻳم إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻣﺛﻝ ﻣﺳﺎﺳﺎً
ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ؛ وذﻟك ﻣن أﺟﻝ إﺿﻔﺎء ﺻﻔﺔ اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﻋﻠﻳﻬﺎ .وﻻ ﻳﺗﺄﺗﻰ ذﻟك ﻣن
ﺧﻼﻝ إﺑﺎﺣﺔ ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ﻓﻘطٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻘﺗﺿﻲ اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ أﻳﺿﺎً إﺣﺎطﺔ اﻹﺟراء ﺑﺎﻟﺿﻣﺎﻧﺎت
اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺻﻳﺎﻧﺔ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﻣن أي ﺗﻌﺳف ﻗد ﻳﻘﻊ ،أي :ﺗﻠك اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ
ﻹﺑﻘﺎء اﻹﺟراء ﺿﻣن ﺣدود اﻟﺿرورة اﻟﺗﻲ ﺗﺑرر اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﻪ ﻣن ﻗﺑﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ.
وﺗظﻬر اﻟﺣﺎﺟﺔ ،ﺑﺷﻛﻝ أﻛﺑر ،ﻟﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﺗﻧظﻳم ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻘﺗﺿﻲ اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻣراﻗﺑﺔ أو اﻟﺗﻧﺻت
أو اﻟﺗﻘﺎط أو اﻋﺗراض اﻻﺗﺻﺎﻻت أو اﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ .ﻓﻔﻲ ظﻝ ﻏﻳﺎب اﻟﺗﻧظﻳم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ
اﻟﺧﺎص ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻷﺣواﻝ ﻓﺈﻧﻪ ﻟن ﻳﻛون ﻣﺗﺎﺣًﺎ أﻣﺎم ﺟﻬﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق ﺳوى اﺗﺑﺎع اﻹﺟراءات
اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﻣراﻗﺑﺔ واﻟﺗﻧﺻت ﻋﻠﻰ اﻟﻣراﺳﻼت واﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻌﺎدﻳﺔ) .(٨٦وﻗد ﺑﻳﻧﺎ ﻏﻳﺎب اﻟﺗﻧظﻳم
اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟﻣطﻠوب ﻟﻬذﻩ اﻹﺟراءات ،وﻧﺳﺗطﻳﻊ أن ﻧﺿﻳف أن اﻋﺗراض اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ
) (٨٤اﻟﻣﺎدة ) (١١٤ق .أ .م .ج.
) (٨٥ﻛﺎن ﻗد ﺻدر ﻓﻲ ١٩٩٠/٤/٢٤ﻋن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻷورﺑﻳﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،ﺣﻛﻣﺎً أدان ﻓرﻧﺳﺎ
ﻻﻧﺗﻬﺎﻛﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (٨ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻷورﺑﻳﺔ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن .واﺳﺗﻧدت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ
أن اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣطﺑق ﻋﻠﻰ ﻣراﻗﺑﺔ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﻳﻔﺗﻘد اﻟﺗﺣدﻳد اﻟﻣطﻠوب ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق
ﺑﺎﻷﺷﺧﺎص اﻟذﻳن ﻳﻣﻛن إﺧﺿﺎع ﻣﺣﺎدﺛﺎﺗﻬم اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﻟﻠﻣراﻗﺑﺔ ،و ﺑﺎﻟﺟراﺋم اﻟﺗﻲ ﻳﺧﺿﻊ ﻣرﺗﻛﺑوﻫﺎ ﻟﻬذا
اﻹﺟراء ،وﺑﻣدة اﻹﺟراء ،و ﺑﺎﻟﺷروط اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﺿر اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻹﺟراء،
وﺑﺎﻻﺣﺗﻳﺎطﺎت اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻟﻺﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ وﺳﻠﻳﻣﺔ ،وﺑﺗﺣدﻳد
اﻟظروف اﻟﺗﻲ ﻳﺟب ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻣﺳﺢ ٕواﺗﻼف أﺷرطﺔ اﻟﺗﺳﺟﻳﻝ ﺑﻌد اﻟﻘرار ﺑﻣﻧﻊ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ،أو اﻟﺣﻛم
ﺑﺎﻟﺑراءة.
ﻟﻣزﻳد ﻣن اﻟﺗﻔﺻﻳﻝ ﺣوﻝ ﻫذا اﻟﺣﻛم ،اﻧظر:
RASSAT M-L. , op. cit. , p. 336, no. 212 .
) (٨٦وﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ :إن اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ﻳﻛون أﻛﺛر ﻋرﺿﺔ ﻟﻼﻧﺗﻬﺎك إذا ﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻻﺗﺻﺎﻻت
اﻻﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ ،ﺳواء اﻟﻣﺣﺎدﺛﺎت أو اﻟرﺳﺎﺋﻝ ،ﻫﻲ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ؛ ﻟذا ﺗظﻬر أﻳﺿﺎً اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﺣﻣﺎﻳﺔ ﺟزاﺋﻳﺔ
ﻟﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﺗﺻﺎﻻت.
اﻧظر :ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ ،إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ ،ﻧدوة ﺟراﺋم ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ،ﻛﻠﻳﺔ
اﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ،٢٠١٠ ،ص.٩٥ .
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٤٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وﺗﺳﺟﻳﻠﻬﺎ ﺑﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إﺟراءات أﺧرى ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬذا اﻟﻧوع ﻣن اﻻﺗﺻﺎﻝ) .(٨٧وﻗد ﻣﺛﻠت ﻫذﻩ
اﻹﺟراءات اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﻣوﺿوع اﻟﺑﺎب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ)،(٨٨
اﻟذي ﺗﺿﻣن ﺛﻣﺎن ﻣواد )ﻣن اﻟﻣﺎدة ١٤إﻟﻰ اﻟﻣﺎدة (٢١ﻧظﻣت ﻫذﻩ اﻹﺟراءات.
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﻣﺴﺎﺱ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﲝﺮﻣﺔ ﺍﳉﺴﺪ
ﻳﺗﻔرد ﻛﻝ إﻧﺳﺎن ﺑﻧﻣط ﺧﺎص ﻣن اﻟﺗرﻛﻳب اﻟوراﺛﻲ اﻟذي ﻻ ﻳﺷﺎرﻛﻪ ﻓﻳﻪ أي ﺷﺧص
آﺧر) ،(٨٩و ﻳﺗﻌﺎرف ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻣﻳﺔ ﻫذا اﻟﻧﻣط “اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ”؛ ﻟذا ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،ﺗﻌد
اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ ﻻ ﺗﺧطﺊ ﻓﻲ ﺗﺣدﻳد اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ.
واﻟﺣق أن ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺗﻘدم ﻓﻲ اﻷﺑﺣﺎث اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﺑﻳوﻟوﺟﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ ﻟﻳس ﺑﺎﻟﻣوﺿوع
اﻟﺟدﻳد) .(٩٠ﻟﻛن ﻳﻛﺗﺳب ﻫذا اﻟﻣوﺿوع أﻫﻣﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋن ﻫوﻳﺔ اﻟﺟﺎﻧﻲ
ٕواﺛﺑﺎت إﺳﻧﺎد اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ) .(٩١ﻓﺗظﻬر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ ،أﻫﻣﻳﺔ اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ
اﻟﺟوﻫرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ ﺗﺣدﻳد اﻟﻛﻳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن ﻟﻼﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ” أن ﺗؤﺛر
وﺗطور وﺗﻌدﻝ ﻓﻲ ﺗﻧظﻳم رد اﻟﻔﻌﻝ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ؛ ﻓﺿﻣن أي اﻟﺣدود ﻳﻌد ذاك
)(٨٧
)(٨٨
)(٨٩
)(٩٠
ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.١٠٧ .
اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ )اﺗﻔﺎﻗﻳﺔ ﺑوداﺑﺳت( ٢٣ ،ﻧوﻓﻣﺑر ،٢٠٠١ﻣﺟﻠس أورﺑﺎ ،ﻣﺟﻣوﻋﺔ
=
اﻟﻣﻌﺎﻫدات اﻷورﺑﻳﺔ ،رﻗم .١٨٥
=وﺗﻌد ﻫذﻩ اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ أوﻝ اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺎت اﻟدوﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ اﺧﺗﺻت ﺑﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ ،وﺗﻣت ﺗﺣت إﺷراف
اﻟﻣﺟﻠس اﻷورﺑﻲ ،ووﻗﻌﺗﻬﺎ ) (٣٠دوﻟﺔ ﻣن ﺿﻣﻧﻬﺎ ) (٤دوﻝ ﻣن ﺧﺎرج أﻋﺿﺎء اﻟﻣﺟﻠس ،ﻫﻲ :اﻟوﻻﻳﺎت
اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﻳﻛﻳﺔ ،وﻛﻧدا ،واﻟﻳﺎﺑﺎن ،وﺟﻧوب إﻓرﻳﻘﻳﺎ .ودﺧﻠت اﻻﺗﻔﺎﻗﻳﺔ ﺣﻳز اﻟﻧﻔﺎذ ﻓﻲ اﻷوﻝ ﻣن ﻳﻧﺎﻳر ﻋﺎم
.٢٠٠٧
ﺗﺷﻳر اﻟدراﺳﺎت إﻟﻰ أن اﺣﺗﻣﺎﻝ ﺗواﺟد ﻧﻔس اﻟﺗﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ ﺟزﺋﻳﺔ .D. N. Aﻋﻧد ﺷﺧﺻﻳن ﻣﺧﺗﻠﻔﻳن ﻻ ﻳﺗﻌدى
ﻧﺳﺑﺔ اﻟواﺣد ﻓﻲ اﻟﻣﻠﻳﺎر ،و ﻻﻳﺗﺟﺎوز ﻫذا اﻻﺣﺗﻣﺎﻝ ﻋﻧد اﻷﺷﻘﺎء ﻧﺳﺑﺔ اﻟواﺣد ﻓﻲ اﻟﻌﺷرة ﻣﻼﻳﻳن.
إن اﺳﺗﺧدام ﺑﺻﻣﺔ اﻷﺻﺎﺑﻊ ،وﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟدم ،واﺳﺗﺧراج ﺟﺳم ﻏرﻳب ﻣن ﺟﺳد اﻟﺟﺎﻧﻲ أو اﻟﺿﺣﻳﺔ
وﺗﺣﻠﻳﻠﻪ….إﻟﺦ ﻛﻠﻬﺎ وﺳﺎﺋﻝ ﺗﻌﺗﻣد اﻟطرق اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ،وﺗﺳﺗﺧدم ﻣﻧذ .زﻣن .اﻧظر :ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﻬذﻩ
اﻟوﺳﺎﺋﻝ ،وﻣﺎ ﻗد ﻳﺗرﺗب ﻋن اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻣن إﺷﻛﺎﻟﻳﺎت :
PRADEL J. , Procedure penale, op. cit. , p. 379, no. 435 et 436.
(91) MOLINA E. , La liberte de la prevue des infractions en droit francais contemporain, Puam,
2001, no. 166.
٥٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﺗﺄﺛﻳر وﻫذا اﻟﺗطور واﻟﺗﻌدﻳﻝ ﻣﻘﺑوﻻً ﻓﻲ ﻧظﺎم ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻳﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ”).(٩٢
وﺗﻌد اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ ﻧظر اﻟﻛﺛﻳرﻳن ،دﻟﻳﻼً ﻣﺛﺎﻟﻳﺎً؛ ﺣﻳث ﻳﻛﻔﻲ ﺗﺣﻠﻳﻝ ﻣﺎدة اﻟﺑﺻﻣﺔ
اﻟوراﺛﻳﺔ ،أي اﻟـ ، .D. N. Aاﻟﺗﻲ ﺗوﺟد ﻓﻲ ﺑﻌض ﻗطرات دم أو ﺷﻌر أو ﻟﻌﺎب أو ﺳﺎﺋﻝ
ﻣﻧوي …إﻟﺦ ﻣوﺟود ﻋﻠﻰ اﻟﺿﺣﻳﺔ أو ﻓﻲ ﻣﺳرح اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻟﻛﻲ ﻳﺗم اﻟﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﻫوﻳﺔ ﻣرﺗﻛب
اﻟﺟرﻳﻣﺔ .ﻓﺎﻟﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻷﺷﻳﺎء ،وﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﺣﻠﻳﻝ ﻣﻊ ﺗﺣﻠﻳﻝ ﺧﻼﻳﺎ
ﻣﺄﺧوذة ﻣن اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﺗﺳﺗﺟﻠﻲ ﺑﺻورة ﻗﺎطﻌﺔ ﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،أو ﺑراءﺗﻪ؛ وﻷﻧﻪ ﻣن
ﺧﻼﻝ اﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻳﺗم اﺳﺗﺧﻼص اﻟدﻟﻳﻝ “ﺑﺻورة ﻋﻠﻣﻳﺔ وﻗﺎطﻌﺔ وﺣﺎﺳﻣﺔ”)،(٩٣
ﻓﺗظﻬر إﺷﻛﺎﻟﻳﺗﺎن رﺋﻳﺳﻳﺗﺎن ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻳد اﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت :ﺗﺗﻌﻠق أوﻟﻬﻣﺎ
ﺑﺎﻻﺣﺗﻳﺎطﺎت اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳراد ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﺎﻣض اﻟﻧووي ،وﺗرﺗﺑط ﺛﺎﻧﻳﺗﻬﻣﺎ ﺑﻣدى
ﻣﺷروﻋﻳﺔ إﺟﺑﺎر ﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺿوع ﻟﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﺗﺣﻠﻳﻝ.
أوﻻً :اﻻﺣﺗﻳﺎطﺎت اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ.
ﺻﺣﻳﺢ أن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ﻳﻌد ،اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ
اﻹﺛﺑﺎت ،ﻛﻐﻳرﻩ ﻣن اﻷدﻟﺔ اﻷﺧرى ،ﻓﻼ ﻳﺣﺗﻝ ﻣﻛﺎﻧﺔ ﺗﺟﻌﻠﻪ ﻳﺳﻣو ﻋﻠﻰ ﻏﻳرﻩ ﻣﻧﻬﺎ) .(٩٤ﻟﻛن
ﺑﺳﺑب اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻘﺎطﻌﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻔﺿﻲ إﻟﻳﻬﺎ ،ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،اﺳﺗﺧدام اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ،ﻓﺈن
اﻟدﻻﻻت اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﻫذﻩ اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ ﻻ ﻣﺟﺎﻝ ﻟﻠﺗﺷﻛﻳك ﻓﻳﻬﺎ)(٩٥؛ ﺣﻳث ﻧﺳﺑﺔ اﻟﺧطﺄ ﺗﻛون
ﻣﻧﻌدﻣﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ ﻋﻣﻠﻳﺎً ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﺟﺎوز ﻋن اﻟدور اﻟذي ﻳﻣﻛن أن ﻳؤدﻳﻪ اﻹﺛﺑﺎت
(92) ANCEL, Les propblemes poses par l application des techniques scientifique nouvelles
au droit penal et a l procedure penale, Rapport aux Journees franco-polonaises, 1960,
p. 1.
) (٩٣ﺣﺳﺎم اﻷﺣﻣد ،اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ،ﺣﺟﻳﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ واﻟﻧﺳب ،ﻣﻧﺷورات اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﻳﺔ ،ﺑﻳروت،
ط ،٢٠١٠ ،١ .ص.١٤٩ .
(94) LESCLOU V. & MARSAT C. , Du proces penal et du juge a propos des empreintes
genetiques, Dr. pen. 1998, no. 6,p. 5.
) (٩٥ﺣﺳﺎم اﻷﺣﻣد ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص.١٤٦ .
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٥١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻫذﻩ اﻟوﺳﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ) .(٩٦ﻟذا ﻳﺟب أن ﻳﺣﺎط اﻹﺛﺑﺎت ﺑواﺳطﺔ
اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت ،ﻟﻛﻲ ﻻﻳﻐدو ﺗوظﻳف ﻫذﻩ اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻟﻠوﺻوﻝ
إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﺳﺑﺑﺎً ﻓﻲ ﺻدور أﺣﻛﺎم ﺗﺧﺎﻟف اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ .وﻳﺗطﻠب ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻣراﻋﺎة اﻟﺷروط
واﻻﺣﺗﻳﺎطﺎت اﻟﻔﻧﻳﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﺳواء ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ،أو ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟوﺳﺎﺋﻝ
اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث واﻟﺗﺣري ﻋن وﺟود اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻓﺗﻣﺛﻝ ﻫذﻩ اﻟﺿﻣﺎﻧﺔ اﻟﺷرط اﻷﺳﺎﺳﻲ اﻟذي
ﻳﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﺗﺳﻠﻳم ﺑﺻﺣﺔ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت.
وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺗﺷرﻳﻊ اﻷردﻧﻲ ﻓﻘد اﻗﺗﺻر اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺗﻛﻠﻳف اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ،أو اﻟﺿﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﻧﺎﺑﺔ أو ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟرم اﻟﻣﺷﻬود ” ،ﺑﺿﺑط ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳرى ﻣن آﺛﺎر اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﺳﺎﺋر
اﻷﺷﻳﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ”)(٩٧؛ وﻳﻣﻛن اﺻطﺣﺎب ﺧﺑﻳر أو أﻛﺛر إﻟﻰ ﻣوﻗﻊ
اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗوﻗف ﺗﻣﻳﻳز ﻣﺎﻫﻳﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻔﻧﻳﺔ).(٩٨
واﻟﺣق أن ﻟﻠﻛﻳﻔﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟري ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ ﺿﺑط “آﺛﺎر اﻟﺟرﻳﻣﺔ” دو اًر ﺣﺎﺳﻣﺎً ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﺛﻘﺔ
ﻓﻲ دﻻﻻت اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﻣﺗرﺗﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ﺑﻌد ذﻟك .ﻟﻛن ﻋﻣﻠﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﺑواﺳطﺔ
اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻻ ﺗﺗوﻗف ﻋﻧد ﺿﺑط اﻟﻌﻳﻧﺎت وﺗﺣﻠﻳﻠﻬﺎٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﺗطﻠب إﺟراء اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻳن
اﻟﺧﻼﻳﺎ اﻟﻣﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣن اﻟﻌﻳﻧﺔ ﻣﻊ ﺧﻼﻳﺎ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ،وذﻟك ﻟﺗﺣدﻳد اﻟﺗطﺎﺑق أو اﻻﺧﺗﻼف
ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳطرح إﺷﻛﺎﻟﻳﺔ ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﺗﺳﺎؤﻝ اﻵﺗﻲ :ﻫﻝ ﻳﺗﻌﻳن
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻟﻛﻲ ﻳﻛون ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﺎﻣض اﻟﻧووي؟
) (٩٦ﻧظ اًر ﻷﻫﻣﻳﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ ﻓﻘد ﺻدر ﺑﺗﺎرﻳﺦ ١٩٩٢/٢/١٠ﻋن
ﻟﺟﻧﺔ وزراء اﻟﻣﺟﻠس اﻷوروﺑﻲ اﻟﺗوﺻﻳﺔ رﻗم ) (R (99اﻟﺗﻲ ﺑﻣوﺟﺑﻬﺎ ﺗﺣض اﻟﻠﺟﻧﺔ اﻟدوﻝ أﻋﺿﺎء
اﻹﺗﺣﺎد اﻷورﺑﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻝ .D. N. Aﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ .ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﺟﻧﺔ “
ﻳﻣﻛن أن ﻳﻣﺛﻝ ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻝ .D. N. Aﻓﺎﺋدة ﻟﻧظﺎم اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺈﺛﺑﺎت اﻟﺑراءة أو
اﻹداﻧﺔ”.
) (٩٧اﻟﻣواد ) (٣٢و ) (٤٦و ) (٤٨ق .أ .م .ج.
) (٩٨اﻟﻣﺎدة ) (٣٩ق .أ .م .ج.
٥٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺛﺎﻧﻳﺎً :إﺧﺿﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻟﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي:
إذا ﻛﺎن اﻟﻣﺑرر اﻷﻫم اﻟذي ﻳﻘوم ﻋﻠﻳﻪ ﻣﺑدأ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻫو ﺣﻣﺎﻳﺔ ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ
ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ) ،(٩٩اﻟﺗﻲ ﻳﺻﻌب ﺗﺣﻘﻘﻬﺎ إذا اﻧﻌدﻣت إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ إﻟﻰ
ﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ ﺑطرق اﻹﺛﺑﺎت ﻛﺎﻓﺔ ،ﻓﺈن وﺻوﻝ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ ﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﻣن ﻳرﺗﻛﺑﻬﺎ
ﻻﻳﺟوز أن ﻳطﻐﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﺣرﻳﺎﺗﻬم ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺳﺗدﻋﻲ إﺣﺎطﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﺑﺿﻣﺎﻧﺎت ﺗﺣﻘق اﻟﺣﻣﺎﻳﺔ ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﻳﺎت).(١٠٠
وأﻣﺎ ﻋﻠو ﺷﺄن اﻟدور اﻟذي ﻳؤدﻳﻪ اﻟﺗطور اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم،
ﺧﺻوﺻﺎً اﻟﺛﻘﺔ ﻓﻲ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ،ﻓﻼ ﻳﺟوز أن ﻳﺣﺟب ﺣﻘﻳﻘﺔ أن
ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻷﻛﻳدة ﻓﻲ ﻛﺷف اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻟﻳﺳت اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟوﺣﻳدة اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
ﺗﺣﻘﻳﻘﻬﺎ .وﺗظﻬر ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺧﺻوص أﻫﻣﻳﺔ اﻟدور اﻟذي ﺗؤدﻳﻪ إرادة ﻣن ﻳراد إﺧﺿﺎﻋﻪ ﻟﻔﺣص
اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ،ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق اﻷﻣر ﺑﺈﺟراء ﻳﻣﺛﻝ ﻣﺳﺎﺳﺎً ﺑﺣرﻣﺔ ﺟﺳد ﻣن ﻳراد اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ
ﻋﻳﻧﺔ ﻣن ﺟﺳدﻩ ﻓﻼ ﺑد أن ﺗطرح ﻣﺳﺄﻟﺔ رﺿﺎء ﻫذا اﻟﺷﺧص).(١٠١
وﻳﺗﻌﻳن أن ﻧوﺿﺢ أوﻻً أن اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟرﺿﺎ ﻳﻛون ﻋﻧدﻣﺎ ﺗظﻬر اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻲ
ﻋﻳﻧﺎت ﻣن ﺟﺳد إﻧﺳﺎن ﺣﻲ .ﻓﻼ ﻳﻌﺗرض ،ﺧﺎرج ﻫذا اﻹطﺎر ،ﺳﻠطﺔ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ﻟﺗﻘدﻳم اﻟدﻟﻳﻝ ﻋﻠﻰ وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ إﻟﻰ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ دون
ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ رﺿﺎء ﻫذا اﻷﺧﻳر .ﻓﺎﻟﻘﻳﺎم ﺑﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺗﺣﻠﻳﻝ اﻟﻌﻳﻧﺎت اﻟﺑﻳوﻟوﺟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم
) (٩٩اﻧظر ﻣﺎﺳﺑق.
(100) MOLINA E. , op. cit. , no. 175
) (١٠١ﻳﺷﻳر اﻟﺑﻌض إﻟﻰ وﺟود اﻋﺗداء آﺧر ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﺟﻳﻧﺎت اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت وﻫو اﻟﺣق
ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺳﻣﺢ ﺑﺎﻟﻛﻼم ﻋﻣﺎ ﻳطﻠق ﻋﻠﻳﻪ “اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ اﻟﺟﻳﻧﻳﺔ”.
اﻧظر ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذا اﻻﺗﺟﺎﻩ:
أﺷرف ﺗوﻓﻳق ﺷﻣس اﻟدﻳن ،اﻟﺟﻳﻧﺎت اﻟوراﺛﻳﺔ واﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،دار
اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ.٢٠٠٦ ،
أﻋﻣﺎﻝ ﻣؤﺗﻣر اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﺑﻳن اﻟﺷرﻳﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﻳﺔ اﻟﺷرﻳﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات
اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ،ﻣﺎﻳو .٢٠٠٢
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٥٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﺿﺑطﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺳرح اﻟﺟرﻳﻣﺔ أو أي ﻣﻛﺎن آﺧر ،ﻣﻊ ﻣﺛﻳﻼﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗم اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣن ﺧﻼﻝ
ﺿﺑط أﺷﻳﺎء ﺗﻌود ﻟﻠﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ،ﻛﻔرﺷﺎة أﺳﻧﺎن ﺗﺣﺗوي ﻋﺎدة ﻋﻠﻰ ﻗﻠﻳﻝ ﻣن ﻟﻌﺎب أو ﻣﻼﺑس ﻋﻠق
ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﻛﻣﻳﺔ ﻣن ﺷﻌر…إﻟﺦ ،ﻻ ﻳﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﻣواﻓﻘﺔ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ اﻟﻣﺳﺑﻘﺔ) ،(١٠٢ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون
ﻳﻣﻧﺢ اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم ﺳﻠطﺔ واﺳﻌﺔ ﺗﻣﻛﻧﻪ ﻣن ﺿﺑط ” ﺳﺎﺋر اﻷﺷﻳﺎء اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إظﻬﺎر
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ”).(١٠٣
ﻟﻛن اﻷﻣر ﻳﻛون ﻋﻠﻰ ﻏﻳر ذﻟك ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺗدﻋﻲ اﻟﺣﺎﺟﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻳﻧﺎت ﺣﻳوﻳﺔ ﻣن
ﺟﺳد اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻣن أﺟﻝ ﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ ﻣﻊ اﻟﻌﻳﻧﺎت اﻟﻣﺿﺑوطﺔ ،ﻓﺎﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻋﻳﻧﺎت ﻣن ﺟﺳد
اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻳﺗﺿﻣن ﻣﺳﺎﺳﺎً ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد .ﻓﻬﻝ ﻳﻛون ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﺧﺿﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻹﺟراءات
ﺗﻣس ﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد ﺗﺣت ذرﻳﻌﺔ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ؟)ٕ .(١٠٤واذا اﺳﺗدﻋﻰ اﻟﻘﻳﺎم ﺑذﻟك اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ وﺳﺎﺋﻝ
اﻹﻛراﻩ واﻟﻌﻧف ﻟﻠﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻳﻧﺎت اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ،ﻓﻬﻝ ﻳﻌد ﻣﺷروﻋﺎً ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ؟
اﻟﺣق أن اﻟﻘﺑوﻝ ﺑﻣﺳﺎس إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﻳق ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد ﺑﺣﺎﺟﺔ ﻟﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻳﺑﻳﺣﻪ .ﻓﻛﻣﺎ
ﺑﻳﻧﺎ ﺳﺎﺑﻘﺎً ،ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،أن اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ﻻ ﻳﻛﺗﺳب
اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ إﻻ ﻓﻲ اﻷﺣواﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﺟﻳزﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون ﺻراﺣﺔً .وﻋﻧد ﺗﺣﻘق ﻫذا اﻟﺷرط ﻓﺈن إرﻏﺎم
اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺿوع ﻟﻠﻔﺣص اﻟﻣطﻠوب ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻣﻣﺎﻧﻌﺗﻪ ﻳﺻﺑﺢ ﺑدورﻩ ﻣﻣﻛﻧﺎً ﻣن
اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ،ﺑﺷرط ﺗﺣﻘق اﻟﺿرورة ،واﻟﺗﻧﺎﺳب .أي أﻻ ﻳﻛون أﻣﺎم أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﻘﻳﺎم ﺑﺎﻹﺟراء ﺑدﻳﻼً ﻋن اﺳﺗﺧدام اﻹﻛراﻩ ،وأﻻ ﻳﻌرض اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻹﻛراﻩ ﺳﻼﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن
اﻟﺟﺳدﻳﺔ ﻟﻠﺧطر.
وﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ ﻓﻘد أﻟزﻣت ،ﺗﺣت ﻋﻧوان إاﺛﺑﺎت ﻫوﻳﺔ اﻟﻣﺟرﻣﻳن” ،اﻟﻣﺎدة )(١١٠
ﻣن ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻛﻝ ﻣن أوﻗف ﻻﺗﻬﺎﻣﻪ ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻹذﻋﺎن ” ﻟﺳﺎﺋر
) (١٠٣اﻟﻣﺎدة ) (٣٢ق .أ .م .ج.
٥٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
(102) PRADEL J. , Procedure penale, op. cit. , p. 382,no. 439.
(104) MONILA E. , op. cit. ,no. 177.
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﻣﻌﺎﻣﻼت اﻟﺗﻲ ﺗﺛﺑت ﻫوﻳﺗﻪ” ،و اﻟﺧﺿوع ﻹﺟراء ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ إﺛﺑﺎت اﻟﻬوﻳﺔ ﻏﻳر ﻣﻌﻠق ﻋﻠﻰ إرادة
ﻣن ﻳﻘﻊ ﻋﻠﻳﻪ اﻹﺟراء؛ ﺣﻳث ﻳﻌﺗﺑر اﻟﻣﺷرع رﻓض اﻟﺧﺿوع ﻹﺟراء ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺟرﻳﻣﺔ ﻳﻌﺎﻗب
ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﺑس ﺣﺗﻰ أرﺑﻌﺔ ﻋﺷر ﻳوﻣﺎً) .(١٠٥وﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻧﺎ اﻟﻘوﻝ إذن أن اﻟﻣﺷرع اﻷردﻧﻲ ﻗد أﺟﺎز،
ﻣن ﺣﻳث اﻟﻣﺑدأ ،اﺗﺧﺎذ إﺟراءات ﻗﺳرﻳﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد .ﻟﻛن ﻫﻝ ﻳﺳﻌﻧﺎ اﻟﻘوﻝ
ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻹﺟﺎزة ﻛﻲ ﻳﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎن أﺟﻬزة اﻟﺗﺣﻘﻳق إﺧﺿﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻗﻳﻪ ،ﺑﺎﻟرﻏم
ﻣن إرادﺗﻪ ،ﻟﻔﺣص اﻟﺣﻣض اﻟﻧووي ﻣن أﺟﻝ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ؟ .ﻧﻌﺗﻘد ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن
إﺟﺎﺑﺔ ﻫذا اﻟﺳؤاﻝ ﺑﺎﻟﻧﻔﻲ ،وﻳﺳﺗﻧد رأﻳﻧﺎ ﻓﻲ ذﻟك إﻟﻰ اﻟﺳﺑﺑﻳن اﻵﺗﻳﻳن:
أوﻻً ،ﻳﺟب أن ﺗﺗﺣدد اﻹﺟﺎزة اﻟواردة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدة ) (١١٠ﺑﺎﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ .وﺑﻣﺎ أن اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣن
اﺳﺗﺧدام اﻹﺟراءات اﻟﻘﺳرﻳﺔ اﻟواردة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧص ﺗﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت ﻫوﻳﺔ اﻟﻣﺗﻬم ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ،
ﻓﻳﺻﺑﺢ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻳﻬﺎ ،ﻛﻲ ﺗﺳﺗﻌﻣﻝ ﻣن أﺟﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻳﺛﺑت ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ،
ﻣﻔﺗﻘداً إﻟﻰ اﻟﺳﻧد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ .وﻳؤﻛد رأﻳﻧﺎ ﺑﻌدم ﺟواز اﻟﺗوﺳﻊ ﺑﺗﻔﺳﻳر اﻟﻧص أن وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ
ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌروﺿﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺄﺣد اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن.
ﺛﺎﻧﻳﺎً ،إن إرﻏﺎم اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ،دون إﺟﺎزة اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺻرﻳﺣﺔ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺿوع ﻹﺟراء اﻟﻐﺎﻳﺔ
ﻣﻧﻪ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ دﻟﻳﻝ إداﻧﺔ ﺿدﻩ ﻳﺗﺿﻣن إﻫدا اًر ﻟﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع .ﻓﻣن ﺑﻳن ﻣﻛوﻧﺎت ﻫذا اﻟﺣق
اﻟذي ﻳﻘوم ﻋﻠﻰ ﻗرﻳﻧﺔ اﻟﺑراءة ،ﻋدم ﺟواز إرﻏﺎم اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ ﺗﻘدﻳم دﻟﻳﻝ ﺿد ﻧﻔﺳﻪ).(١٠٦
) (١٠٥اﻟﻣﺎدة ) (١١٠ق .أ .م .ج.
) (١٠٦اﺗﺟﻬت اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﻠﻳﺎ اﻷﻣرﻳﻛﻳﺔ ﻧﺣو اﻋﺗﺑﺎر أن إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻳﻌﻠو ﻋﻠﻰ ﺳﺎﺋر اﻻﻋﺗﺑﺎرات
اﻷﺧرى؛ ﻟذا ﻓﻬﻲ ﺗﻘرر أن إﺧﺿﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻲ ارﺗﻛﺎﺑﻪ ﺟرﻳﻣﺔ ﻟﻠﻔﺣص اﻟطﺑﻲ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن إرادﺗﻪ
ﻻ ﻳﻧﺗﻘص ﻣن اﻟﺣق ﺑﺎﻟدﻓﺎع .ﻓﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ إن اﺣﺗرام ﻫذا اﻟﺣق ﻳﻘﺗﺿﻲ ﻋدم إرﻏﺎم
اﻟﺷﺧص ﻋﻠﻰ اﻟﺷﻬﺎدة ﺿد ﻧﻔﺳﻪ .وﺗﻔﺳر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ذﻟك ﺗﻔﺳﻳ اًر ﺿﻳﻘﺎً ،ﻓﻬﻲ ﺗﻘرر أن اﻟﻣﻧﻊ
ﻳﻧﺣﺻر ﻓﻲ ﺣظر اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻹﻛراﻩ اﻟﻣﺎدي أو اﻟﻣﻌﻧوي ﻣن أﺟﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﺗﺻرﻳﺣﺎت ،أﻣﺎ
اﺳﺗﺧﻼص ﻣﺎ ﻗد ﻳﺣﻣﻝ ﺟﺳد اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻣن أدﻟﺔ ﻣﺎدﻳﺔ ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻻ
ﻳﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟدﻓﺎع ،ﻓﺎﻟﺣظر ﻻ ﻳطﺎﻝ اﻷدﻟﺔ اﻟﻣﺎدﻳﺔ.
وﻳﺗﺿﺢ ﻣن ﻫذا اﻟﻘﺿﺎء أن اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺗﺳﺗﺑﻌد ﺗﺣرﻳم اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد ﻣن ﻧطﺎق اﻟﺣق ﻓﻲ
اﻟدﻓﺎع .وﻧﻌﺗﻘد أن اﻻﻋﺗﺑﺎرات اﻟﺗﻲ ﺳﺎﻗﺗﻬﺎ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻟرﻏﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻧﺢ اﻟﻣزﻳد ﻣن
اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،ﺣﺗﻰ ٕوان ﺟرى ذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ إﻫدار اﻟﺣق
ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ اﻟﺟﺳد.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٥٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وﺻﻔوة اﻟﻘوﻝ أﻧﻪ أﻣﺎم ﺣق اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،وﻣﺻﻠﺣﺗﻪ اﻷﻛﻳدة ﻓﻲ
ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻻ ﻳﻣﻛن اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻣن وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ ،ﺑﻳد أن ﻫذا
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻳﺗطﻠب إﺟﺎزة اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺻرﻳﺣﺔ ،ﻓﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺗﻧظﻳم اﻹﺛﺑﺎت ﺑواﺳطﺔ
اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ،و ﻻ ﺑد ﻷي ﺗﻧظﻳم ﻗﺎﻧوﻧﻲ أن ﻳراﻋﻲ وﻳﺄﺧذ ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟﻣﺳﺄﻟﺗﻳن اﻵﺗﻳﺗﻳن:
أوﻻ :إﺣﺎطﺔ إﺟراءات اﻹﺛﺑﺎت ﺑﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗؤﻛد ﺳﻼﻣﺔ اﻟدﻟﻳﻝ .وﺳﺑب
ذﻟك ﻫو أﻫﻣﻳﺔ اﻟدور اﻟذي ﻳﻣﻛن أن ﻳؤدﻳﻪ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺳﺗﻣد ﻣن اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗﻧﺎﻋﺔ
اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ .ﻓﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔﻧﺎ أن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻣﺑﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻗطﻌﻲ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ.
ﺛﺎﻧﻳﺎً :ﺑﻣﺎ أن اﻹﺛﺑﺎت ﺑواﺳطﺔ اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﻳﻧطوي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﻣﺔ
اﻟﺟﺳد ﻓﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﻌﻧﻰ اﻟﺗﻧظﻳم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﺑﺗﺣدﻳد ﺣدود ﻫذا اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﻣﻘدار اﻟذي ﺗﻘﺗﺿﻳﻪ
ﺿرورة اﻹﺛﺑﺎت ،وأن ﺗﺗﻧﺎﺳب اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻣﻊ ﺗﺣﻘﻳق ﻫذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ ،ﻓﺄي ﺗﺟﺎوز ﻟﻬذﻩ
اﻟﺣدود ﺳﻳﻛون ﻣن ﻗﺑﻳﻝ اﻟﺗﻌﺳف ،وﻳﻣﺛﻝ إﻫدا ار ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،و ﺳﺗﻔﺗﻘد إﺟﺎزة ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ
اﻟﻣﺑررات اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ).(١٠٧
)Holt Vs. US. 218 US,245,252-53 (1910
)Schmerber Vs. California. 384 US 751(1966
)Breithaupt Vs. Abram. 352 US 432 (1957
ﻣﺷﺎر إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻷﺣﻛﺎم ﻓﻲ :ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﻌوﺟﻲ ،ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق ،ص ,٦٠٢ .ﻫﺎﻣش ,٢و ص.
،٦٠٣ﻫﺎﻣش ١و.٢
) (١٠٧ﻣن ﺑﻳن اﻟﻣﺧﺎطر اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن أن ﺗﺛور ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺟزاﺋﻲ ﻣﺎ ﺗوﺻﻠت إﻟﻳﻪ ﺑﻌض
اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺂﺛﺎر اﻟﺟﻳﻧﺎت اﻟوراﺛﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻣﺎت اﻟﺳﻠوك اﻟﺑﺷري .ﻓﻘد
ﺗوﺻﻝ ﺑﻌض اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻟﻰ اﻛﺗﺷﺎف أن اﻟﺷﻳﻔرة اﻟوراﺛﻳﺔ ﻟﺑﻌض اﻷﺷﺧﺎص ﺗﺣﻣﻝ ﺻﻔﺎت ﻋدواﻧﻳﺔ
ﻗد ﺗدﻓﻌﻬم إﻟﻰ ارﺗﻛﺎب ﺟراﺋم اﻟﻌﻧف .وﻗد ذﻫب ﻫؤﻻء اﻟﻌﻠﻣﺎء إﻟﻰ اﺳﺗﻧﺗﺎج أن اﻟﻌﻧف ﻫو ﺳﻠوك
ﻣوروث ،وطﺎﻟﺑوا اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻣﺎ ﺳﻣوﻩ ” اﻟﺟﺑرﻳﺔ اﻟﺟﻳﻧﻳﺔ” ﺑﺄن ﻳﻛون ﻣن ﺣق اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﺗﺧﺎذ
اﻹﺟراءات اﻻﺣﺗﻳﺎطﻳﺔ ﺿد ﻣن ﺗدﻝ ﺷﻳﻔرﺗﻪ اﻟﺟﻳﻧﻳﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻳﺣﻣﻝ ﺻﻔﺎت ﻋدواﻧﻳﺔ .وﻛﺄﻧﻧﺎ ﻧﻌود
إﻟﻰ اﻻﻋﺗﻘﺎد اﻟذي ﺳﺎد ﺑوﺟود اﻹﻧﺳﺎن اﻟذي ﻳوﻟد ﻣﺟرﻣﺎً!
Mini symposium: Is criminal behavior genetic? Are some people born evil?,
http://forensicevidence. com
٥٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻻ ﻳﻛﻔﻲ ﺗﺣدﻳد اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ،وﺑﻳﺎن ﻣﺎ ﻫو ﻣﻘﺑوﻝ ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ
وﻣﺎ ﻳﺗﻌﻳن رﻓﺿﻪ ،ﻓﻼ ﺗﻛﺗﻣﻝ اﻟﺻورة إﻻ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﺗﺿﺑط اﻟوﺳﺎﺋﻝ
اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ وﺑﻳﺎن ﻣدى ﺗواﻓﻘﻬﺎ ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻌداﻟﺔ ،وﻧﻘﺻد ،ﻋﻠﻰ
وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ،ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧطﺎق ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟذي ﻳﺟب أن ﻳﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،وﻫذا
اﻟﻣوﺿوع ﻫو اﻟذي ﺳﻧﻘوم ﺑدراﺳﺗﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺗﺎﻟﻲ.
ﺍﳌﺒﺤﺚ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺍﻟﱰﺍﻫﺔ :ﻣﺒﺪﺃ ﳛﻜﻢ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ
إذا ﻛﺎﻧت اﻷدﻟﺔ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﺗﺻﻠﺢ ،ﺑﺣﺳب اﻷﺻﻝ ،ﻟﻺﺛﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻓﺈن
اﻟﺑﺣث ﻋن ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ ﻻ ﻳﻛون ﺑﺄﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ ﻛﺎﻧت ،ﻓﻳﺗﻌﻳن إﺣﺎطﺔ ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ
ﺑﺎﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ).(١٠٨
وﺗظﻬر ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ،أﻫﻣﻳﺔ ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﺧﻼﻝ ﻣراﺣﻝ
اﻟدﻋوى اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺑق اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ؛ ﺣﻳث ﺗﻘﻊ ﻓﻌﻠﻳﺎً ﺧﻼﻝ ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣﻝ ،أﻫم ﻋﻣﻠﻳﺎت اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻷدﻟﺔ .وﻻ ﻳﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﻘوﻝ أن ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻻ ﺗﺟد ﺗطﺑﻳﻘﺎً ﻟﻬﺎ ﺧﻼﻝ
ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ .ﻓﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺿﻲ اﻟﺣﻛم اﻟﺗﺣﻘق ﻣن ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﻘدم أﻣﺎﻣﻪ .وﺗﺣﻛم
ﻛذﻟك اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﻋﻣﻝ اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘرر ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي “ﻳﺳﺎﻋد
ﻋﻠﻰ إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ”).(١٠٩
وﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘوﻝ :إذا ﻛﺎن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﻘﺑوﻝ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻏﻳر ﻣﻘﻳد ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻧوع )ﻛﺗﺎﺑﻲ أو
ﺷﻔﻬﻲ ,ﻣﺑﺎﺷر أو ﻏﻳر ﻣﺑﺎﺷر ،ﻋﻠﻣﻲ أو ﻏﻳر ﻋﻠﻣﻲ . . .إﻟﺦ( ،ﺣﻳث ﺗﺣﻛم ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ﻫذﻩ
اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ؛ ﻓﺈن ﻗﺑوﻝ اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ﻣﻘﻳد ﺑﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ .ﻓﺎﻻﻋﺗراف ،ﻋﻠﻰ
)(١٠٩
(108) GUINCHARED S. & BUISSON J. , op. cit. , p. 471, no. 463.
ﺗﻧص اﻟﻣﺎدة ) (٢٢٦ق .أ .م .ج .ﻋﻠﻰ أن ” ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ ﻓﻲ أﺛﻧﺎء اﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟدﻋوى أن ﺗﺳﺗدﻋﻲ
ﻣن ﺗﻠﻘﺎء ﻧﻔﺳﻬﺎ أي ﺷﺧص ﻻﺳﺗﻣﺎع أﻗواﻟﻪ ﻛﺷﺎﻫد إذا رأت أن ذﻟك ﻳﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ إظﻬﺎر
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ”.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٥٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ ،دﻟﻳﻝ ﻳﺻﻠﺢ ﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ،ﻟﻛن ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻛون اﻟﺗﻌذﻳب وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ
ﻳﺻﺑﺢ ﻫذا اﻟدﻟﻳﻝ ﻏﻳر ﻣﻘﺑوﻝ .وﺗﺻﺑﺢ إذن ،ﺑﺻورة ﻣﺎ ،ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ
ﻗﻳداً ﻋﻠﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت.
وﻧود أن ﻧﺷﻳر إﻟﻰ أن وﺻف اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺟزء ﻣن اﻟدراﺳﺔ ،ﻳﺗﻌﻠق ﺑوﺳﺎﺋﻝ
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻟﻛن اﻟﺗداﺧﻝ ﺑﻳن اﻟدﻟﻳﻝ ووﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﻳﺟﻌﻝ ﻣن اﻟﺻﻌب ﻓﻲ
أﺣﻳﺎن ﻛﺛﻳرة ،اﻟﻔﺻﻝ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي ﺟﻌﻝ ﻣﻌظم اﻟﻛﺗﺎﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻧﺎوﻝ ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﺎﺋﻝ
اﻹﺛﺑﺎت ﺗﺗﻛﻠم ﻋن ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟدﻟﻳﻝ ووﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ دوﻧﻣﺎ ﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ؛ ﻓﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ
ﺻﻔﺔ ﺗﻼزم اﻟدﻟﻳﻝ ووﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ .وﺗوﺿﻳﺣﺎً ﻟﻬذا اﻟﻘوﻝ ﻧﺿرب اﻟﻣﺛﻝ اﻵﺗﻲ:
ﻋدم ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﻫو اﻟﺳﺑب اﻟذي ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻳﻪ ﻻﺳﺗﺑﻌﺎد
ﺑﻌض اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻣن ﻧطﺎق اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟزاﺋﻲ ،ﻛﺟﻬﺎز ﻛﺷف اﻟﻛذب أو ﻣﺻﻝ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ،
ﻓﻌدم اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﺳﺑﺑﻪ أن اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﺣﺎطﺔ ﻣن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻺﻧﺳﺎن ،أو أﻧﻬﺎ
ﻏﻳر ﻣوﺛوﻗﺔ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ،أو ﻟﻠﺳﺑﺑﻳن ﻣﻌﺎً).(١١٠
وﻋدم ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻻﻋﺗراف ،أي اﻟدﻟﻳﻝ ،اﻟﻧﺎﺟم ﻋن اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﻫو ﺳﺑب
اﺳﺗﺑﻌﺎدﻩ؛ ﺣﻳث ﻳﻔﺗﻘد اﻻﻋﺗراف أﺣد ﺷروطﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ،وﻧﻘﺻد ﻫﻧﺎ ﺷرط ﺻدور اﻻﻋﺗراف ﻋن
إرادة ﺣرة ﻣدرﻛﺔ.
وأﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﻓﻘد ﺣﺎوﻟﻧﺎ ،ﻗدر اﻟﻣﻣﻛن ،اﻟﻔﺻﻝ ﺑﻳن ﻣوﺿوع ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻷدﻟﺔ
اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ؛ ﺣﻳث ﻛﻧﺎ ﻗد ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎﻩ ﻓﻲ اﻟﻘﺳم اﻷوﻝ ﻣن اﻟدراﺳﺔ ،ﺑﺎﻟﻘدر اﻟذي ﻳﺧدم
ﻏﺎﻳﺎﺗﻬﺎ؛ وﻣوﺿوع ﻣﺷروﻋﻳﺔ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ ،اﻟذي ﺳﻧﺗﻧﺎوﻝ ﻣﻼﻣﺣﻪ اﻟرﺋﻳﺳﻳﺔ
ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﻘﺳم ﻣن اﻟدراﺳﺔ.
) (١١٠اﻧظر ﺳﺎﺑﻘﺎً اﻟﻔرع اﻟﺛﺎﻧﻲ ،ﻣن اﻟﻣطﻠب اﻷوﻝ ،ﻣن اﻟﻣﺑﺣث اﻷوﻝ ﻣن ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ،اﻟواﻗﻊ ﻋﻠﻰ
اﻟﺻﻔﺣﺎت ) (٢٧وﻣﺎ ﻳﻠﻳﻬﺎ.
٥٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
واﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻋﻣﻠﻳﺔ ﻣرﻛﺑﺔ ،وﻳﺣﻛﻣﻬﺎ ﻧوﻋﺎن ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ.
ﻓﻬو أوﻻً ﻋﻣﻠﻳﺔ ﻣرﻛﺑﺔ ﻷن اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻳﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻣن ﻋﻣﻠﻳﺗﻳن :اﻷوﻟﻰ،
اﻟﺑﺣث ﻋن ﻣﺎدﻳﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ؛ واﻟﺛﺎﻧﻳﺔ ،اﻟﺑﺣث ﻋن إﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻟﻣن ﻗﺎم ﺑﺎرﺗﻛﺎﺑﻬﺎ .وﺗوﺿﻳﺣﺎً ﻟﻬذا
اﻟﻘوﻝ ﻧﺿرب اﻟﻣﺛﻝ اﻵﺗﻲ:ﻋﻧد اﻟﻌﺛور ﻋﻠﻰ ﺟﺛﺔ ﻣﻠﻘﺎة ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﻣﺎ ،ﻓﻌﻠﻰ ﺟﻬﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق أن
ﺗﺣدد أوﻻً ﺳﺑب اﻟوﻓﺎة ،وأن ﺗﻘوم ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻳﺛﺑت ﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﻫذا
اﻹﻧﺳﺎن ﻫو ﺳﺑب ﻫذﻩ اﻟوﻓﺎة )ﻣﺎدﻳﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ( ،وﻋﻧد ﺛﺑوت ذﻟك ﻳﺑدأ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي
ﻳدﻳن ﻣرﺗﻛب اﻻﻋﺗداء )إﺳﻧﺎد اﻟﺟرﻳﻣﺔ().(١١١
وﺛﺎﻧﻳﺎً ﻳﺧﺿﻊ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻟﻧوﻋﻳن ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ :
ﻗواﻋد ﺧﺎﺻﺔ ،ﻳﺣدد ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون اﻹﺟراءات اﻟواﺟب اﺗﺑﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠوﺻوﻝ إﻟﻰ دﻟﻳﻝ ﻣﻌﻳن،
أي ﻳﺗم ﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻘواﻋد إﺧﺿﺎع اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻷﺷﻛﺎﻝ ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ).(١١٢
ﻛﺎﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد اﻹﺟراءات واﺟﺑﺔ اﻻﺗﺑﺎع ﻋﻧد اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺎﻟﺗﻔﺗﻳش ﻣن أﺟﻝ ﺿﺑط ﻣﺎ ﻳﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ
ﻛﺷف اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ) ،(١١٣أو اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ اﻻﺳﺗﺟواب ﻣن أﺟﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻋﺗراف).(١١٤
وﻗد ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻋدم ﻣراﻋﺎة اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﺑطﻼن اﻟدﻟﻳﻝ ،إﻣﺎ ﺑطﻼﻧﺎً ﻗﺎﻧوﻧﻳﺎً،
ﻛﻣﺎ ﻫو ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻼﺳﺗﺟواب ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻷردﻧﻲ ،أو ﺑطﻼﻧﺎً ﺟوﻫرﻳﺎً ﻛﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻔﺗﻳش ،وﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﻳن
ﻳؤدي اﻟﺑطﻼن إﻟﻰ اﺳﺗﺑﻌﺎد اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي اﺗﺻﻔت وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﺑﻌدم اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ.
أﻣﺎ اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻬﻲ ﻗواﻋد ﻋﺎﻣﺔ .ﻓﺧﻠف
اﻟﻘواﻋد اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺗﺣدﻳد اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﺗﻘﻧﻳﺔ ﻓﻲ إﺟراءات اﻟﺑﺣث ﻋن دﻟﻳﻝ ،،أود ﻗواﻋد
ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺣﻛم أﻳﺿﺎً ﻫذﻩ اﻹﺟراءات ،دون أن ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﺿرورة ﺑدﻟﻳﻝ ﺑﻌﻳﻧﻪ .ﻓﺎﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ
PRADEL J. , Procedure penale, op. cit. ,p. 335, no. 389.
RASSAT M-L, op. cit. , p. 329, no. 209.
) (١١٣اﻟﻣواد ﻣن ) (٨١إﻟﻰ ) (٨٩ق .أ .م .ج.
) (١١٤اﻟﻣﺎدة ) (٦٣ق .أ .م .ج.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(111
)(112
٥٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
اﻟﺗﻲ ﺗﺣظر اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،أو ﻋﻠﻰ ﺣرﻣﺔ اﻟﺟس ،أو ﺗﺣﻣﻲ ﺣﻘوق
اﻟدﻓﺎع ،ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟدﻟﻳﻝ ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ.
ﺑﻳد أن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻟﻳﺳت ﻫﻲ اﻟوﺣﻳدة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،ﻓﺈﻟﻰ
ﺟﺎﻧب ﻫذﻩ اﻟﻘواﻋد ﻳوﺟد ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟذي ﻳﺳﺎﻫم أﻳﺿﺎً ﻓﻲ ﺗﺣدﻳد اﻷطر اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﺗﺟري
ﻓﻲ ﺣدودﻫﺎ ﻋﻣﻠﻳﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،ﻓﺎﻟﻧزاﻫﺔ ﻣﺑدأ ﻳﺟب أن ﻳﺣﻛم ﻋﻣﻝ أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ
ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ) .(١١٥وﺗﺧﺗﻠف اﻟﻧزاﻫﺔ ﻋن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻣن ﺣﻳث
ﻣﺻدرﻫﺎ ،ﻓﺎﻟﻧزاﻫﺔ ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻗواﻋد ﻣﺻدرﻫﺎ اﻷﺧﻼق.
واﻟﺣق أن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﻘﻊ ﺑرﻣﺗﻬﺎ ﺿﻣن اﻹطﺎر اﻟذي ﺗدور ﻓﻳﻪ اﻟﺗداﺑﻳر اﻷﻣﻧﻳﺔ .وﻫو إطﺎر
ﻳﺗﺣدد ﺑﻘﻳم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،أي ﺗﻠك اﻟﻘﻳم اﻟﺗﻲ ﺗواﻓق ﻋﻠﻳﻬﺎ أﻓرادﻩ ﻟﺿﺑط ﺳﻠوﻛﻬم .ﻓﻘواﻋد اﻷﺧﻼق واﻟﻌرف
واﻟﻘﻳم اﻟدﻳﻧﻳﺔ واﻟﺣﺿﺎرﻳﺔ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ،ﻣﻊ ﻗواﻋد اﻟﻘﺎﻧون ﺗؤدي ﻫذﻩ اﻟوظﻳﻔﺔ .ﻟﻛن وﻟﺋن ﻛﺎﻧت ﻗواﻋد
اﻟﻘﺎﻧون ﺗﺣﻛم اﻟﺗدﺑﻳر اﻷﻣﻧﻲ ﻣن ﺣﻳث ﺳﻼﻣﺗﻪ اﻟﺗﺷرﻳﻌﻳﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ،ﻓﺈن ﻗواﻋد اﻷﺧﻼق
ﺗﻣﺛﻝ إطﺎ اًر أوﺳﻊ ﻳﺣﻛم ﺳﻠوك أﻓراد اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺣﻳﻧﻣﺎ ﻳﻘوﻣون ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﻳق اﻟﻘﺎﻧونٕ .وان ﻛﺎﻧت
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﺗﻘدﻳرﻳﺔ ﺗﺣﺗﻝ ﻣﺳﺎﺣﺔ ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻋﻣﻝ ﻫؤﻻء ،ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺑد أن ﺗﺗﺣدد ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ إطﺎر
ﻣﻧﺿﺑط ﻣن اﻟﻘﻳم اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻣﻲ أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﺗﻌﺳف أﻓراد اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﺗﺿﻔﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ
اﻻﺣﺗرام اﻟواﺟب ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟذي ﻳﺟري ﻓﻲ إطﺎر ﻳراﻋﻲ ﻗﻳم اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وأﺧﻼﻗﻪ.
) (١١٥واﻟﺣق أن ﺗرﻛﻳز اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣﺟﺎﻝ ،ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ﻳﻌود إﻟﻰ أن إﺟراءات
اﻟﺑﺣث ﻋن ﻫذﻩ اﻷدﻟﺔ ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﻧطوي ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣﻘوق أﺳﺎﺳﻳﺔ ﻟﻺﻧﺳﺎن ،ﻫذا
اﻟﻣﺳﺎس اﻟذي ﻳﺑررﻩ ﺿرورة اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ.
وﻣﻌﻠوم أن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷدﻟﺔ ﻟﻳس اﻟوﺣﻳد اﻟذي ﻳﻣس ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﺗﻔﺗﻳش اﻟﻣﺳﺎﻛن
واﻷﻣﺎﻛن اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻳﻣس ﻓﻲ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ وﺣرﻣﺔ اﻟﻣﺳﻛن ،واﻟﻘﺑض واﻟﺗوﻗﻳف ﻳﻌﻠق
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺣق ﻓﻲ ﺣرﻳﺔ اﻟﺗﻧﻘﻝ . . .إﻟﺦ ،ﻟﻛن ﺗﺑرﻳر اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻳﺗﺧذ ﺑﻌداً ﺧﺎﺻﺎً
ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﻣﺳﺗﺣدﺛﺔ ،وﻳﻌود ﺳﺑب ذﻟك إﻟﻰ اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ
اﻟﺗﻲ ﻻ ﻳﻌﺗورﻫﺎ اﻟﺷك ﻳﺗﺣﻘق ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﺧدام ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷدﻟﺔ ، .أي ﻳﻣﻛن أن ﺗﺣﻘق
ﺣﻣﺎﻳﺔ أﻓﺿﻝ ﻟﺣق اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺿﻔﻲ ﺑدورﻩ أﻫﻣﻳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ
ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟذي ﻳﺟب أن ﻳﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻷدﻟﺔ.
٦٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﺳﺗﺗﺣدد دراﺳﺗﻧﺎ ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﺑﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣن ﺣﻳث إن
ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺛﻳر إﺷﻛﺎﻟﻳﺗﻳن رﺋﻳﺳﻳﺗﻳن ،اﻷوﻟﻰ ذات طﺑﻳﻌﺔ ﻣﻔﺎﻫﻳﻣﻳﺔ ﺗﺗﻣﺛﻝ ﺑﻣﺣددات اﻟﻣﺑدأ،
واﻷﺧرى ﺑﺗطﺑﻳق اﻟﻣﺑدأ ،أي ﻛﻳف ﻳﻣﻛن أن ﺗﻘﻳد اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ .وﺳﻧﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ
دراﺳﺔ ﻫﺎﺗﻳن اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺗﻳن ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣطﻠﺑﻳن ﻧﺧﺻص أوﻟﻬﻣﺎ ﻟﻠﺑﺣث ﻓﻲ ﻣﺎﻫﻳﺔ اﻟﻣﺑدأ ،وﻧﺗﻧﺎوﻝ
ﻓﻲ ﺛﺎﻧﻳﻬﻣﺎ ﺗﻘﻳﻳد اﻟﻧزاﻫﺔ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ.
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻷﻭﻝ
ﳏﺪﺩﺍﺕ ﺍﻟﱰﺍﻫﺔ ﰲ ﳎﺎﻝ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ.
اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣﺑدأ ﻋﺎم ﻟم ﻳرد ﻋﻠﻳﻪ ﻧص ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻳﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ).(١١٦
وﻳﺳﺗﻣد اﻟﻣﺑدأ وﺟودﻩ ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺧﻼﻗﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﻳﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎة وأﻓراد اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻧد ﻗﻳﺎﻣﻬم ﺑﺎﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﻣوﻛﻝ إﻟﻳﻬم اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻬﺎ .ﻟﻛن ﻣﺎ اﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ ﻫذا
اﻟﻣﺟﺎﻝ؟
ﻻ ﻳوﺟد ﺗﻌرﻳف ﻣﺣدد ﻟﻠﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ .واﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟذي
ﻳﺳﺗﺧدم ﻓﻲ اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻷﺣﻛﺎم ﺗﻌﺑﻳر ” ﻣﺑدأ ﻧزاﻫﺔ اﻷدﻟﺔ “) ،(١١٧ﻟم ﻳﺿﻊ ﺗﻌرﻳﻔﺎً ﻟﻠﻣﺑدإٔ ،واﻧﻣﺎ
اﻛﺗﻔﻰ ﻋﻧد اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻟﻠﺑﻳﺎن ،ﺑﺎﻹﺷﺎرة إﻟﻰ ” وﻗوع ﺗدﻟﻳس ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﻌﻳب اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ
ٕواﺛﺑﺎﺗﻬﺎ”).(١١٨
وﺗظﻬر اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻹﻋﻣﺎﻝ ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﺑﺷﻛﻝ أﻛﺑر ﻋﻧد اﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ) ،(١١٩ﺣﻳث ﻳﺻﺑﺢ اﻟﻣﺟﺎﻝ أوﺳﻊ ﻓﻲ اﺳﺗﺧدام اﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع ﻣن أﺟﻝ اﻟوﺻوﻝ
(116) MERLE R. & VITU A. , op. cit. , p. 162, no. 129.
(117) Le principe de loyaute des preuves
(118) PRADEL J. , procedure penale, op. cit. ,p. 390,no. 447.
) (١١٩ﻻ ﻳﻧﺣﺻر ﻧطﺎق ﺗطﺑﻳق ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻘطٕ ،واﻧﻣﺎ ﻳﻣﺗد أﻳﺿﺎً ﻟﻳطﺎﻝ اﻟﺣق
ﺑﺎﻟدﻓﺎع .ﻓﻳﺗﻌﻳن ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ ،ﻗﻳﺎم أﻓراد اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ أو اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺈﻓﻬﺎم اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ
ﻋﻠﻳﻪ ﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع اﻟﺗﻲ ﻗررﻫﺎ اﻟﻘﺎﻧون.
PORTERONC. ,Droit a linformation et procedure penale,These Nice,2002,p. 120,no. 87.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٦١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻟﻠدﻟﻳﻝ .و ﻻ ﻳﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﻘوﻝ أن ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث واﻟﺗﻘﺻﻲ ﻣن أﺟﻝ اﻛﺗﺷﺎف اﻟﻣﺟرﻣﻳن
واﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﺧﺎص ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ،ﻟﻛن ﻋوﺿﺎً ﻋن اﺳﺗراق اﻟﺳﻣﻊ ﻣن ﺧﻠف
اﻷﺑواب ،أو اﻟﺗﻠﺻص ،ﻳﺗﻳﺢ اﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﺗﺣﻘﻳق ذﻟك ﺑﻔﺎﻋﻠﻳﺔ أﻛﺑر .ﻓﻳﺻﺑﺢ
اﻟﺗﻧﺻت ﻣن ﺧﻼﻝ ﻣراﻗﺑﺔ اﻻﺗﺻﺎﻻت اﻟﻬﺎﺗﻔﻳﺔ أو اﻻﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ ،أو اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻳﺢ
اﻟﻣﺟﺎﻝ ﻟﻼﺳﺗﻣﺎع ﻟﻸﺣﺎدﻳث اﻟﺧﺎﺻﺔ واﻟﺗﻘﺎطﻬﺎ ﻋن ﺑﻌد ،أو اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور . . .إﻟﺦ ﻫﻲ
ﻻ ﻣن أن ﻳﺳﺗﻧد اﻟدﻟﻳﻝ إﻟﻰ ﺷﻬﺎدة ﻣن ﺳﻣﻊ
اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ .وﺑد ً
أو رأى ،ﻣﻊ ﻛﻝ ﻣﺎ ﻳﻣﻛن أن ﻳﻌﺗور اﻟﺑﻳﻧﺔ اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣن ﺷك ،ﻳﻛون ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﺻوت
أو اﻟﺻورة وﺗﻘدﻳﻣﻪ ﻛدﻟﻳﻝ ﻣﺎدي.
ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﺗﺗﻳﺢ وﺳﺎﺋﻝ أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻣن أﺟﻝ
اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻟﻛن ،وﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ،ﻳﺿﻳق ﻫذا اﻻﺳﺗﺧدام ﻣن ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ
ﻳﺟب أن ﺗﺗﺻف ﺑﻬﺎ ﻋﻣﻠﻳﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ وﺟﻣﻌﻬﺎ ،اﻷﻣر اﻟذي دﻓﻊ اﻟﺑﻌض إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ”:
إن اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﻻ ﺗﺗواﻓق ﻏﺎﻟﺑﺎً ﻣﻊ اﻟﻧزاﻫﺔ” ) .(١٢٠ﻓﻳﺟﻣﻊ ﺑﻳن اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﺗﺧدم ﻓﻲ
ﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹرادة ،وﺑﺳﺑب ذﻟك ﺗظﻬر
ﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ ﺳﻣﺔ ﻣﺷﺗرﻛﺔ ﻫﻲ أﻧﻬﺎ ﺗﺗﺿﻣن ا ً
اﻹﺷﻛﺎﻟﻳﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﺑﺗطﺑﻳق ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻋﻧد اﺳﺗﺧدام ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟوﺳﺎﺋﻝ.
وﻳﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم أن أﻳﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗرﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﺣدﻳد اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻻ
ﺑد أن ﺗﻧطﻠق ﻣن ﺿرورة اﺣﺗرام ﺣرﻳﺔ اﻹرادة .ﻓﺄي ﻋﻣﻝ ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﺳﻠط اﻟﻣﺧﺗﺻﺔ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن
أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﺟﻣﻌﻬﺎ ،ﻗد ﻳﺗﺳم ﺑﻌدم اﻟﻧزاﻫﺔ إذا ﻛﺎن ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن ﻳﺿﻌف ﺣرﻳﺔ اﻹرادة أو
ﻳﻌدﻣﻬﺎ .ﻓﺎﻟﺣﻳﻠﺔ أو اﻟﺧدﻳﻌﺔ أو اﻟﻣﻛر أو اﻟﻐش أو اﻟﺗدﻟﻳس أو اﻟوﻋد أو اﻟﺗﻬدﻳد ﻣن ﺷﺄﻧﻪ أن
ﻳؤدي ،إذا اﺳﺗﺧدم ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،إﻟﻰ اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻗد وﻗﻊ ﺑوﺳﺎﺋﻝ ﺗﻔﺗﻘد إﻟﻰ
اﻟﻧزاﻫﺔ).(١٢١
(120) PORTERON C. ,op. cit,loc. cit.
(121) PRADEL J. , Procedure penale, op. cit. , p. 391, no. 447.
٦٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻳطﺎﻝ إذن ﻋدم اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ اﻟﺣﻘوق اﻟواﺟﺑﺔ ﻟﻠﻔرد؛ ﻟﻛن ﻳﺗﺿﻣن ﻓﻲ
اﻟوﻗت ذاﺗﻪ ﻣﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ واﻷﺟﻬزة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻳﻬﺎ .وﺗﻣﺛﻝ اﻟوظﻳﻔﺔ
اﻟﺗﻲ ﻳؤدﻳﻬﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﺣد ﻣن ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ،إﺣدى أﻫم اﻟﻣﻌطﻳﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن
اﻟرﻛون إﻟﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺑﻳﺎن ﻣﺣددات اﻟﻣﺑدأ) ،(١٢٢اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ أن اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﺣددات اﻟﻣﺑدأ
ﻳﻘﺗﺿﻲ ﺑﻳﺎن اﻟدور اﻟذي ﻳؤدﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻷﻓراد ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ،ودورﻩ ﻓﻲ
اﻟﻣﺣﺎﻓظﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻠﻘﺿﺎء ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ أﺧرى.
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ
ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻷﻓﺮﺍﺩ
إﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ واﻟﺿﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺣق ﺑﺎﻟدﻓﺎع اﻟﺗﻲ ﻳﻛﻔﻠﻬﺎ
اﻟﻘﺎﻧون ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﻧظﻳم إﺟراءات اﻟﺗﺣري واﻟﺗﺣﻘﻳق واﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ ،ﻳﺟب أن ﻳﺟري اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻧزاﻫﺔ؛ ﺣﻳث ﻳﺻﻌب ﻋزﻝ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﻳﺟري ﻓﻲ إطﺎرﻫﺎ اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻋن اﺣﺗرام اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻺﻧﺳﺎن) .(١٢٣ﻓﻣﺗطﻠﺑﺎت ﻫذا اﻻﻋﺗﺑﺎر ﺗﺣوﻝ دون
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗراف دون ﻣراﻋﺎة إرادة اﻟﻣﻌﺗرف اﻟﺣرة ،وﺳﻳﺎن وﻗوع ذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ
اﺳﺗﺧدام اﻟﺷدة أو اﻟﻌﻧف ،أو ﺑﺎﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺣﻳﻠﺔ أو اﻟﺧدﻳﻌﺔ ،أو ﺑﺎﺳﺗﻌﻣﺎﻝ وﺳﺎﺋﻝ ﻋﻠﻣﻳﺔ).(١٢٤
وﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﺗﻘطﻊ ﺑﻌدم ﺟواز اﺳﺗﺧدام اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻛون ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ
إﺿﻌﺎف إرادة اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ أو إﻋداﻣﻬﺎ ﻣﺎ ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻰ أن إﻧﻛﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،أو اﻟﺻﻣت ،أو ادﻋﺎء
ﻣﺎﻳﺧﺎﻟف اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﺗدﺧﻝ ﺿﻣن إطﺎر وﺳﺎﺋﻝ اﻟدﻓﺎع.
(122) MOLINA, op. cit. ,p. 450,no. 436.
(123) MOLINA, op. cit. ,p. 45٥,no. 4٤١
(124) KOERING-JOULIN R. , ‘’ La dignite de la personne humaine en droit penal’’ in La dignite de
la personne humaine, Economica,1999,p. 67.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٦٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ٕواذا ﻛﺎن ﻳﺣظر اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻌذﻳب ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻷﻧﻪ ﻳﺗﻧﺎﻓﻰ ﻗطﻌﺎً ﻣﻊ
اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻺﻧﺳﺎن) ،(١٢٥ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳدﺧﻝ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﺣظر ذاﺗﻪ اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ أﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ
ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻟﻣﺳﺎس ﺑﺎﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺳﻼﻣﺔ اﻟﺟﺳدﻳﺔ أو اﻟﻧﻔﺳﻳﺔ ﻟﻠﻔرد .ﻓﻠﻳس ﻣﻘﺑوﻻً اﺧﺗﻔﺎء اﻟﺗﻌذﻳب
ﻣن وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗراف ﺑﺟرﻳﻣﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﻟﻛﻲ ﻳﺣﻝ ﻣﻛﺎﻧﻪ
اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ وﺳﺎﺋﻝ ﻋﻠﻣﻳﺔ ﻣن ﺷﺄﻧﻬﺎ اﻟﺣط ﻣن اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻺﻧﺳﺎن .ﻓﺄي اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﻟﻬذﻩ
اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﻻ ﺑد أن ﻳراﻋﻲ ،ﻛﺣد أدﻧﻰ ،اﻟﺳﻣﺎت اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﻳﺗﺳم ﺑﻬﺎ اﻻﻋﺗراف ،أي
أن ﻳﻛون ﺣ اًر ،واﻋﻳﺎً و إرادﻳ ًﺎ ،وأن ﺗﺣﺗرم وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ ﺣق اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﺑﺎﻟﺻﻣت.
وﺻﻔوة اﻟﻘوﻝ :أن اﻟﻧزاﻫﺔ ﺗﻌﺗﺑر ﻣﺗطﻠﺑﺎً ﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ إﺟراءات اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،وﺗﻣﺛﻝ ﺻﻣﺎم
اﻷﻣﺎن ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺗﻌﺳف اﻟذي ﻗد ﻳﺣﻳط ﺑﺗطﺑﻳق ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت) .(١٢٦ﺣﻳث ﺗﺗﺣد أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺎﻧون
وﻣﺑﺎدئ اﻷﺧﻼق ﻣن أﺟﻝ اﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺣد ﻣن وﻗوع أي ﺗﻌﺳف ﻣﻣﻛن .ﺑﻳد أن أﻫﻣﻳﺔ اﻟﻣﺑدأ رﺑﻣﺎ
ﻣﺛﻠت اﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻷﻫم اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗرض إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم ﻣﺣدد ﻳﺧﺗص ﺑﻪ ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ
ﻣﺟﺎﻝ اﻹﺟراءات اﻟﺟزاﺋﻳﺔ .ﻓﻳﺗﺻﻝ اﻟﻣﺑدأ ﺑﺣﻘوق اﻟدﻓﺎع ،واﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﻟﺔ ،وﺣﻳﺎد
اﻟﻘﺿﺎة ،واﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻺﻧﺳﺎن ،وﻛذﻟك اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟﻠﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ.
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺍﶈﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻋﺘﺒﺎﺭ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻟﻠﻌﺪﺍﻟﺔ ﺍﳉﺰﺍﺋﻴﺔ
ﻣن أﺟﻝ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟدور اﻟذي ﻳﻣﻛن أن ﺗؤدﻳﻪ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗﺄﻣﻳن اﻻﻋﺗﺑﺎر
اﻟواﺟب ﻟﻠﻘﺿﺎء واﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ،ﻳﺗﻌﻳن اﻻﻧطﻼق ﻣن إﺟﺎﺑﺔ اﻟﺗﺳﺎؤﻝ اﻵﺗﻲ:
ﻣﺎ اﻟذي ﻳﻧﺗظرﻩ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،أﻣﺎم ظﺎﻫرة زﻳﺎدة أﻋداد اﻟﺟراﺋم وﺗﻧﺎﻣﻲ ﺧطورﺗﻬﺎ ،ﻣن اﻷﺟﻬزة
اﻟرﺳﻣﻳﺔ اﻟﻣﻧﺎط ﺑﻬﺎ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﻣن ﻳرﺗﻛﺑﻬﺎ؟).(١٢٧
) (١٢٥ﻳﻌﺗﺑر اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧف واﻟﺷدة ﺑﻘﺻد اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ إﻗرار ﺑﺟرﻳﻣﺔ أو ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺑﺷﺄﻧﻬﺎ ﻣن ﺑﻳن
اﻟﺟراﺋم اﻟﻣﺧﻠﺔ ﺑﺎﻹدارة اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ ) .اﻟﻣﺎدة ٢٠٨ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت اﻷردﻧﻲ(.
(126) MOLINA, op. cit. , p. 457,no. 443.
(127) MOLINA, op. cit. , p. 45٠, no. 437.
٦٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺑﺎﻟطﺑﻊ أن ﺣﺎﺟﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻷﻣن ﺗدﻓﻊ أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ إﻟﻰ أن ﺗوﻗﻊ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ
ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻗﻣﻊ اﻟﺟراﺋم واﻟﺣد ﻣن وﻗوﻋﻬﺎ) ،(١٢٨ﻟﻛن دون اﻟﻘﺑوﻝ ﺑﺄن ﻳﺗم ذﻟك ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺗﺟﺎوز
ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻔﺗرض أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أن ﺗﺣﻛم ﻫذﻩ اﻟﻌﻣﻠﻳﺔ) .(١٢٩ﻳﻘﻊ إذن ﻋﻠﻰ
ﻋﺎﺗق اﻷﺟﻬزة اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﻳق اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻛﺑﺢ اﻟﺟراﺋم ،ﻟﻛن ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻳﻬﺎ أن ﺗؤدي ﻫذﻩ
اﻟﻣﻬﻣﺔ ﺑﻧزاﻫﺔ ،أي اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻧﺗﻬﺎج طرق ﻻ ﺗﺗﺳق ﻣﻊ اﻻﺣﺗرام واﻟﺛﻘﺔ اﻟﻠذﻳن ﻳﺗوﻗﻌﻬﻣﺎ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣن ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة).(١٣٠
واﻟﺣق أن ﻣوﺿوع اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟذي ﻳﺟب أن ﻳﺣﺎط ﺑﻪ ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ
ﻳطرح ﺟدﻟﻳﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﻐﺎﻳﺔ واﻟوﺳﻳﻠﺔ) .(١٣١ﻓﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ،ﻳﺿﻔﻲ اﺳﺗﺑﻌﺎد أدﻧﻰ درﺟﺔ ﻣن ﻋدم
اﻟﻧزاﻫﺔ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺷرﻋﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺟراء اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﺳﻠطﺔ ،ﻟﻛن ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻷﺧرى
ﻻﺗﻛون ﻧﺎﺟزة ﻫذﻩ اﻟﺷرﻋﻳﺔ إﻻ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون اﻟﻌداﻟﺔ ﻓﻌﺎﻟﺔ ،ﺣﺗﻰ ٕوان اﻗﺗﺿﻰ ﺗﺣﻘﻳق اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ
اﺗﺧﺎذ إﺟراءات ﻻ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ.
وﺗﻔﺳر ﻟﻧﺎ ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻟﻣﺎذا ﻻﻳﻌﺗﺑر ﻛﻝ ﺧداع ﻣﺳﺗﺧدم ﺿﻣن وﺳﺎﺋﻝ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﺟرﻳﻣﺔ
وﺟﻣﻊ أدﻟﺗﻬﺎ ﻣﻧﺎﻗﺿﺎً ﻟﻠﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ؟ ﻓﺑﺎت ﻣﻘﺑوﻻً ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ ،أن
ﻳﺗﻧﻛر رﺟﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،أو ﻳﻐﻳر ﻓﻲ ﻫﻳﺋﺗﻪ ،أو ﻳﻧﺗﺣﻝ ﺻﻔﺔ أو اﺳﻣ ًﺎ ﻏﻳر ﺣﻘﻳﻘﻳﻳن ،وأن
ﻳﺗﺳﻠﻝ ﻟﻣﻌﺎﻗﻝ اﻟﻣﺟرﻣﻳن ﻣن أﺟﻝ ﻛﺷف اﻟﺟرﻳﻣﺔ واﻟﻣﺟرم ،وﺟﻣﻊ اﻷدﻟﺔ .ﻓﻬذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ وﻏﻳرﻫﺎ،
ٕوان اﺗﺳﻣت ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻﺗﻣس اﻻﻋﺗﺑﺎر اﻟواﺟب ﻟرﺟﺎﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟذي ﻳرﻣﻲ
ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ إﻟﻰ ﺗﺣﻘﻳﻘﻪ؛ ﺣﻳث ﺗﻛون اﻟﺣﻳﻠﺔ أﺣﻳﺎﻧﺎً اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟوﺣﻳدة اﻟﻣﺗﺎﺣﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن اﻟرﻛون
(128) FAGET J. , Sociologie de la delinquance et de la justice penale, Eres, 2005, p. 136.
) (١٢٩واﻟﺣق أن ﻫذا اﻟطﻠب ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻰ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﺷﻌور أﻓراد اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ :
إذا ﻛﺎن ﺑﺈﻣﻛﺎن أﻏﻠﺑﻧﺎ أن ﻳﺗﺄﻛد ﻣن أﻧﻪ ﻟن ﻳرﺗﻛب ﻣﺎﻳﺧﺎﻟف أﺣﻛﺎم اﻟﻘواﻧﻳن اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻳس
ﺑوﺳﻊ أي ﻣﻧﺎ اﻟﺗﺄﻛد ﻣن أﻧﻪ ﻟن ﻳﻛون ﻣﺣﻼً ﻟﻣﻼﺣﻘﺔ ﻏﻳر ﻗﺎﻧوﻧﻳﺔ.
GARRAUD R. , Traite theorique et pratique d instruction criminelle et de procedure
penale, Siery, 1907, T. 1, p. 4,no. 1 .
(130) BOUZAT P. , op. cit. ,p. 165,no. 447.
(131) PRADEL J. , procedure penale, op. cit. , p. 391, no. 447.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٦٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
إﻟﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺑﻌض أﻧواع اﻟﺟراﺋم اﻟﺧطرة ،ﻛﺎﻻﺗﺟﺎر ﺑﺎﻟﻣﺧدرات أو ﺑﺎﻷﺷﻳﺎء اﻟﺧطﻳرة ،أو
ﺗﺄﻟﻳف اﻟﺗﻧظﻳﻣﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ …..إﻟﺦ.
وﺗﺧﺗﻠف ﻣﺣددات اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﺑﺣﺳب اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﺟراﺋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟري
ﻓﻳﻬﺎ ﻫذا اﻟﺑﺣث .وﻳرﺟﻊ ﺳﺑب ذﻟك أﻳﺿﺎً ،ﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﻌﺗﻘد ،إﻟﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط اﻟﻧزاﻫﺔ
ﺑﻔﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ .ﻓﻛﻠﻣﺎ ازدادت اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ ﻣن أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
إﺟراﺋﻳﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﺿﺎﻗت ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﻣطﻠوﺑﺔ ﻓﻲ ﻋﻣﻝ ﻫذﻩ اﻷﺟﻬزة .وﻣﻌﻠوﻣﺎً أن اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻳﺟري ﻋﺎدةً ﻓﻲ ﺛﻼث ﻣراﺣﻝ إﺟراﺋﻳﺔ ،ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟﻲ أو اﻟﺗﺣري اﻟذي ﻳﻘوم
ﺑﻪ أﻓراد اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ،وﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻻﺑﺗداﺋﻲ اﻟذي ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﻪ ﺑﺣﺳب اﻷﺻﻝ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ،وﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ أو اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻣوﻛوﻝ ﻟﻘﺿﺎة اﻟﺣﻛم اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻬﺎ .وﺑﻣﺎ أن
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ أﻛﺛر ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣﻝ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،ﻓﺈن ﻣﺎ ﻳﻘﺑﻝ ﻣن أﻓراد
اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻳﻛون ﻣﺣﻝ اﻋﺗراض إذا ﻟﺟﺄت إﻟﻳﻪ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ،
وﻳﻛون اﻻﻋﺗراض أﻛﺑر ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻛون ﻗﺿﺎة اﻟﺣﻛم ﻫم ﻣن ﻳﺳﺗﺧدم ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ).(١٣٢
وﻳﺟب أن ﻧﺑﻳن ﺑﺄن طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻌﻣﻝ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣدد ﻣﻘﺑوﻟﻳﺗﻪ أو ﻋدﻣﻬﺎ ،وﻟﻳﺳت ﺻﻔﺔ اﻟﻘﺎﺋم
ﺑﻪ ،ﻓﺄﻋﻣﺎﻝ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻻﺑﺗداﺋﻲ اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم ﺑﻬﺎ أﻓ ارد اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺑﺎﻹﻧﺎﺑﺔ ﻋن اﻟﻣدﻋﻲ اﻟﻌﺎم
ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻣﺣددات اﻟﻧزاﻫﺔ ذاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن ﺗواﻓرﻫﺎ ﻓﻲ أﻋﻣﺎﻝ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ) .(١٣٣ﺑﻣﻌﻧﻰ آﺧر
ﻳﺳﺗﻧد اﻟﻔﺎرق اﻟذي ﻳﺣﻛم ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ إﻟﻰ طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻌﻣﻝ اﻹﺟراﺋﻲ إن ﻛﺎن ﻗﺿﺎﺋﻳﺎً أو ﻏﻳر
ﻗﺿﺎﺋﻲ .وﻳﻌﺗﻣد ﺗﺣدﻳد اﺗﺻﺎف اﻟﻌﻣﻝ ﺑﺎﻟﻧزاﻫﺔ أو ﻋدﻣﻪ إﻟﻰ وﻗت اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ ،أي وﻗوع اﻹﺟراء
ﻗﺑﻝ ﻛﺷف ﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﻳﻣﺔ وﺑداﻳﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق أو ﺑﻌد ﺷروع اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﻳق ،ﻓﻣﺎ ﻗد ﻻ
ﻳﺗﻌﺎرض ﻣﻊ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻗد ﻻ ﻳﺗﺳق ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ.
(132) MOLINA E. , op. cit. ,460 et suivant.
(133) Crim. 12 juin1952, B. C. no. 153; PRADEL J. Et VARINARD A. , op. cit. , T. 2, no. 12.
٦٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺍﳌﻄﻠﺐ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺗﻘﻴﻴﺪ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺍﻷﺩﻟﺔ
ﻳﻘﻊ ﻋبء اﻟﺑﺣث ﻋن أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﻓﻲ اﻟﻧطﺎق اﻟﺟزاﺋﻲ ،ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﻳق ﻣن أﺟﻝ ﻛﺷف اﻟﺟراﺋم واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺗﻬﺎ ﻟﻳﺗﺳﻧﻰ ﻟﻬﺎ ﺗﻘدﻳﻣﻬﺎ أﻣﺎم ﻗﺿﺎء
اﻟﺣﻛم ﻟﻛﻲ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﻗﻧﺎﻋﺔ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ و ﺗﻣﻛﻳﻧﻪ ﻣن اﻟﺣﻛم .ﻟﻛن ﻻ ﻳﻣﺗﻧﻊ ﻋﻠﻰ
اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي اﻟﺑﺣث ﻛذﻟك ﻋن أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻳدﻋﻲ وﻗوﻋﻬﺎٕ .واذا ﻛﺎﻧت اﻟﻧزاﻫﺔ ﺗﻘﻳد
ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻬﻝ ﺗؤدي اﻟدور ذاﺗﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻛون اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي
ﻫو اﻟذي ﻳﻘوم ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ؟
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻷﻭﻝ
ﺗﻘﻴﻴﺪ ﲝﺚ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺑﺎﻟﱰﺍﻫﺔ
ﻳﺗﻌﻳن ،ﻛﻣﺎ أﺳﻠﻔﻧﺎ ،اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳن ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ
ﻣدى اﻟﺗزام ﻛﻝ ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﺗﺣﻛم ﻫذا اﻟﺑﺣث.
ﻓﺈذا ﻛﺎن اﻻﺗﻔﺎق ﻣﻧﻌﻘداً ﻋﻠﻰ أن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺿﺎة اﻟﺗزام أﻗﺻﻰ درﺟﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻷدﻟﺔ ﺳواء ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق أو اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ؛ ﺣﻳث ﺗﺗﻌﻠق اﻟﻧزاﻫﺔ ﺑﺎﻻﻋﺗﺑﺎر واﻻﺣﺗرام اﻟواﺟﺑﻳن
ﻟﻠﻘﺿﺎء) ،(١٣٤ﻓﺈن اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻣروﻧﺔ أﻛﺑر ﺧﻼﻝ ﻋﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ،
اﻷﻣر اﻟذي ﻳﻌﻧﻲ أن ﻳﻛون ﻟﻠﻧزاﻫﺔ دور أﻗﻝ ﺻراﻣﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ
اﻟﺗﺣري اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ .وﻳﻌود ذﻟك إﻟﻰ ﺳﺑﺑﻳن ﻳدوران ﻓﻲ ﺟوﻫرﻫﻣﺎ ﺣوﻝ اﻟﻔﻛرة
اﻟﺗﺎﻟﻳﺔ :ﺗﻣﺛﻝ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ ﺗﺣﻘﻳق اﻟﻌداﻟﺔ ﺳﺑﺑﺎً ﻣﺷروﻋﺎً ُﻳﺳﺗﻧد إﻟﻳﻪ ﻟﻠﺣد ﻣن اﻟدور اﻟذي ﺗؤدﻳﻪ اﻟﻧزاﻫﺔ
) (١٣٤اﻧظر ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﻬذا اﻟﻣوﺿوع :
;PRADEL J. , op. cit. ,p. 390,no. 447; RASSAT M. L. , op. cit. ,p. 329,no. 209
GUINCHARED S. Et BUISSON J. ,op. cit. , p. 473,no. 468; COTE Ph. et DU
CHAMBON P. , op. cit. ,p. 42,no. 68; MERLE R. Et VITU A. ,op. cit. , p. 163,no. 130.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٦٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت) .(١٣٥وﺗﻔﺻﻳﻼً ﻟﻬذﻩ اﻟﻔﻛرة ﻳﻣﻛن ﻟﻧﺎ
أن ﻧوﺿﺢ ﻫذﻳن اﻟﺳﺑﺑﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺣو اﻵﺗﻲ:
ﻳﺳﺗﻧد اﻟﺳﺑب اﻷوﻝ إﻟﻰ ﺣﻘﻳﻘﺔ اﻻﺧﺗﻼف ﺑﻳن طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻌﻣﻝ اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ
ﻋن اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﻘﺿﺎة .ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ ﺗﺗراﺗب ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﻓﻳﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬﺎ
ﺿﻣن ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﻳق ﻏﺎﻳﺔ ﻧﻬﺎﺋﻳﺔ واﺣدة ﻫﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ) ،(١٣٦إﻻ أن اﻟﻌﻣﻝ اﻟذي ﻳﻘوم ﺑﻪ رﺟﺎﻝ اﻷﻣن ،اﻟذﻳن ﻳﺷﻛﻠون اﻟﻣﻛون اﻟرﺋﻳﺳﻲ ﻟﻠﺿﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳﺔ ،ﺗﺧﺗﻠف طﺑﻳﻌﺗﻪ ﻋن ذﻟك اﻟذي ﺗﻘوم ﺑﻪ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻗﺿﺎة اﻟﺣﻛم .ﻓﻣﺄﻣور اﻟﺿﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳﺔ ،ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ ﻣﺣﻘﻘﺎً ﻣﻛﻠﻔﺎً ﺑﺎﻟﺗﺣري ﻋن اﻟﺟراﺋم ،ﻳﺗﺣﺗم أن ﺗﻛون ﻋﻼﻗﺗﻪ ﻣﺑﺎﺷرة ﺑﺎﻟﺟرﻳﻣﺔ
واﻟﻣﺟرم ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ دور اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗوﻟﻰ اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻓﻲ ﻣرﺗﺑﺔ ﺗﺎﻟﻳﺔ ﺗﻘﺗرب ﺑﻬﺎ ﻣن ﻗﺿﺎة
اﻟﺣﻛم) .(١٣٧وﺑﻣﺎ أن أﺧﻼﻗﻳﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﺑﺣﺳب طﺑﻳﻌﺔ اﻟﻣﻬﻧﺔ ،ﻓﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻧﺎ اﻟﻘوﻝ :إن
أﺧﻼﻗﻳﺎت اﻟﻣﻬﻧﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻫﻲ ﻟﻳﺳت ذاﺗﻬﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻝ اﻟﻘﺿﺎة.
وﻳﻣﻛن اﻟﻘوﻝ إذن أن اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺎت ﻛﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻷدﻟﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻣﺗطﻠﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑﺣﺳب اﻟدرﺟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟري ﻓﻳﻬﺎ ﻫذا اﻟﺑﺣث .ﺑﻳد أﻧﻪ ﻻ ﻳﺟوز ﻟﻬذﻩ
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ أن ﺗﻛون ﺳﻧداً ﻟﻠﻘوﻝ ﺑﺗﺣﻠﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻣن ﻗﻳد اﻟﻧزاﻫﺔ ﺧﻼﻝ ﻣﺑﺎﺷرة ﺳﻠطﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ
اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔٕ ،واﻧﻣﺎ درﺟﺔ اﻟﻧزاﻫﺔ أو ﻣﺣدداﺗﻬﺎ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺧﺗﻠف ،وﻳؤﻳد ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﻳﺟﺔ اﻟﺳﺑب
اﻵﺧر اﻵﺗﻲ.
ﻳﻘوم ﻋﻣﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﺟراﺋم وﺟﻣﻊ أدﻟﺗﻬﺎ واﻟﻛﺷف ﻋن
)(١٣٨
ﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ
ﻣﺎدام أن ﺗﺣﻘﻳﻘﺎً ﻗﺿﺎﺋﻳﺎً ﻟم ﻳﺑدأ .واﻟﺣق أن ﻫذا اﻟﻌﻣﻝ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣن
(135) MOLINA, op. cit. , p. 460,no. 446.
(136) GUINCHARED S. Et BUISSON J. ,op. cit. , p. 474,no. 469
(137) BLOND M. ,Les ruses et les artifices de la police au cours de l inquete preliminaire, J.
C. P. 1958 , II , 1419.
) (١٣٨اﻟﻣﺎدة ) (٨ق .أ .م .ج.
٦٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﺻﻌوﺑﺔ وﻳﺗطﻠب اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ ﺣرﻳﺔ أﻛﺑر ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ؛ ﺣﻳث إن اﻟﺗﺣري ﻻﻳﺿﻊ ،ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠب،
ﻋﻧد ﺑداﻳﺗﻪ ﻣﺗﻬﻣﺎً ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻋﻠﻰ ﺧﻼف اﻟﺣﺎﻝ ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳﺔٕ ،واﻧﻣﺎ ﺗﻛون
اﻟﺻورة أﻗﻝ وﺿوﺣﺎً؛ ﺣﻳث ﻳواﺟﻪ ﻣﺄﻣورو اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻋﺎﻟم اﻟﻣﺟرﻣﻳن .واﻟواﻗﻊ
أن ﻋﻣﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻳﺑدأ ﻓﻲ ﻣﻌظم اﻷﺣﻳﺎن ،ﺣﻳث ﻻﺗوﺟد دﻻﺋﻝ ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻳﻪ ﻓﻲ
ﺗوﺟﻳﻪ اﻟﺷﺑﻬﺎت ﻓﻲ اﺗﺟﺎﻩ ﻣﻌﻳن ،وﻳﺟري ذﻟك ﺗﺣت ﺿﻐط اﻟرأي اﻟﻌﺎم اﻟذي ﻳطﺎﻟب ﺑﺎﻟﻛﺷف
ﻋن ﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺳرﻋﺔ) .(١٣٩ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﺟرﻳﻣﺔ ﻳطﺎﻟب اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أن ﺗﺿﺎﻋف
اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺟﻬودﻫﺎ وأن ﺗﺗﺣرك ﺑﺷﻛﻝ ﺳرﻳﻊ وﻓﻌﺎﻝ وأن ﺗﻧﺟﺢ ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻣﻼﺑﺳﺎﺗﻬﺎ
ﻛﺎﻓﺔ) .(١٤٠ﻓﺎﻟواﻗﻊ اﻟﻌﻣﻠﻲ واﻹطﺎر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﺗﻣﺎرس ﻣن ﺧﻼﻟﻪ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ
ﻳؤدﻳﺎن إﻟﻰ أن ﻳﻛون ﻟﻠﻧزاﻫﺔ أﺛر ﻧﺳﺑﻲ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟﻲ.
وﻟﻛن ﻻ ﻳﺳﻧد اﻷﺛر اﻟﻧﺳﺑﻲ ﻟﻠﻧزاﻫﺔ أي ﻣﺑرر ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘوم اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺑﺄﻋﻣﺎﻝ
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﻧﺎﺑﺔ ﻣن اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ)(١٤١؛ ﺣﻳث ﺗﻛون اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻣﻠزﻣﺔ ﺑﺎﺣﺗرام
اﻟﺗﺣﻘﻳق ً
ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻳد ﻋﻣﻝ اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ” اﺳﺗﻘﺻﺎء اﻟﺟراﺋم وﺗﻌﻘب ﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ”)،(١٤٢
وﻟﻳس ﻟﻠﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺗﺟﺎوز ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺳم اﻟﺣدود ﻟﺣرﻳﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻲ
ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻟﻧﻬﺎﺋﻲ).(١٤٣
وﻧود أن ﻧؤﻛد أن ﻧﺳﺑﻳﺔ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻳﻳد ﺣرﻳﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻻﺗﻌﻧﻲ ﻣطﻠﻘﺎً ﺗﺣﻠﻝ
اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻣن اﻟﺗزام اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟﻲ ،وﺳﻧرى
ﻫذﻩ اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﺧدام اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻟﻠﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع أوﻻً ،واﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ
ﺛﺎﻧﻳﺎً.
) (١٣٩ﻟﻳس ﻣن اﻟﻧﺎدر أن ﺗطﺎﻟﻌﻧﺎ اﻟﺻﺣف ﺑﺧﺑر ﻳﻔﻳد أﻧﻪ :أﻟﻘﻰ رﺟﺎﻝ اﻷﻣن اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﻣرﺗﻛب
ﺟرﻳﻣﺔ ﻣﻌﻳﻧﺔ ﺧﻼﻝ ﻣدة ﻟم ﺗﺗﺟﺎوز…..
) (١٤١اﻟﻣﺎدة ) (٤٨ق .أ .م .ج.
) (١٤٢اﻟﻣﺎدة ) (١٧ق .أ .م .ج.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
BLONDET M. , op. cit.
)(140
Crim. 12juin1952,cite.
)(143
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٦٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
أوﻻً :اﻟﻠﺟوء ﻟﻠﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع:
ﻻ ﻳﺗﺳق ﻣﻊ ﻣﻘﺗﺿﻳﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ اﺳﺗﺧدام اﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،ﺣﻳث
اﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹرادة.
ﻳﺗﺿﻣن اﺳﺗﺧدام اﻟﺣﻳﻠﺔ أو اﻟﺧداع
ً
ﻟﻛن ﺗﺗﻌدد اﻷﻋﻣﺎﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻓﻳﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ اﻟﺣﻳﻠﺔ أو اﻟﺧداع،
وﻧﺿرب ﺗﻣﺛﻳﻼً ﻟذﻟك ﺑﺎﻷﻣﺛﻠﺔ اﻵﺗﻳﺔ:
اﻧﺗﺣﺎﻝ ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺻﻔﺔ ﻏﻳر ﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ﻣن أﺟﻝ ﺣﻣﻝ اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﻋﻠﻰ اﻹدﻻء
ﺑﻘوﻝ أو اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻔﻌﻝ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻣﻛن اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ إذا ﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻋﻠم ﺑﺻﻔﺔ اﻟﻣﺗﻌﺎﻣﻝ ﻣﻌﻪ اﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ،أو
اﻟﺗﻧﻛر ﺑﻬﻳﺋﺔ أﺧرى أو ﺗﻌﻣد ﻋدم ارﺗداء اﻟزي اﻟرﺳﻣﻲ أو ﺣﻣﻝ اﻟﺷﺎرات اﻟذي ﻳدﻝ ﻋﻠﻰ ﻫوﻳﺔ
ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ،أو ﻣﺟرد اﻻﻣﺗﻧﺎع ﻋن اﻹﻋﻼن ﻋن اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺣﻘﻳﻘﻳﺔ ،أو
اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺗﺳﺟﻳﻝ أﺣﺎدﻳث دون ﻋﻠم ﻣن ﻳﺟري ﻫذا اﻟﺗﺳﺟﻳﻝ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺗﻪ ،أو ﺣﻣﻝ اﻟﻐﻳر ﻋﻠﻰ
اﻻﺗﺻﺎﻝ ﺑﺎﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ وﺗﺳﺟﻳﻝ ﻣﺎ ﻳدور ﺑﻳﻧﻬﻣﺎ ﻣن ﺣدﻳث دون ﻋﻠم اﻷﺧﻳر ،وﻳﻧﺻرف اﻟﻘوﻝ
ذاﺗﻪ ﻻﻟﺗﻘﺎط اﻟﺻور.
ﺻور ﻣن اﻟﺗدﻟﻳس ،ﺣﻳث ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ إﻳﻘﺎع اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﺑﺎﻟﻐﻠط،
وﺗﻌد ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ
اً
وﻻ ﻳﻐﻳر ﻣن ذﻟك ﻛون اﻟﻐﺎﻳﺔ ﻣﻧﻬﺎ ﻫﻲ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ .ﻓﻬﻝ ﻳﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﻘوﻝ وﺟوب
رﻓض اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ أﻳﺔ وﺳﻳﻠﺔ ﻣن ﻗﺑﻳﻝ ﺗﻠك اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘد اﻟﻧزاﻫﺔٕ ،واﻋﻼن ﺑطﻼن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺗﺣﺻﻝ
ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ؟.
اﻟﺣق أﻧﻪ ﻳﺻﻌب اﻟرﻓض اﻟﻣطﻠق ﻟﻛﻝ دﻟﻳﻝ ﻛﺎﻧت وﺳﻳﻠﺔ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺣﻳﻠﺔ أو
اﻟﺧدﻳﻌﺔ ،ﻓﺎﻟﺿرورة ﺗﻘﺗﺿﻲ ﺗطﺑﻳق ﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ ﺗطﺑﻳﻘﺎً ﻧﺳﺑﻳﺎً .ﻟﻛن ﻧﺳﺑﻳﺔ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﻳق ﻻ
ﻳﺟوز أن ﺗﻛون ﻣﻧﻔﻠﺗﺔ ﻣن أي ﻗﻳد ،واﻟﻘﻳد اﻟذي ﻳﺣﻛﻣﻬﺎ ﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﻣراد
إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ)(١٤٤؛ وذﻟك ﻷﻧﻪ ﻳﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أن ﻳﻛﺎﻓﺢ اﻟﺟراﺋم ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺧﺻوص ﺗﻠك اﻟﺗﻲ
(144) MOLINA E. , op. cit. ,p. 477,460
٧٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺗﻣﺛﻝ ﺧط اًر ﺷﺎﻣﻼً ﻳﻬدد أﻣﻧﻪ وﺳﻼﻣﺗﻪ ،وﻟﻪ ﻓﻲ ﺳﺑﻳﻝ ﺗﺣﻘﻳق ذﻟك اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﺣﻘﻳق
اﻟﺿرورﻳﺔ ﻟﺗﺣﻘﻳق ﻫذﻩ اﻟﻐﺎﻳﺔ.
واﻟﺣق أن ﺗﻧﺎﺳب رد اﻟﻔﻌﻝ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻊ ﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻟﻳﺳت ﻓﻛرة طﺎرﺋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧون
اﻟﺟزاﺋﻲ ،ﻓﺎﻟﻘواﻋد اﻟﻣوﺿوﻋﻳﺔ ﺗُﺑﻧﻰ ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﺗﻧﺎﺳب .أو ﻟﻳس اﻟﻘﺎﻧون ﻳﺣدد ﺷدة اﻟﻌﻘوﺑﺔ
ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻳن اﻟﺟزاء وﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،وﺗطﺎﻝ ﻓﻛرة اﻟﺗﻧﺎﺳب اﻟﻘواﻋد اﻹﺟراﺋﻳﺔ ﻋﻧد اﻟﻛﻼم ﻋن
ﺻﻌوﺑﺔ إﺛﺑﺎت ﺑﻌض أﻧواع اﻟﺟراﺋم اﻟﺧطﻳرة.
ﻟﻛن ﺗطﺑﻳق اﻟﺗﻧﺎﺳب ﺑﻳن إﺟراءات اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ وﺧطورة اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻻﻳﺧﻠو ﻣن ﻣﺧﺎطر ﻓﻲ
ظﻝ ﻏﻳﺎب اﻟﺗﻧظﻳم اﻟﺗﺷرﻳﻌﻲ ﻟﻠﻣﺳﺄﻟﺔ ،ﻓﺗﻌﻠﻳق ﻫذا اﻟﺗطﺑﻳق ﻋﻠﻰ إرادة ﻣﺄﻣوري اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ
اﻟﺗﻲ ﺗﻘودﻫﺎ رﻏﺑﺔ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﺑﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻘررون أﻧﻬﻬم ﻳواﺟﻬون ﺟراﺋم ﺧطﻳرة،
ُﻳﺧﺿﻊ ﺗطﺑﻳق اﻟﺗﻧﺎﺳب ﻟﻣﻌﻳﺎر ﺷﺧﺻﻲ ُﻳﺧﺷﻰ أن ﻳؤدي ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﻳق اﻟﻌﻣﻠﻲ إﻟﻰ ﺗﻌﺳف أﺟﻬزة
اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ؛ ﻟذا ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺷرع اﻟﺗدﺧﻝ ﻣن أﺟﻝ إﻋﺎدة ﺗﻧظﻳم إﺟراءات اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ
ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣري اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻧﺎﺳب ﺑﻳن اﻹﺟراءات وﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ .ﺑﻳد أﻧﻪ ﻗد ﻳﻌﺗرض
ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻣﺛﻝ إﺧﻼﻻً ﺑﺎﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﺣرﻳﺎت اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ اﻟواﺟب ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ .ﻟﻛن ﻳﻣﻛن
اﻟرد ﻋﻠﻰ ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻻﻋﺗراض ﺑﺎﻟﻘوﻝ ﺑﻌدم وﺟود ﻣﺎ ﻳﺣوﻝ دون أن ﻳﺗﻧﺎﺳب اﻟﺣق ﻓﻲ اﺣﺗرام
اﻟﺣرﻳﺎت اﻟﺷﺧﺻﻳﺔ ﻣﻊ ﻣﻘدار اﻟﺧطر اﻟذي ﺗﺳﺑﺑﻪ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻟﻠﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ) .(١٤٥ﻓﺟراﺋم
ﻛﺎﻟرﺷوة أو ﺗﻬرﻳب اﻟﻣﺧدرات واﻻﺗﺟﺎر ﺑﻬﺎ أو اﻹرﻫﺎب أو ﺗزوﻳر اﻟﻌﻣﻠﺔ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ ،ﺗﻠﺣق
ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﺧط اًر ﺧﺎﺻﺎً ﺑﺎﻟﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﻛﺷف ﻋﻧﻬﺎ وﺟﻣﻊ أدﻟﺔ إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ دون
اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ وﺳﺎﺋﻝ ﻣن ﻧوع ﺧﺎص ٕوان اﺗﺳﻣت ﺑﻌدم اﻟﻧزاﻫﺔ .ﻓﺎدﻋﺎء رﺟﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ رﻏﺑﺗﻪ ﻓﻲ
ﺷراء ﻣﺧدرات وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﺑﻬذﻩ اﻟﺻﻔﺔ ﻣﻊ ﻣن ﻳﺗﺎﺟر ﺑﻬﺎ ،وﺳﻳﻠﺔ ﻻ ﻳﻣﻛن اﻟﺗﺟﺎوز ﻋﻧﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ
ﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﺟراﺋم ٕوان اﺗﺳﻣت ﺑﺎﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع.
LEVASSEUR G. , Les methodes scientifiques de recherche de la verite,R. I. D. P.
1972,p. 347
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(145
٧١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
وطﺑق اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻣﺑدأ اﻟﺗﻧﺎﺳب ﻋﻠﻰ اﻷدﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،وأﺿﻔﻰ ﻣروﻧﺔ ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﻳق
اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻣدﻓوﻋﺎً ﺑﺎﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑطرق أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ)(١٤٦؛
ﺣﻳث ﻳﻣﻛن اﻟﻘوﻝ ،ﻛﻣﺎ ﻳﻼﺣظ اﻟﺑﻌض ،أن ﻫﻧﺎك اﺗﺟﺎﻫًﺎ ﻗﺿﺎﺋﻳﺎً ﻳﺗﺟﻪ ﻧﺣو اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ ﻗﺑوﻝ
ﺑﻌض وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﺣري اﻟﺗﻲ ﺗﻌد ﻣن ﻗﺑﻳﻝ اﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع ،ﻓﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻻﻋﺗراف ﺑﻌدم اﺗﺳﺎﻗﻬﺎ
ﻣﻊ ﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ ،إﻻ أﻧﻬﺎ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﻳق اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ،وﻋﻠﻰ وﺟﻪ
اﻟﺧﺻوص ﻋﻧدﻣﺎ ﺗدﺧﻝ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻓﻲ ﻧطﺎق ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺑﻌض أﺷﻛﺎﻝ اﻹﺟرام اﻟﺧطرة ﺻﻌﺑﺔ
اﻹﺛﺑﺎت).(١٤٧
وﺻﻔوة اﻟﻘوﻝ أن ﺗﻘرﻳر ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻹﺟراءات ﺗﺗﺳم ﺑﺟﻣﻠﺗﻬﺎ ﺑﻣراﻋﺎة ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ ﻳﻘوم
أﻳﺿﺎً ﻋﻠﻰ ﺿرورة ﻣراﻋﺎة اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﺑﻌض أﻧواع اﻟﺟراﺋم وﻣﻼﺣﻘﺔ ﻣرﺗﻛﺑﻳﻬﺎ.
وﻫﻧﺎ ﻻﺑد ﻣن اﻟﻣوازﻧﺔ ﺑﻳن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻔرد ﻓﻲ أن ﻳﺗم اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ
اﻹﺛﺑﺎت ﻣن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﺧدام وﺳﺎﺋﻝ ﻣﺷروﻋﺔ؛ ﻟذا ﻓﺈن اﻟﻘوﻝ ﺑﺈﻳﻼء اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أﻫﻣﻳﺔ
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﺑﻌض أﻧواع اﻟﺟراﺋم ﻻ ﻳﺻﻠﺢ اﻟﺑﺗﺔ أﺳﺎﺳﺎً ﻟﻠﻘﺑوﻝ ﺑﺈﺟراءات ﺗﻔرغ ﺣﻘوق
اﻟدﻓﺎع ﻣن ﺟوﻫرﻫﺎ ،وﻳﻌد ﺣظر ﻗﻳﺎم أﻓراد اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺑﺎﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ
ﻣن أﺟﻝ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ،ﺗﺟﺳﻳداً واﺿﺣﺎً ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ.
ﺛﺎﻧﻳﺎً :اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ
إذا ﻛﺎن اﺳﺗﺧدام ﺑﻌض ﺻور اﻟﺣﻳﻠﺔ واﻟﺧداع ﻟﻠﻛﺷف ﻋن اﻟﺟرﻳﻣﺔ واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺗﻬﺎ
ﻣن ﺧﻼﻝ اﻹﻳﻘﺎع ﺑﻣرﺗﻛﺑﻬﺎ ﻻ ﻳﺗﻌﺎرض ﺑﺎﻟﺿرورة ﻣﻊ اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن أن ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻝ
ﺳﻠطﺎت اﻟﺗﺣﻘﻳق ،ﻟﻛن اﻹﻳﻘﺎع ﺑﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻻ ﻳﺟوز أن ﻳﺻﻝ إﻟﻰ ﺣد اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ
ارﺗﻛﺎﺑﻬﺎ .ﻓﻳﻌد ﺧﺎرج إطﺎر اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺟب أن ﺗﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ ﻣن ﺳﻠطﺔ
) (١٤٦ﻟﻠوﻗوف ﻋﻠﻰ ﺗطﺑﻳﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ،اﻧظر:
PRADEL J. ,procedure penale,op. cit. ,p. 391,no. 448 s .
MOLINA E. , op. cit. ,p. 480,no. 461
٧٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(147
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻓﻲ ﺧﻠق ﻓﻛرة اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻟدى ﺷﺧص ﻟﻺﻳﻘﺎع ﺑﻪ .إذن ﺑﺣﺳب اﻟﻣﺑدأ ﻳﺣظر ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺎﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ) .(١٤٨ﻏﻳر أﻧﻪ ﺗﺻﻌب اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﻓﻲ أﺣﻳﺎن ﻛﺛﻳرة ،ﺑﻳن
اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ واﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻻﻳﻌد ﻣﺣظو اًر ،وذﻟك ﻷن اﻟﺗﺣرﻳض ﻓﻲ
ﻧطﺎق اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻳﻘﻊ ﺿﻣن اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ اﻟﺣﻳﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﻏﺎﻳﺗﻬﺎ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ،
ﻓﺎﻟﺗﺣرﻳض ﻳﻣﺛﻝ أﻋﻠﻰ درﺟﺎت اﻟﺣﻳﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﺎﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ) .(١٤٩و ﻳطرح ﻣوﺿوع
اﺳﺗﺧدام اﻟﺗﺣرﻳض ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﺗﺳﺎؤﻻً ﺣوﻝ اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻳﺳﺗﻧد إﻟﻳﻬﺎ ﺣظر
اﻟﺗﺣرﻳض ،ﻟﻛﻲ ﻳﻛون ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺑﻳﺎن اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻳﻘﻊ ﺿﻣﻧﻬﺎ اﻟﺗﺣرﻳض اﻟﻣﻣﻧوع ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ.
أ(
أﺳﺑﺎب ﺣظر اﻟﺗﺣرﻳض:
اﻟﺗﺣرﻳض ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻫو “ﺣﻣﻝ اﻟﻐﻳر ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ”) .(١٥٠وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم
اﻟﻣﺣرض واﺧﺗﻳﺎرﻩ) ،(١٥١ﻓﺈﻧﻪ ﻻﻳﻌد ﻣن ﻣواﻧﻊ ﻣﺳﺋوﻟﻳﺔ
ﻣن أن اﻟﺗﺣرﻳض ﻳؤﺛر ﻓﻲ ﺣرﻳﺔ إرادة
ﱠ
)اﻟﻣﺣرض() ،(١٥٢أو ﻣن ﻗﺑﻳﻝ أﺳﺑﺎب اﻟﺗﺑرﻳر اﻟﺗﻲ ﺗرﻓﻊ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﺟرﻣﻳﺔ ﻋن
ﻓﺎﻋﻝ اﻟﺟرﻳﻣﺔ
ﱠ
اﻟﻣﺣرض ﺗﻛون ﻛﺎﻣﻠﺔً ﻋن اﻟﺟرﻳﻣﺔ
ﻓﻌﻠﻪ ،أو ﺣﺗﻰ ﻋذ ًار ﻣﺧﻔﻔﺎً ﻳﺧﻔف ﻋﻘوﺑﺗﻪ ،ﻟذا ﻓﺈن ﻣﺳﺋوﻟﻳﺔ
ﱠ
اﻟﺗﻲ ﻳﻘﺗرﻓﻬﺎ) ،(١٥٣وﻟﻳس أﻣﺎم اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟذي ﻳرى ،ﺑﺎﻟﻧظر ﻟﻠظروف اﻟﺗﻲ أﺣﺎطت ﺑﺎرﺗﻛﺎب
اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﺗﺧﻔﻳف اﻟﻌﻘوﺑﺔ ﺳوى اﺳﺗﻌﻣﺎﻝ ﺳﻠطﺎﺗﻪ اﻟﺗﻘدﻳرﻳﺔ واﻋﺗﺑﺎر اﻟﺗﺣرﻳض ﺳﺑﺑﺎً ﺗﻘدﻳرﻳﺎً
ﻣﺧﻔﻔﺎً).(١٥٤
DECOQ A. ,MONTREUIL J. ,BUISSON J. ,Le droit de la police, Litec,2eme ed.
1998,p. 691,no. 1400.
MOLINA E. ,op. cit. ,p. 481,no. 462.
)(148
)(149
ِ
اﻟﻣﺣرض ﻋﻠﻰ أﻧﻪ” :ﻣن ﺣﻣﻝ أو ﺣﺎوﻝ أن ﻳﺣﻣﻝ
) (١٥٠ﻋرﻓت اﻟﻣﺎدة )/١/٨٠أ( ﻣن ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت
ﺷﺧﺻﺎً آﺧر ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب ﺟرﻳﻣﺔ”.
PRADEL J. , Procedure penale,op. cit. ,p. 393,no. 449.
)(151
) (١٥٢اﻧظر ﻓﻲ ﻣواﻧﻊ اﻟﻣﺳﺋوﻟﻳﺔ وﻣواﻧﻊ اﻟﻌﻘﺎب اﻟواردة ﻓﻲ ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻣواد ﻣن ٨٥إﻟﻰ .٩٤
(153) BOUZAT P. , La loyaute dans la recherche des preuves,op. cit. ,p. 165,no. 14.
)اﻟﻣﺣرض( ﻣن اﻟﻌﻘﺎب اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ اﻹﻛراﻩ اﻟﻣﻌﻧوي ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻌﺗرض ذﻟك
)ٕ (١٥٤واذا ﺗﺻورﻧﺎ إﻋﻔﺎء اﻟﻔﺎﻋﻝ
ﱠ
اﺷﺗراط اﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ اﻹﻛراﻩ اﻟﻣﻌﻔﻲ ﻣن اﻟﻌﻘﺎب أن ﻳﻛون ﺟﺳﻳﻣﺎً ﻳﻌدم ﺣرﻳﺔ اﻻﺧﺗﻳﺎر .ﻓﺎﻟﻘﺎﻧون =
=ﻳﺷﺗرط ﻓﻲ اﻟﺗﻬدﻳد اﻟﻣﻌﻔﻲ ﻣن اﻟﻌﻘﺎب أن ﻳﺟﻌﻝ اﻟﻔﺎﻋﻝ ﻳﻌﺗﻘد ،ﺿﻣن داﺋرة اﻟﻣﻌﻘوﻝ ،ﺣﻳن
ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻟﻣوت اﻟﻌﺎﺟﻝ أو أي ﺿرر ﺑﻠﻳﻎ ﻳؤدي إﻟﻰ ﺗﺷوﻳﻪ أو ﺗﻌطﻳﻝ أي ﻋﺿو ﻣن
أﻋﺿﺎﺋﻪ ﺑﺻورة ﻣﺳﺗدﻳﻣﺔ ﻓﻳﻣﺎ ﻟو اﻣﺗﻧﻊ ﻋن ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرم اﻟﻣﻛرﻩ ﻋﻠﻰ اﻗﺗراﻓﻪ”)اﻟﻣﺎدة ٨٨ﻣن
ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت(.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٧٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻳﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم ﻣدى ﺧطورة اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ إﻗدام رﺟﺎﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟراﺋم ،إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻌﺎرض اﻟﺗﺣرﻳض ﻣﻊ ﻣﻘﺗﺿﻳﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟﺗﻲ
ﻳﺟب أن ﺗﺣﻛم ﻋﻣﻝ ﻫؤﻻء ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن أدﻟﺔ اﻟﺟراﺋم ،ﻓﻳﺗﻧﺎﻓﻰ دون أدﻧﻰ ﺷك اﻟﺗﺣرﻳض ﻣﻊ
وظﻳﻔﺔ ﻣﺄﻣوري اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ اﻟﻣﺗﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻻ اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻳﻬﺎ.
ب(
ﺣدود اﻟﺗﺣرﻳض اﻟﻣﺣظور.
ﻳﺗﻌﻳن ﻣن أﺟﻝ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣرﻳض اﻟﻣﺣظور إﻋﻣﺎﻝ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ
اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،واﻟذي ﻳﻌد ﺑدورﻩ ﺟرﻳﻣﺔ ،واﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻳﺧرج ﻋن ﻧطﺎق اﻟﺗﺣرﻳض
اﻟﻣﺣظور).(١٥٥
وﻣن اﻟﻣﺗﻔق ﻋﻠﻳﻪ أن اﺗﺧﺎذ ﻣﺄﻣوري اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻣوﻗﻔﺎً ﺳﻠﺑﻳﺎً ﻣن وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،أي
ﺗرك اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺗﻘﻊ ﺗﺣت ﻣراﻗﺑﺗﻬم ﻣن أﺟﻝ اﻟﻘﺑض ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻳﻊ اﻟﻣﺳﺎﻫﻣﻳن ﻓﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺗﻠﺑس،
ﻻﻳدﺧﻝ ﺿﻣن اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ارﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﻓﻳﺗطﻠب اﻟﺗﺣرﻳض اﻟذي ﻳﺣظرﻩ اﻟﻘﺎﻧون
ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ إﻳﺟﺎﺑﻳﺔ ﻓﻲ وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ).(١٥٦
ﻟﻛن ﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أﻛﺛر ﺗﻌﻘﻳداً ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﻘوم ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﺑﻔﻌﻝ إﻳﺟﺎﺑﻲ،
وﺑﺎﻹﻣﻛﺎن ﺿرب اﻷﻣﺛﻠﺔ اﻵﺗﻳﺔ ﻟﺑﻳﺎن ﻣدى ﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻔرﻗﺔ ﺑﻳن اﻟﺗﺣرﻳض اﻟﻣﺣظور وذﻟك
اﻟﻣﺷروع :
ﺗﻘدﻳم ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻧﻔﺳﻪ إﻟﻰ ﻣﺷﺗﺑﻪ ﺑﻪ ﺑﺣﻳﺎزة أﺷﻳﺎء ﻳﺣظر اﻟﻘﺎﻧون ﺣﻳﺎزﺗﻬﺎ
ﻣدﻋﻳﺎً رﻏﺑﺗﻪ ﺑﺷراء ﻫذﻩ اﻷﺷﻳﺎء) ،(١٥٧أو اﺳﺗﻌﺎﻧﺔ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﺑﺎﻣرأة ﻟﻠﺳﻳر وﻫﻲ ﺗﺣﻣﻝ
ﺣﻘﻳﺑﺔ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن وﻗﻌت ﻓﻳﻪ ﻋدة ﺳرﻗﺎت ﻣن ﺧﻼﻝ اﻧﺗزاع ﺣﻘﺎﺋب اﻟﺳﻳدات اﻟﻼﺗﻲ ﻳﺳرن ﻓﻲ ﻫذا
MOLINA E. , op. cit. , p. 485,no. 468.
PRADEL J. , procedure penale,op. cit. ,p. 394,no. 449.
(157) PRADEL J. , procedure penale,op. cit. ,loc. cit.
٧٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(155
)(156
)(157
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﻣﻛﺎن ،أو اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻣن أﺟﻝ اﺳﺗدراج اﻟﻣﺷﺗﺑﻪ ﻓﻳﻪ ﺑﺎرﺗﻛﺎب ﺟراﺋم ﺧطف ﺑﻘﺻد
اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ ﻓدﻳﺔ ،أو ﺗرك ﺳﻳﺎرة دون ﻗﻔﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻛﺎن ﺗﻛﺛر ﻓﻳﻪ ﺳرﻗﺔ اﻟﺳﻳﺎرات .ﻓﻬﻝ ﺗﻌد ﻣﺛﻝ
ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎﻝ ﺗﺣرﻳﺿﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ أو ﻫﻲ ﻣن ﻗﺑﻳﻝ اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ؟
واﻟﺣق أﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ أن ﻳﺗﺑﻳن ﻓﻲ ﻛﻝ واﻗﻌﺔ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﻳطرح أﻣﺎﻣﻪ ﻣﺛﻝ ﻫذا
اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ،ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎن اﻟﺗﺣرﻳض ﻗد أدى إﻟﻰ وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،أم أن دورﻩ ﻗد ﺗوﻗف ﻋﻧد ﺟﻣﻊ
أدﻟﺔ ﺟرﻳﻣﺔ ﻗد وﻗﻌت أو ُﺑدىء ﺑﺗﻧﻔﻳذﻫﺎ) .(١٥٨واﻧطﻼﻗﺎً ﻣن ذﻟك ﺳﻳﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎن اﻟﻘﺎﺿﻲ أن
ﻳﻘرر أن اﻟﺗﺣرﻳض ﻏﻳر ﻣﺣظور إن ﻛﺎن ﻫدﻓﻪ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،وﻳﺗﺣﻘق ذﻟك ﻓﻲ
”اﻟﺗﺣرﻳض”اﻟذي ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻌد وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ أو ﻓﻲ أﺛﻧﺎء وﻗوﻋﻬﺎ ﻓﻳﻣﻧﻊ اﻻﺳﺗﻣرار ﺑﻬﺎ ،ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﻛون
اﻟﺗﺣرﻳض ﻣﺣظو اًر ﻋﻧدﻣﺎ ﻳؤدي إﻟﻰ وﻗوع ﺟرﻳﻣﺔ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﺳﺗﻘﻊ ﻟوﻻ ﺗﺣرﻳض ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳﺔ.
وﻧﺧﻠص ﻣن ﻛﻝ ﻣﺎ ﺗﻘدم إﻟﻰ أن اﻟﻧزاﻫﺔ ﻗﻳد ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن
اﻷدﻟﺔ ،ﺳواء أﻛﺎن اﻟﻣﻘﺻود ﻋﻣﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ أم اﻟﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ .وﺗﻣﺛﻝ اﻟﻧزاﻫﺔ أﺣد
اﻟﻘﻳود اﻟﻣﻬﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟذي ﻫو اﻷﺻﻝ اﻟذي ﻳﺟري ﻋﻠﻳﻪ إﺛﺑﺎت اﻟﻣﺳﺎﺋﻝ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ،
ﻟﻛن طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟﻲ ﺗدﻓﻊ ﻧﺣو ﺗﺿﻳﻳق اﻟدور اﻟذي ﻳﻣﻛن
ﻟﻠﻧزاﻫﺔ أن ﺗؤدﻳﻪ ﻓﻲ ﺗﻘﻳﻳد ﻋﻣﻝ اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺗوﺳﻊ ﻓﻲ
ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت ،اﻷﻣر اﻟذي ﻣﻛﻧﻧﺎ ﻣن اﻟﻘوﻝ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺗﻌﻳن أن ﻳﻛون ﻟﻠﻧزاﻫﺔ أﺛر ﻧﺳﺑﻲ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺗﻌﻠق
ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻣن اﻟﺗﺣﻘﻳق ،ﻟﻛن ﻓﻲ اﻷﺣواﻝ ﺟﻣﻳﻌﻬﺎ ﻳﺗﻼﺷﻰ دور اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﻳﻳد ﺣرﻳﺔ
اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺿطﻠﻊ ﺷﺧص ﻋﺎدي ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ.
MAISTRE du CHAMBON P. , La regularite des provocations policieres: l evolution de
la jurisprudence,J. C. P. 1989. I. 3422
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(158
٧٥
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﺍﻟﻔﺮﻉ ﺍﻟﺜﺎﱐ
ﺗﻘﻴﻴﺪ ﲝﺚ ﺍﻷﺷﺨﺎﺹ ﺍﻟﻌﺎﺩﻳﲔ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺑﺎﻟﱰﺍﻫﺔ
ﻳﻧﺣﺻر اﻟﺗﻧظﻳم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﺑﺗﻧظﻳم اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﻳﻘوم ﺑﻬﺎ أﻓراد اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻣن ﻣﺄﻣوري اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ أو أﻋﺿﺎء اﻟﻧﻳﺎﺑﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو ﻗﺿﺎة اﻟﺣﻛم ،ﻟﻠوﺻوﻝ إﻟﻰ
أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ؛ و ﻻﻳﻣﺗد ﻫذا اﻟﺗﻧظﻳم ﻟﻛﻲ ﻳطﺎﻝ اﻟدور اﻟذي ﻗد ﺗؤدﻳﻪ اﻷطراف اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ
اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺳﺗدﻋﻲ طرح اﻟﺗﺳﺎؤﻝ اﻵﺗﻲ :ﻫﻝ ﻳﻘﻳد ﻣﺑدأ
اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻷطراف اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ؟
اﻟﺣق أن ﻧظﺎم اﻹﺟراءات ذا اﻟطﺎﺑﻊ اﻟﺗﻔﺗﻳﺷﻲ أو اﻟﺗﻧﻘﻳﺑﻲ ﻳﻘوم ﺗﻘﻠﻳدﻳﺎً ﻋﻠﻰ أن اﻟدﻋوى
اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻫﻲ ﻣﺳﺋوﻟﻳﺔ اﻟدوﻟﺔ ،وﻟﻳس ﻟﻸطراف اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧظﺎم دور ﻣﻬم ﻓﻲ اﻟدﻋوى.
ﻏﻳر أﻧﻪ ﻟم ﻳﻌد ﺣﺎﻟﻳﺎً ﻟﻬذا اﻟﻧظﺎم اﻟﻣﻔﺎﻫﻳم اﻟﺗﻘﻠﻳدﻳﺔ ذاﺗﻬﺎ .ﻓﻌﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﺧوﻟﺔ
ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﻳق ﺗﺑﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﺗﻔﺗﻳﺷﻲ ﻫﻲ اﻟﻣﺧوﻟﺔ ﺑﺗﻘرﻳر اﻟﺳﻳر ﻓﻲ اﻟﺗﺣﻘﻳق ﻓﻲ اﻟوﺟﻬﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﺎﻋد ﻋﻠﻰ ﻛﺷف اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ،ﻓﺈﻧﻪ ﻳﻣﻛن ﻟﻠﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ أن ﻳؤدي دو اًر ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي
ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﺣﻛم ﺑﺎﻹداﻧﺔ ،اﻟذي ﻳﻛون ﺑﺈﻣﻛﺎﻧﻪ ﻣن ﺧﻼﻝ ذﻟك ﺳد اﻟﻧﻘص اﻟذي ﻗد
ﻳﻌﺗور ﻋﻣﻝ أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ .وﻳﺳﺎﻋد ﺗطور اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ واﻟﺗﻘﻧﻳﺔ ﻓﻲ زﻳﺎدة أﻫﻣﻳﺔ دور
اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ،و ﻳﺗﻌﺎظم ﻫذا اﻟدور أﻳﺿﺎً ﺑﺳﺑب ﻋدم ﺗﻘﻳﻳد اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﺑﺎﻟﻘﻳود اﻟﺗﻲ ﺗﺣد ﻣن
ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻳد اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ.
ﻓﺎﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻳﻣﺗﻠك ﻣن ﺧﻼﻝ ﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﻣﻛﺎﻟﻣﺎت أو اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻛﺎﻣﻳرات اﻟﻣراﻗﺑﺔ أو
أﺟﻬزة اﻟﺗﺻوﻳر….إﻟﺦ وﺳﺎﺋﻝ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﺗﺳﺎﻋد ﻓﻲ اﻟﻛﺷف ﻋن ﻣرﺗﻛب اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺿدﻩ
واﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺗﻬﺎ) .(١٥٩ﻟﻛن اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﻳﺷوﺑﻪ ﻋدم اﻟﻧزاﻫﺔ ،ورﺑﻣﺎ ﻳﻣﺛﻝ اﺳﺗﺧدام
ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺟراﺋم ﻳﻌﺎﻗب ﻋﻠﻳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون.
AMBROISE – CASTEROT C. ,Recherche et administration des preuves en procedure penal:
la quete de Graal de la verite,A. J. penal 2005,p. 261
٧٦
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
)(159
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺑﻳﻧﻣﺎ ﻳﻘرر اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ أﻧﻪ ” ﻻ ﻳوﺟد ﺑﻳن اﻟﻘواﻋد اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ﻣﺎ ﻳﺳﻣﺢ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ اﻟﺟزاﺋﻲ
اﺳﺗﺑﻌﺎد أدﻟﺔ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﻣﻘدﻣﺔ ﻣن اﻷﻓراد اﺳﺗﻧﺎداً ﻓﻘط إﻟﻰ أﻧﻪ ﻗد ﺗم اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑطرﻳﻘﺔ ﻏﻳر
ﻣﺷروﻋﺔ أو ﻟﻳﺳت ﻧزﻳﻬﺔ ،ﻓﺎﻟذي ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻟﻘﻳﺎم ﺑﻪ ﻫو ﺗﻘدﻳر اﻟﻘﻳﻣﺔ اﻟﺛﺑوﺗﻳﺔ ﻟﻬذﻩ
اﻷدﻟﺔ ﺑﻌد إﺧﺿﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﺧﺻوم”) .(١٦٠وﻗد ﻛﺎن اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻗد طﺑق
ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻹﺿﻔﺎء اﻟﻣﺷروﻋﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟﻣﺗﺣﺻﻝ ﺑواﺳطﺔ ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ .ﻓﻔﻲ
واﻗﻌﺔ ﻛﺎن ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ﻗد ﺳﺟﻝ ﻣﺣﺎدﺛﺔ دارت ﺑﻳﻧﻪ وﺑﻳن أﺣد اﻟﻣﺣﺎﻣﻳن اﻟذي رﻏب
ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ ،وﻗد ﺟرى ﺗﺳﺟﻳﻝ ﻫذﻩ اﻟﻣﺣﺎدﺛﺔ دون ﻋﻠم اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ،ﻓﺄﻋﻠﻧت
ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض ﺑداﻳﺔً ﺑطﻼن اﻹﺟراء) .(١٦١ﻟﻛن أﻣﺎم إﺻرار ﻏرﻓﺔ اﻻﺗﻬﺎم ﻋﻠﻰ أن اﻹﺟراء
ﺻﺣﻳﺢ ،ﻋﺎدت ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض ﻋن ﻗرارﻫﺎ اﻷوﻝ وﻗررت ﺻﺣﺗﻪ اﺳﺗﻧﺎدًا إﻟﻰ أن ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺗﺳﺟﻳﻝ ﻫو ذاﺗﻪ ﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ اﻟﺷروع ﺑﺟرﻳﻣﺔ اﻟرﺷوة اﻟذي ارﺗﻛﺑﻪ
اﻟﻣﺣﺎﻣﻲ ،وﺑﺻﻔﺗﻪ ﻣﺟﻧﻳﺎً ﻋﻠﻳﻪ ﻳﻣﻠك ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ ﻫذﻩ اﻟوﺳﻳﻠﺔ ﻣن أﺟﻝ
ﺑﻧﺎء اﻟدﻟﻳﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ وﻗﻌت ﺿدﻩ)،(١٦٢
وﻳﺗﺿﺢ ﻣﻣﺎ ﺗﻘدم أﻧﻪ ﻟﻳس ﻟﻣﺑدأ اﻟﻧزاﻫﺔ اﻟذي ﻫو ﻗﻳد ﻋﻠﻰ ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث
ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ،اﻟدور ذاﺗﻪ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺟري ﻫذا اﻟﺑﺣث ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ؛ ﺣﻳث ﻳﻣﻠك ﻫذا اﻷﺧﻳر
اﻟﻠﺟوء إﻟﻰ وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت ﻛﺎﻓﺔ ﻣن أﺟﻝ اﻟوﺻوﻝ إﻟﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﻋﻠﻰ وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواﺳﻧﺎدﻫﺎ إﻟﻰ
اﻟﻔﺎﻋﻝ ٕوان اﺗﺳﻣت ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﺑﻌدم اﻟﻧزاﻫﺔ ،وﻳﺳﺗﻧد ﻫذا اﻟﻘوﻝ إﻟﻰ ﻣﺟﻣوﻋﺔ أﺳﺑﺎب ،أﻫﻣﻬﺎ:
أوﻻً :ﻻ ﻳﻌد اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻣن إﺟراءات اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ،
ٍ
ﻗﺎض أو ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺑط
ﻓﺎﻟﻣﻘﺻود ﺑﺎﻹﺟراء ،ﻣن اﻟﻧﺎﺣﻳﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﺔ ،اﻟﻌﻣﻝ اﻟذي ﻳﻘوم ﺑﻪ
)(١٦٣
اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ .وﻳﺗﺣدد ﻣﻌﻧﻰ إﺟراءات اﻟﺗﺣﻘﻳق ” ﺑﺎﻟﺗﺣﻘﻳق اﻟرﺳﻣﻲ” ﺳواء أﻛﺎن أوﻟﻳﺎً أم اﺑﺗداﺋﻳﺎً
Crim. 30 mars 1999,D. 2000. 391,not GARE T. ; 11 juin 2002,D. 2003,chr. 1309.
Crim. 16 dec. 1997, B. C. no. 427.
Crim. 19 janv. 1999, B. C. no. 9.
Crim. 17 mars 1987,D. 1987,somm. 409.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(160
)(161
)(162
)(163
٧٧
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
أم ﻧﻬﺎﺋﻳﺎً ،ﻓﻬو ﻻ ﻳﺗﺿﻣن أﻋﻣﺎﻝ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻳﻘوم ﺑﻪ اﻟﺷﺧص اﻟﻌﺎدي؛ ﻟذا ﻓﺈن
ﻫذﻩ اﻷﺧﻳرة ﻻ ﻳطﺎﻟﻬﺎ اﻟﺑطﻼن ﺣﻳث ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻧظﺎم اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻠﺑطﻼن.
ﺛﺎﻧﻳﺎً :ﻻ ﻳﻌد ﻣﺎ ﻳﻘدﻣﻪ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء ﻣن أﺟﻝ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ وﻗﻌت
)(١٦٤
ﺿدﻩ دﻟﻳﻝ ،إﻧﻣﺎ ﻫو ﻣن ﻗﺑﻳﻝ اﻟدﻻﺋﻝ
اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﻘد إﻟﻰ اﻟﺻﻔﺔ اﻟرﺳﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻣﺗﻊ ﺑﻬﺎ
اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻫذﻩ اﻟﺻﻔﺔ اﻟﻣﺳﺗﻣدة ﻣن طﺑﻳﻌﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻛﻠﻔﺔ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ)(١٦٥؛ ﻟذا ﻓﺈن ﻋدم
ﻧزاﻫﺔ اﻟوﺳﻳﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗم ﺑواﺳطﺗﻬﺎ اﻟﺗﺣﺻﻝ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدﻻﺋﻝ ﻻ ﻳﻧﻬض ﺳﺑﺑﺎً ﻳﻣﻧﻊ ﺗﻘدﻳﻣﻬﺎ أﻣﺎم
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑدورﻫﺎ اﻟﻘﻳﺎم ﺑﺈﺧﺿﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟﻌﻠﻧﻳﺔ ﻣن ﻗﺑﻝ اﻟﺧﺻوم ،وﺗﺣﻛم
اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ ﺣﺳب ﻗﻧﺎﻋﺗﻬﺎ إذا أﻳدت ﻫذﻩ اﻟدﻻﺋﻝ أدﻟﺔ أﺧرى ﺗدﻋﻣﻬﺎ.
وﻳﺗﻌﻳن ﻋﻠﻳﻧﺎ اﻟﺗﻧﺑﻳﻪ إﻟﻰ ﺿرورة ﻋدم اﻟﺧﻠط ﺑﻳن ﻣﺎ ﻳﻌد ﻣﺣﻝ اﻟﺟرﻳﻣﺔ أو ﺟﺳﻣﻬﺎ اﻟذي
ﻳﻣﻛن أن ﻳﻘدﻣﻪ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻹﺛﺑﺎت وﻗوع اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،ﻛﺎﻟﺳﻧد اﻟﻣزور ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗزوﻳر ،أو
اﻟﺷﻳك ﻓﻲ ﺟرﻳﻣﺔ إﺻدار ﺷﻳك ﺑدون رﺻﻳد ،أو اﻟﺗﺳﺟﻳﻝ اﻟﺻوﺗﻲ ﻟﻘوﻝ ﻳﻣﺛﻝ ذﻣ ًﺎ أو ﻗدﺣﺎً أو
ﺗﺣﻘﻳ اًر ،واﻟدﻻﺋﻝ اﻟﺗﻲ ﻳﺳﻌﻰ ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ إﻟﻰ إﺛﺑﺎت إﺳﻧﺎد اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻟﻠﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ،
ﻓﻬذﻩ اﻷﺧﻳرة ﻫﻲ ﻓﻘط اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛﻝ ﻣوﺿوع ﺑﺣﺛﻧﺎ .ﻓﻣﺎ ﻗد ﻳﻛون إذن دﻟﻳﻼً ﻳﺻﻠﺢ ﻹﺛﺑﺎت وﻗوع
اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻗد ﻻ ﻳﻌد ﺳوى دﻻﺋﻝ ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻌﺎﻧﺔ ﺑﻬﺎ ﻹﺛﺑﺎت إﺳﻧﺎدﻫﺎ ﻟﻠﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ.
ﺛﺎﻟﺛﺎً :ﻳدﻋم اﻟﺳﺑﺑﻳن اﻟﻘﺎﻧوﻧﻳﻳن اﻟﻣﺗﻘدﻣﻳن ﺳﺑب آﺧر ﻣﺳﺗﻣد ﻣن ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ .ﻓﺈذا ﻟم
ﻳﻛن ﺛﻣﺔ ﻣﺎﻧﻊ ﻗﺎﻧوﻧﻲ ﻳﺣوﻝ دون ﻗﺑوﻝ ﻣﺳﺎﻫﻣﺔ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘﻊ
ﺿدﻩ ،ﻓﺈﻧﻪ ﺑﺎﻟﻣﻘﺎﺑﻝ ﻳﻣﻛن اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟدور اﻟذي ﻗد ﻳؤدﻳﻪ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻣن ﻧﺎﺣﻳﺔ ﺗذﻟﻳﻝ
Crim. 28 avril 1987,B. C. no. 173.
)(164
) (١٦٥ﺗﺿﻔﻲ اﻟﺻﻔﺔ اﻟرﺳﻣﻳﺔ ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ ﻗوة ﺛﺑوﺗﻳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ ﺗﻔﺗﻘدﻫﺎ اﻷدﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن أن
ﻳﻘدﻣﻬﺎ اﻷﻓراد اﻟﻌﺎدﻳون أﻣﺎم اﻟﻘﺿﺎء .ﻓﻬذﻩ اﻟﺻﻔﺔ اﻟرﺳﻣﻳﺔ ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ،ﻋﻠﻰ ﺳﺑﻳﻝ اﻟﻣﺛﺎﻝ،
ﻟﻠﻣﺣﻛﻣﺔ أن ﺗﺣﻛم ﺑﺎﻹداﻧﺔ اﺳﺗﻧﺎداً إﻟﻰ إﻓﺎدة اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺗﻲ ﻳؤدﻳﻬﺎ أﻣﺎم ﻣﺄﻣور اﻟﺿﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳﺔ ،وﻳﻌﺗرف ﻓﻳﻬﺎ ﺑﺎرﺗﻛﺎب اﻟﺟرﻳﻣﺔ إذا ﺗﺣﻘﻘت ﻓﻳﻬﺎ اﻟﺷروط اﻟﺗﻲ ﺗﺗطﻠﺑﻬﺎ اﻟﻣﺎدة ) (١٥٩ﻣن
ﻗﺎﻧون أﺻوﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺎت اﻟﺟزاﺋﻳﺔ.
٧٨
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
اﻟﺻﻌوﺑﺎت اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻌﺗرض ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ أدﻟﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ،وﻛﺄن
اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ اﻟذي ﻻ ﻳرى ﻓﻲ ﻋدم اﻟﻧزاﻫﺔ ﻣﺎﻧﻌﺎً ﻳﺣوﻝ دون ﻗﺑوﻝ اﻟدﻟﻳﻝ اﻟذي ﻳﻘدﻣﻪ
اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ﻳﻘوم ﻋﻠﻰ ﺳﺑب ﺿﻣﻧﻲ ﻣﻔﺎدﻩ أن إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻳﻘﺑﻝ ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﺛﻣن).(١٦٦
وﻳﺳﺗﻧﺑط ﺑﻌض اﻟﺷراح) ،(١٦٧ﻣن أﺣﻛﺎم اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻔرﻧﺳﻲ اﻟﻣﺗﻌددة اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻣﺢ ﺑﻘﺑوﻝ اﻟدﻟﻳﻝ
اﻟذي ﺗم اﻟﺗوﺻﻝ إﻟﻳﻪ ﺑوﺳﻳﻠﺔ ﻏﻳر ﻣﺷروﻋﺔ ،إﻟﻰ أن ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻧﻘض اﻟﻔرﻧﺳﻳﺔ ﺗﺿﻊ ﺛﻼﺛﺔ
)(١٦٨
ﻓﻲ اﻟدﻋوى ﻫو اﻟذي ﺗﺣﺻﻝ
ﺷروط ﻟﻘﺑوﻝ اﻟدﻟﻳﻝ:أوﻻً ،أن ﻳﻛون أﺣد اﻷطراف اﻟﺧﺎﺻﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ .ﺛﺎﻧﻳﺎً ،أﻻﱠ ﺗﻛون ﻋدم ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻋﻠﻰ درﺟﺔ ﻛﺑﻳرة ﻣن اﻟﺟﺳﺎﻣﺔ،
ﻓﻠﻳس ﻣﻘﺑوﻻً اﺳﺗﺧدام اﻟﻌﻧف ﻣﺛﻼً ﻓﻲ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟدﻟﻳﻝ .ﺛﺎﻟﺛﺎً ،ﻳﺗﻌﻳن اﺣﺗرام ﻣﺑدأ اﻟﻣواﺟﻬﺔ
اﻟذي ﻳﻘﺿﻲ ﺑﺎﻟﺳﻣﺎح ﻷطراف اﻟدﻋوى ﺑﻣﻧﺎﻗﺷﺔ اﻟدﻟﻳﻝ ،وﻻﺳﻳﻣﺎ ﺧﻼﻝ اﻟﻣﺣﺎﻛﻣﺔ.
وأﺧﻳ اًر ﻳﻣﻛن اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ﻓﻲ ﺣﺿرة اﻟﻣﺑرر اﻟﻣﺳﺗﻧد إﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻣﻌﺎﻗﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺟرﻳﻣﺔ
وﻣﺗطﻠﺑﺎت إظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻋن إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ أن ﻳﻘﺎس ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣﺑرر ﻟﺗﻣﻛﻳن اﻟﺿﺎﺑطﺔ اﻟﻌدﻟﻳﺔ
أﻳﺿﺎً ﻣن اﻟﺗﺣرر ﻣن واﺟب اﺣﺗرام اﻟﻧزاﻫﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ.
اﻟﺣق أن اﻟﻘوﻝ ﺑﻌدم ﺗﻘﻳﻳد أﻋﻣﺎﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧزاﻫﺔ ﻣن أﺟﻝ ﺗﺣﻘﻳق ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ أﻛﺑر ﻓﻲ
ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ٕواظﻬﺎر اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ ﻳﻧطوي ﻋﻠﻰ ﺧطورة ﻟﻳس ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن إﻏﻔﺎﻟﻬﺎ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﺑﺎﻹﻣﻛﺎن
ﻗﺑوﻝ ﻣﺛﻝ ﻫذا اﻟﻘوﻝ ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ ،ﻓﻸن اﻟﻣﺟﻧﻲ ﻋﻠﻳﻪ
ﻻ ﻳﻣﻠك أﻳﺎً ﻣن اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻘﺳرﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻠﻛﻬﺎ أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻓﻬذﻩ اﻷﺧﻳرة ﺗﻣﻠك اﻟﻘﻳﺎم
ﺑﺎﻟﻘﺑض واﻟﺗﻔﺗﻳش واﻟﺿﺑط…إﻟﺦ ،وﺟﻣﻳﻌﻬﺎ إﺟراءات ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻟﻘﺳر واﻹﺟﺑﺎر) ،(١٦٩اﻷﻣر اﻟذي
MOLINA E. , op. cit. ,p. 495,no. 476
PRADEL J. ,VARINARD A. , Liberte et loyaute de la preuve elements obtenus
par les plaignants ou partie civiles, in Les grands arrets du droit
criminel,Siery,4eme ed. ,2003,t. II, no. 16,p. 198.
)(166
)(167
) (١٦٨ﻳﻣﻛن اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ أن اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ أﻳﺿﺎً ﻏﻳر ﻣﻘﻳد ﺑﻣﺗطﻠﺑﺎت اﻟﻧزاﻫﺔ؛ ﺣﻳث إن ﻗرﻳﻧﺔ اﻟﺑراءة
ﺗﻣﻧﺢ اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺻﻣت ،واﻟﺣق ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻳﺟﻌﻝ اﻟﻣﺷﺗﻛﻰ ﻋﻠﻳﻪ ﻏﻳر ﻣﻠزم ﺑﻘوﻝ
اﻟﺣﻘﻳﻘﺔ.
AMBROISE-CASTEROT C. , op. cit. ,p. 267.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
)(169
٧٩
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻳﺗطﻠب أﻻ ﻳﺗﺟﺎوز اﺳﺗﺧدام ﻫذﻩ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻳﺿﻌﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧون ،وﻳﺗﻌﻳن ﻛذﻟك أن ﺗراﻋﻲ
اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻧزاﻫﺔ ﻋﻧد ﻣﺑﺎﺷرﺗﻬﺎ .ﻟﻛن ﻻ ﻳﻌﻧﻲ ﻫذا اﻟﻘوﻝ أن اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻌداﻟﺔ
دور
اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ﻟم ﺗﺗرك أﺛ اًر ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻓﻛﻣﺎ رأﻳﻧﺎ ،أن ﻟﻠﻧزاﻫﺔ ًا
ﻧﺳﺑﻳﺎً ﻳﺗواﻓق ﻣﻊ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ اﻟﻌداﻟﺔ اﻟﺟزاﺋﻳﺔ.
٨٠
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
ﺍﳋﺎﲤﺔ
ﺗرك اﻟﺗﻘدم اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﺗﻘﻧﻲ آﺛﺎ اًر ﻣﻬﻣﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻳﺔ اﻹﺛﺑﺎت .ﻓﻠــم ﻳﻌــد ﻳﻠﻘــﻰ ،ﻣــن ﺣﻳــث اﻟﻣﺑــدأ،
اﻋﺗراﺿﺎً ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺧدام اﻟﻌدﻳد ﻣن ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋﻝ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ ،وﺗــزداد اﻟﺣﺎﺟــﺔ ﻟﻬــذا
ﻼ ﻳﻬــدد أﻣــن اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ
اﻻﺳــﺗﺧدام ﻣــﻊ ازدﻳــﺎد ﻋــدد اﻟﺟـراﺋم ،ﺧﺻوﺻـﺎً ﺗﻠــك اﻟﺗــﻲ ﺗﻣﺛــﻝ ﺧطـ اًر ﺷــﺎﻣ ً
ﺑﺄﺳرﻩ.
ٕواذا ﻛــﺎن ﻣﺑــدأ ﺣرﻳــﺔ اﻹﺛﺑــﺎت ﻳﻣﺛــﻝ ،ﻋﻠــﻰ اﻷﻗــﻝ ﻣــن اﻟﻧﺎﺣﻳــﺔ اﻟﻧظرﻳــﺔ ,اﻷﺳــﺎس اﻟــذي ﻳﻣﻛــن
اﻻﺳﺗﻧﺎد إﻟﻳﻪ ﻟﻺﻓﺎدة ﻣن اﻻﻛﺗﺷﺎﻓﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت ،ﻓﺈن اﻟﺗﺳﺎؤﻝ ﺣوﻝ اﻟﺣدود اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌــﻳن
أن ﺗﻘ ــف ﻋﻧ ــدﻫﺎ ﻫ ــذﻩ اﻟﺣرﻳ ــﺔ أﺻ ــﺑﺢ ﺗﺳ ــﺎؤﻻ ﻣﻠﺣـ ـﺎً؛ ﺣﻳ ــث إن اﻟﻠﺟ ــوء إﻟ ــﻰ اﺳ ــﺗﺧدام اﻟﻌدﻳ ــد ﻣ ــن
اﻟوﺳــﺎﺋﻝ اﻟﻌﻠﻣﻳــﺔ ﻓــﻲ اﻹﺛﺑــﺎت ﻳﻘــوم ﻋﻠــﻰ إﻫــدار اﻟﻌدﻳــد ﻣــن ﺣﻘــوق اﻹﻧﺳــﺎن؛ ﻟــذا ﻓــﺈن ﻣﺻــﻠﺣﺔ
اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ اﻷﻛﻳــدة ﻓــﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣــﺔ اﻟﺟ ـراﺋم ﺗﻌﺗرﺿــﻬﺎ ﺿــرورة اﻟﻣﺣﺎﻓظــﺔ ﻋﻠــﻰ ﺣﻘــوق اﻷﻓ ـراد ،اﻷﻣــر
اﻟذي ﻳطرح ﺿرورة إﻳﺟﺎد اﻟﺗوازن ﺑﻳن ﻫذﻩ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﺎرض ﻓﻲ اﻟﻛﺛﻳر ﻣن اﻷﺣﻳﺎن.
وﻟم ﻳﻌد ﻳﻛﻔﻲ أﻣﺎم ﺿرورة ﺗﺣﻘﻳق اﻟﺗواﻓق اﻟﻣﻧﺷود اﻟﺗﺣﺻن ﺧﻠف اﻟﻘوﻝ ﺑﺄن ﺣرﻳﺔ اﻹﺛﺑــﺎت
ﺗﺣﻛﻣﻬﺎ ﻣﺷروﻋﻳﺔ اﻟدﻟﻳﻝ.
ﻓــﺈذا ﻛــﺎن ﻳﺟــري إﺛﺑــﺎت اﻟﺟ ـراﺋم ،ﺑﺣﺳــب اﻷﺻــﻝ ،ﺑوﺳــﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑــﺎت ﻛﺎﻓــﺔ ،وﺳــﺗﻐدو ﻋﻣﻠﻳ ـﺎً
ﻣﻛﺎﻓﺣــﺔ اﻟﺟرﻳﻣــﺔ ﻣﻬﻣــﺔ ﻣﺳــﺗﺣﻳﻠﺔ إذا ﺟــرى ﺗﺣدﻳــد ﺻــﺎرم ﻟﻸدﻟــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻳﻣﻛــن اﺳــﺗﺧداﻣﻬﺎ ،وﺳــﺗﻔﻘد
ﺑﺎﻟﻧﺗﻳﺟــﺔ اﻟﻌداﻟــﺔ اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ اﻟﻛﺛﻳــر ﻣــن ﻓﺎﻋﻠﻳﺗﻬــﺎ ،ﻓــﺈن ذﻟــك ﻳــؤدي إﻟــﻰ أﻧــﻪ ﻳﺻــﺑﺢ اﻷﺧــذ ﺑﻛــﻝ ﻣــﺎ
ﻳﺳﺗﺟد ﻣن وﺳﺎﺋﻝ ﻋﻠﻣﻳﺔ واﺳﺗﺧداﻣﻪ ﻓﻲ إﺛﺑﺎت اﻟﺟراﺋم ﻣﺳﺄﻟﺔ ﻣﺑررة .ﻏﻳــر أن ﻣﺷــروﻋﻳﺔ اﻟــدﻟﻳﻝ،
ﻓﻲ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ،ﻳﺟب أن ﺗؤدي دورﻫـﺎ ﻣــن ﻧﺎﺣﻳــﺔ ﺣﻣﺎﻳــﺔ ﺣﻘــوق اﻷﻓـراد وﺣرﻳــﺎﺗﻬم ،اﻷﻣــر اﻟــذي
ﻳﺟﻌ ــﻝ ﻣ ــن ﺿ ــرورة اﺣﺗـ ـرام ﺣﻘ ــوق اﻹﻧﺳ ــﺎن اﻟﺳ ــﺑب اﻷﻗ ــوى اﻟ ــذي ﻳﺳ ــﺗﻧد إﻟﻳ ــﻪ اﻟـ ـرأي اﻟـ ـراﻓض
ﻻﺳــﺗﺧدام اﻷدﻟــﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳــﺔ ﻓــﻲ اﻹﺛﺑــﺎت ،واﻟﺗﻧﻛــر ﻟﻬــذﻩ اﻟﺣﻘــوق ٕواﻫــدارﻫﺎ ﻫــو اﻻﻧﺗﻘــﺎد اﻷﻫــم اﻟــذي
ﻳﻣﻛن أن ﻳوﺟﻪ ﻟﻬذا اﻻﺳﺗﺧدام.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٨١
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
واﻟواﺟــب اﻟﻣﻠﻘــﻰ ﻋﻠــﻰ أﺟﻬـزة اﻟﻌداﻟــﺔ اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ ﻓــﻲ ﺣﻣﺎﻳــﺔ ﻣﺻــﺎﻟﺢ اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ ﻳﺣــﺗم ﻋﻠﻳﻬــﺎ أن
ﺗﺗزود ﺑوﺳﺎﺋﻝ ﻓﻌﺎﻟﺔ ﻟﺗﺣﻘﻳــق ﻫــذﻩ اﻟﻐﺎﻳــﺔ .واﻟﺣــق أﻧــﻪ ﻛﻠﻣــﺎ ازدات ﺧطــورة اﻟﺟرﻳﻣــﺔ ﻋﻠــﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣــﻊ
ازدادت اﻟﺣﺎﺟــﺔ إﻟــﻰ اﻟﻠﺟــوء ﻟﻠوﺳــﺎﺋﻝ اﻟﻔﻌﺎﻟــﺔ ،وﻋﻧــدﻣﺎ ﻳﺗﺿــﻣن ﻫــذا اﻟﻠﺟــوء إﻫــدا ار ﻟــﺑﻌض ﺣﻘــوق
اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺈن ذﻟك ﺳﻳﻛون ،ﻛﻣﺎ ﻳﺻﻔﻪ اﻟﺑﻌض ،ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﺧﺗﻳﺎر أﻗﻝ اﻟﺿررﻳن.
وﻗــد ﺗﺑــﻳن ﻟﻧــﺎ ﻣــن ﺧــﻼﻝ ﻫــذﻩ اﻟد ارﺳــﺔ ﻋــدم ﻛﻔﺎﻳــﺔ اﻟﺗﻣﺳــك ﺑﻣﺷــروﻋﻳﺔ اﻟــدﻟﻳﻝ ﻟﻠﺣﻳﻠوﻟــﺔ دون
وﻗــوع اﻻﻋﺗــداء ﻋﻠــﻰ ﺣﻘــوق اﻹﻧﺳــﺎن ﻋﻧــدﻣﺎ ﻳﻣﺛــﻝ ﻣﺛــﻝ ﻫــذا اﻻﻋﺗــداء ﺿــرورة ﺗﺑررﻫــﺎ ﻣﻛﺎﻓﺣــﺔ
اﻟﺟرﻳﻣــﺔ؛ ﻟــذا ﻳﺗﻌــﻳن أن ﻳﺧﺿــﻊ اﻟﺑﺣــث ﻋــن اﻟــدﻟﻳﻝ ﻟﻣﺑــدأ ﺗﺣﻛﻣــﻪ اﻷﺧــﻼق ،أي اﻟﻧ ازﻫــﺔ ،وﻫــذا
اﻟﻣﺑدأ ﻫو اﻟذي ﻳﺟب أن ﻳﺣﻛم ﻋﻣﻝ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ ،ﻟﻛﻧــﻪ ﻳﻛﺗﺳــب أﻫﻣﻳــﺔ
أﻛﺑر ﻋﻧدﻣﺎ ﻳﺗﻌﻳن ﺗطﺑﻳﻘﻪ ﻓﻳﻣﺎ ﻳﺗﻌﻠق ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻟﺗﻘﻧﻳﺎت اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ.
وﻳظﻬــر اﻟواﻗــﻊ اﻟﻌﻣﻠــﻲ أن ﺗﻘﻳﻳــد اﻟﺑﺣــث ﻋــن اﻟــدﻟﻳﻝ ﺑﺿــرورة ﻣ ارﻋــﺎة اﻟﻧ ازﻫــﺔ ذو ﺑﻌــد ﻧﺳــﺑﻲ،
ﻓﻳﺿﻳق اﻟﻘﻳد ﻛﻠﻣﺎ ظﻬرت اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ أﻛﺑر ﻓﻲ اﻟﺑﺣث ﻋن اﻟدﻟﻳﻝ.
وﺗﺗﺟﻠﻰ اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﺑﺷﻛﻠﻬﺎ اﻷوﺿﺢ ﻓﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟــﻲ اﻟــذي ﻳﻘــودﻩ ﻣوظﻔـو اﻟﺿــﺎﺑطﺔ
اﻟﻌدﻟﻳــﺔ .ﻓﻛﺛﻳـرة ﻫــﻲ اﻷﺳــﺑﺎب اﻟﺗــﻲ ﺗــدﻓﻊ ﻓــﻲ اﺗﺟــﺎﻩ اﻟﻘﺑــوﻝ ﺑﺎﻷدﻟــﺔ اﻟﺗــﻲ ﻳﺟــري ﺟﻣﻌﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻫــذﻩ
اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻹﺟراﺋﻳﺔ ٕوان اﺗﺳﻣت وﺳﺎﺋﻝ اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻳﻬﺎ ﺑﻌدم اﻟﻧزاﻫﺔ .ﻟﻛن ،وﻣﻊ ﺗﺳــﻠﻳﻣﻧﺎ ﺑــﺄن ﻫــذﻩ
اﻷﺳﺑﺎب ﺗﺟد أﺳﺎﺳﺎً ﻣﺗﻳﻧـﺎً ﻟﻬــﺎ ﻓــﻲ ﻓﺎﻋﻠﻳــﺔ اﻟﻌداﻟــﺔ اﻟﺟزاﺋﻳــﺔ ،ﻓــﺈن اﻟﺧﺷــﻳﺔ ﺗﺑﻘــﻰ ﻣﺎﺛﻠــﺔ ﻣــن ﺗﻌﺳــف
أﺟﻬزة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ إذا ﺗرك ﻟﻬﺎ ﻣطﻠق ﺗﻘدﻳر اﻟﻔﺎﻋﻠﻳﺔ ،اﻷﻣر اﻟذي ﻳﺛﻳر ﺑﺎﻟﺿرورة اﻟﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ
إﻋﺎدة ﺗﻧظﻳم ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳق اﻷوﻟﻲ.
واﻟﺣــق أن اﻟﺗﻧظــﻳم اﻟﻘــﺎﺋم ﻹﺟـراءات اﻟﺑﺣــث ﻋــن اﻷدﻟــﺔ ﻓــﻲ ﻣرﺣﻠــﺔ اﻟﺗﺣﻘﻳــق اﻷوﻟــﻲ ﻟــم ﻳﻌــد
ﻳﻠﺑﻲ ﺣﺎﺟﺎت اﻟواﻗﻊ اﻟﺣﺎﻟﻲ ،ﻓﺑﺣﺳب ﻣﺎ ﻧﻌﺗﻘد أن إﻋــﺎدة ﻫــذا اﻟﺗﻧظــﻳم ﻋﻠــﻰ أﺳــﺎس ﻣﺑــدأ اﻟﺗﻧﺎﺳــب
أﻛﺛر ﻣواءﻣﺔ ﻟﻠواﻗﻊ ﻣن ﺗﻧظﻳم اﻟﺑﺣث ﻋن اﻷدﻟﺔ اﻟذي ﻳﺗﺣدد ﺑﺣﺳــب ﻣــﺎ إذا ﻛــﺎن اﻟﺗﺣﻘﻳــق ﺗﺣرﻳـﺎً
ﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ إﻧﺎﺑﺔ ﻗﺿﺎﺋﻳﺔ.
أو اﺳﺗدﻻﻻً أو أﻧﻪ ﺗﺣﻘﻳق ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺟرم اﻟﻣﺷﻬود أو أﻧﻪ ﺗﺣﻘﻳق ً
٨٢
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
]د .ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ[
وﻳﻘﺗﺿــﻲ اﻟﺗﻧﺎﺳــب اﻟــذي ﻧــرى أن ﻳﺟــري ﺗﻧظــﻳم اﻹﺟ ـراءات اﺳــﺗﻧﺎداً إﻟﻳــﻪ اﻟﺳــﻣﺎح ﺑﺎﺳــﺗﺧدام
ﺑﻌض وﺳﺎﺋﻝ اﻹﺛﺑﺎت اﻋﺗﻣﺎداً ﻋﻠﻰ:
ﺟﺳﺎﻣﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻣن ﺣﻳث ﻣدى ﺧطورﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، وطﺑﻳﻌﺔ اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﻣن ﺣﻳث ﻣدى ﺻﻌوﺑﺔ إﺛﺑﺎﺗﻬﺎ ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﻘﻠﻳدﻳﺔ.اﻷﻣر اﻟذي ﻧﻌﺗﻘد ﺑﺄﻧﻪ ﺳﻳﺣﻘق ﻓﺎﻋﻠﻳﺔ أﻛﺑر ﻓﻲ ﻣﻛﺎﻓﺣﺔ ﻫذا اﻟﻘﺳم ﻣــن اﻟﺟـراﺋم .وﻳــؤدي ﻓــﻲ
اﻟوﻗت ذاﺗﻪ إﻟﻰ ﺗﻧظﻳم اﻟﻌدﻳد ﻣن اﻹﺟراءات اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ،ﻟﻛن اﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﻳﺛﻳــر
ﺟدﻻً ﻓﻲ ظــﻝ ﻏﻳــﺎب اﻟﺗﻧظــﻳم اﻟﻘــﺎﻧوﻧﻲ .وأي ﺗﻧظــﻳم ﻓــﻲ ﻫــذا اﻻﺗﺟــﺎﻩ ﻻﺑــد أن ﻳﺗﺿــﻣن ﻓــﻲ اﻟوﻗــت
ذاﺗــﻪ اﻟــﻧص ﻋﻠــﻰ اﻟﺿــﻣﺎﻧﺎت اﻟﺗــﻲ ﻳﺟــب ﻣراﻋﺎﺗﻬــﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳــﺑﺔ ﻟﻸﻓ ـراد اﻟﺧﺎﺿــﻌﻳن ﻟﻬــذا اﻟﻧــوع ﻣــن
ـداء ﻋﻠـ ــﻰ اﻟﺣﻘـ ــوق
إﺟ ـ ـراءات اﻟﺑﺣـ ــث ﻋـ ــن اﻟـ ــدﻟﻳﻝ ،وأﻻ ﻳﻘـ ــﻊ اﻟﻠﺟـ ــوء إﻟـ ــﻰ أﻛﺛـ ــر اﻹﺟ ـ ـراءات اﻋﺗـ ـ ً
واﻟﺣرﻳﺎت ،إﻻ ﺑﺈذن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﻳﺔ اﻟﺣﺎرس اﻟطﺑﻳﻌﻲ ﻟﻠﺣﻘوق واﻟﺣرﻳﺎت.
]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ[
]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ -ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ ١٤٣٤ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ [٢٠١٣
٨٣
]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ[
ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﳌﺮﺍﺟﻊ
أوﻻً :ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ:
-
أﺷرف ﺗوﻓﻳق ﺷﻣس اﻟدﻳن ،اﻟﺟﻳﻧﺎت اﻟوراﺛﻳﺔ واﻟﺣﻣﺎﻳﺔ اﻟﺟﻧﺎﺋﻳﺔ ﻟﻠﺣق ﻓﻲ
اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ.٢٠٠٦ ،
-
أﻋﻣﺎﻝ ﻣؤﺗﻣر اﻟﻬﻧدﺳﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ﺑﻳن اﻟﺷرﻳﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ،ﻛﻠﻳﺔ اﻟﺷرﻳﻌﺔ واﻟﻘﺎﻧون ،ﺟﺎﻣﻌﺔ
اﻹﻣﺎرات اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ،ﻣﺎﻳو .٢٠٠٢
-
ﺣﺳﺎم اﻷﺣﻣد ،اﻟﺑﺻﻣﺔ اﻟوراﺛﻳﺔ ،ﺣﺟﻳﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻹﺛﺑﺎت اﻟﺟﻧﺎﺋﻲ واﻟﻧﺳب ،ﻣﻧﺷورات
اﻟﺣﻠﺑﻲ اﻟﺣﻘوﻗﻳﺔ ،ﺑﻳروت ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ.٢٠١٠ ،
-
ﺣﺳﺎم اﻟدﻳن اﻷﻫواﻧﻲ ،اﻟﺣق ﻓﻲ اﺣﺗرام اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺧﺻوﺻﻳﺔ،
دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،د .ط.
-
ﻣﺣﻣد ﻳوﺳف ﻋﻠوان ،ﻣﺣﻣد ﺧﻠﻳﻝ اﻟﻣوﺳﻰ ،اﻟﻘﺎﻧون اﻟدوﻟﻲ ﻟﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ،اﻟﺟزء
اﻟﺛﺎﻧﻲ ،اﻟﺣﻘوق اﻟﻣﺣﻣﻳﺔ ،دار اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ ﻟﻠﻧﺷر واﻟﺗوزﻳﻊ ،ﻋﻣﺎن ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ.٢٠٠٧ ،
-
ﻣﺣﻣود ﻋﺑد اﻟرﺣﻣن ﻣﺣﻣد ،ﻧطﺎق اﻟﺣق ﻓﻲ اﻟﺣﻳﺎة اﻟﺧﺎﺻﺔ ،دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟوﺿﻌﻲ )اﻷﻣرﻳﻛﻲ ،اﻟﻔرﻧﺳﻲ ،اﻟﻣﺻري( و اﻟﺷرﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻳﺔ ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،د .ط.
-
ﻣﺣﻣود ﻣﺣﻣود ﻣﺻطﻔﻰ ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ
-
ﻣﺣﻣود ﻧﺟﻳب ﺣﺳﻧﻲ ،ﺷرح ﻗﺎﻧون اﻟﻌﻘوﺑﺎت ،اﻟﻘﺳم اﻟﺧﺎص ،دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﻳﺔ،
اﻟﻌرﺑﻳﺔ ،اﻟﻘﺎﻫرة ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺳﺎﺑﻌﺔ.١٩٧٥ ،
اﻟﻘﺎﻫرة ،اﻟطﺑﻌﺔ اﻟﺛﺎﻧﻳﺔ.١٩٨٧ ،
-
ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﻌوﺟﻲ ،ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟدﻋوى اﻟﺟزاﺋﻳﺔ ،ﻣؤﺳﺳﺔ ﻧوﻓﻝ ،ﺑﻳروت،
اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ.١٩٨٩ ،
٨٤
]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ[
]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ[
[ ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ.]د
ﻛﻠﻳﺔ، ﻧدوة ﺗﻘﻧﻳﺔ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت، إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ اﻹﻟﻛﺗروﻧﻳﺔ،ﻣﻌﺗﺻم ﺧﻣﻳس ﻣﺷﻌﺷﻊ
–
.٢٠١٠ ، ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻹﻣﺎرات اﻟﻌرﺑﻳﺔ اﻟﻣﺗﺣدة،اﻟﻘﺎﻧون
: ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻷﺟﻧﺑﻳﺔ:ﺛﺎﻧﻳﺎ
–
AMBROISE-CASTEROT, Recherche et administration des preuves en
procedure penale: la quete de la verite,A. J. pen. 2005,no. 7-8,p. 261.
AMBROISE-CASTEROT, La prevue: Une question de loyaute? ,A. J. pen.
2005.
ANCEL,Les problemes poses par l’application des techniques scientifiques
nouvelles au droit penal et a la procedure penale,Rapport aux journees francopolonaise,1966,p. 1.
BADINTER R. ,La protection de la vie privee contre l’ecoute electronique
clandestine,J. C. P. I. 2435.
BECOURT D. ,Reflexions sur le projet de la loi relative a la protection de la vie
privee,G. P. doc. ,201.
BOUZAT P. ,La loyaute dans la recherché des preuves,Melanges
Hugueney,Seiry 1964.
BLOND M. ,Les ruses et les artifices de la police au cours de l’inquete
preliminaire,J. C. P,1958,II,1419.
CHAVANNE A. ,La protection de la vie privee dans la loi du 17 juillet 1970,R.
S. C. ,1971,p. 631.
CONTE Ph. et DU CHAMBON P. ,Procedure penale,Armond Colin,4eme ed.
,2002.
DECOQ A. ,MONTREUIL J. ,BUISSON J. ,Le droit de la police,LITEC,2eme
ed. ,1998.
DELMAS-MARTY M. ,Proces penal et droit de l’homme,vers une conscience
europeenne,Puf,1992.
De VALKENEER C. ,Manuel de l’enquete penale,Larcier,3eme ed. ,2006.
FAGET J. ,Sociologie de la delinquance et de la justice penale,ERES,2005.
GARRAUD R. ,Traite theorique et pratique d’instruction criminelle et
procedure penale,SIERY,1902.
GUINCHARD S. ,BUISSON J. ,Procedure penale,LITEC,2eme ed. ,2002.
KOERING-JOULIN R. ,La dignite de la personne humaine en droit penal,in La
degnite de la personne humaine,ECONOMICA,1999.
LESCLOU V. ,MARSAT C. ,Du proces penal et du juge a propos des
empreintes genetiques. Dr. pen. ,1998,no. 6,p. 5.
LEVASSEUR G. ,Les methodes scientifiques de recherche de la verite, R. I. D.
P. ,1972,p. 347.
٨٥
[٢٠١٣ ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ١٤٣٤ ﺫﻭ ﺍﻟﺤﺠﺔ-]ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﺴﺎﺩﺱ ﻭﺍﻟﺨﻤﺴﻮﻥ
[]ﺍﻟﺴﻨﺔ ﺍﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﺸﺮﻭﻥ
[]إﺛﺑﺎت اﻟﺟرﻳﻣﺔ ﺑﺎﻷدﻟﺔ اﻟﻌﻠﻣﻳﺔ
–
MAISTRE Du CHAMBON P. ,La regularite des provocations policieres:
l’evolution de la jurisprudence,J. C. P. ,1989. I. 3422.
MERLE R. ,VITU A. ,Traite de droit criminel,T. 2,procedure penale, C. U. J. A.
S. ,4eme ed. 1984.
MOLINA E. ,La liberte de la prevue des infractions en droit francais
contemporain,PUAM,2001.
PORTERON C. ,Droit a l’information et procedure penale,These Nice, 2002.
PRADEL J. , Les dispositions de la loi no. 70-643 du 17 juillet 1970 sur la
protection de la vie privee, DALLOZ,1971-I-111.
PRADEL J. ,Procedure penale,CUJAS,10eme ed. 2001.
PRADEL J. , Un control tres strict des ecoutes telephoniques par la Cours de
Strasbourge,DALLOZ 2005,no. 26,juris. ,p. 1755.
PRADEL J. ,DANTI-JUAN M. ,Droit penal special,CUJAS,3eme ed. ,2004.
PRADEL J. ,VARINARD A. ,Les grands arrest du droit criminel, T2, SIERY,
1988.
RASSAT M-L. ,Procedure penale,PUF,2eme ed. ,1995.
SAINT-PIERRE F. ,Le guide de la defense penale,Dalloz,5eme ed. ,2007.
SURDE F. , Droit international et europeen des droit de l’homme,PUF, 4eme ed.
,1999.
SUSINI J. ,Place et porte du polygraphe dans la recherche judiciaire de la verite,
R. I. D. P. ,1972,p. 255.
VALETTE V. ,La personne mise en cause en matiere penal,L. G. D. J. ,2002.
[]ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ – ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻹﻣﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ
[]ﻣﺠﻠﺔ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
٨٦